ما هي المزايا التي تقدّرها أكثر لدى الأشخاص المقرّبين منك؟ قد تكون صفات اللطف أو المودة أو السخاء أو الإيثار أول ما يتبادر إلى ذهنك. ولكن ماذا عن العيوب التي تثير استياءك؟ للإجابة عن هذا السؤال غالباً ما تتبادر إلى أذهاننا صفة الأنانية لأنها هي التي تؤثر فينا أكثر من العيوب الأخرى.
عادة ما نتخيّل الشخص الأناني بصورة كاريكاتورية وهو يأخذ أكبر قطعة من الكعكة قبل الجميع، دون أن يراعي نصيب الأشخاص الآخرين. لكن في الواقع، قد يتميز الأشخاص الأنانيون أحياناً بسمات خفية وكامنة، يصعب كشفها، على الرغم من أنها مثيرة للانزعاج هي أيضاً.
تعرف إلى الفرق بين الأنانية والتمركز حول الذات
قد يمارس الأناني (Selfish) والشخص الذي يتسم بالتمركز حول الذات (Self-centered) السلوكيات والتصرفات نفسها في بعض الأحيان. لكن أحدهما لا ينفي الآخر. من الممكن جداً أن يكون المرء أنانياً ومتمركزاً حول ذاته في الوقت نفسه. توضح المعالجة النفسية سايا دي ماري (Saya Des Marais) هذا الأمر في مقال لها على موقع سايك سنترال (PsychCentral): "هناك فرق بسيط بين المفهومين في بعض الجوانب المهمة".
وفي حين يتصرف الشخص الأناني في معظم الأحيان للإضرار عمداً بالآخرين، وتحقيق استفادة شخصية، فإن الشخص المتمركز حول ذاته قد يكون منغمساً في التفكير في نفسه إلى درجة أنه لا يفكر في تأثير سلوكياته على الآخرين. تضيف المعالجة: "يمكن أن يشعر الشخص الذي يتسم بالتمركز حول الذات بالندم عندما يكتشف أنه تسبب في إيذاء شخص آخر".
سمتان للشخصية الأنانية
لا تقلق إذا كنت قد تصرفت بأنانية من قبل، فهذا لا يعني أنك مصنّف للأبد ضمن فئة الأشخاص الأنانيين في محيطك. فنحن جميعاً قد نكون أنانيين في بعض الأحيان. من المهم أن نذكّر في هذا السياق بأن التفكير في الذات أولاً مفيد أيضاً للعناية بالنفس، ولا سيّما على المستوى النفسي.
توضح المعالجة النفسية سايا دي ماري ذلك قائلة: "يتأرجح معظم الناس بين الأنانية المرَضية والإيثار المفرط، قد يتصرف المرء أحياناً لمصلحته الشخصية، لكنه قد يمارس أيضاً سلوكيات اجتماعية أو يؤْثر الآخرين على نفسه في بعض الأحيان". لكن ثمّة أسباب عديدة وراء الأنانية. يمكن أن تنبع من طبيعة التربية الأسرية التي تلقّاها الفرد أو ثقافته أو مجتمعه الذي نشأ فيه. وقد تكون الأنانية وراثية أيضاً أو من أعراض اضطرابات الشخصية.
لفهم تصرفات الأشخاص الأنانيين جيداً تلخص المعالجة والمحللة النفسية دايان بارث (Diane Barth) خصائصهم في مقال لها على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today)، وتحصرها في سمتين:
- الاهتمام الزائد والحصري بالذات.
- عدم مراعاة احتياجات الآخرين ومشاعرهم.
يدفع التمركز حول الذات الشخص الأناني على وجه التحديد إلى الاعتقاد أن نجاحات الآخرين وإنجازاتهم تكون على حسابه، وفقاً لما وضّحه الباحث في علم النفس المهني ستيفان فالك (Stefan Falk) في مقال له على موقع قناة سي إن بي سي. فإنه: "نظراً إلى أن الأناني يجد صعوبة في إدراك الفائدة من وراء تقديم الدعم للآخرين، فإنه يعتقد أن نجاحاتهم غير عادلة وناتجة عن استفادتهم من معاملة خاصة".
ولهذا السبب أيضاً يجد الأناني صعوبة في المشاركة والعطاء إلا إذا كان ذلك بالمقابل. كما يميل أيضاً إلى تجاهل عواطف الآخرين وإنكارها. وهذا ما يفسر ميله إلى التلاعب بالآخر لدفعه إلى الاعتقاد أن مشاعره غير مشروعة، أو الشعور بالذنب بسببها، وفقاً لتصريح المختص في علم النفس تيموثي ليغ (Timothy Legg) لموقع هاك سبيريت (HackSpirit).