رهاب النوم: لماذا قد يصبح الذهاب إلى الفراش مخيفاً للبعض؟

5 دقيقة
رهاب النوم
shutterstock.com/N Universe

ملخص: رهاب النوم هو الخوف الشديد من النوم الذي قد يعوق حياة الشخص على نحو كبير؛ إذ قد يعاني المصاب به الخوف والقلق، إلى جانب أعراض جسدية مثل تسارع دقات القلب وصعوبة التنفس. ومن أسباب هذه الحالة الإصابة باضطرابات النوم، واضطرابات القلق، والعوامل الوراثية والبيئية، وبعض الحالات الطبية. وقد يؤثر استمرار معاناة الأشخاص رهاب النوم في الصحة الجسدية والنفسية، ويزيد خطر الإصابة بأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، واضطرابات القلق والاكتئاب. وتوجد استراتيجيات فعالة للتغلب على رهاب النوم؛ مثل وضع موعد ثابت للنوم والاستيقاظ حتى في أيام العطلات، وممارسة أنشطة الاسترخاء قبل النوم مثل تمارين التأمل والتنفس واليقظة الذهنية، وتهيئة بيئة نوم مريحة بالحرص على جعل غرفة النوم هادئة مظلمة وحرارتها مناسبة، وتجنب تناول المنبهات قبل النوم، واتباع نظام غذائي صحي إلى جانب تقليل شرب السوائل قبل النوم، وممارسة الرياضة بانتظام للحد من القلق والتوتر.

هل شعرت في إحدى المرات بينما تهم بالذهاب إلى الفراش بعد يوم متعب ومرهق، بالفزع والقلق الشديد، وازدياد ضربات قلبك وتسارع أنفاسك؛ حيث يتدفق الأدرينالين في خلايا جسدك المنهك كلها لتشعر باليقظة مجدداً؟ قد يكون ما تشعر به هو رهاب النوم.

يعد رهاب النوم (Somniphobia)، خوفاً شديد من النوم. يمكن أن يؤدي استمراره وعدم علاجه إلى الحرمان المزمن من النوم، وتزايد خطر الإصابة بالعديد من المشكلات النفسية والجسدية؛ ما يعوق حياة الشخص على نحو كبير.

نستعرض في هذا المقال الأسباب المحتملة لمقاومة بعض الأشخاص الذهاب إلى الفراش، ونستكشف الأعراض المرافقة لرهاب النوم، وعوامل الخطر، واستراتيجيات إدارة القلق والخوف المرتبطين بهذا الرهاب التي تساعد على التخلص منه.

اقرأ أيضاً: ما أسباب ظاهرة تسويف النوم؟ وكيف تتغلب عليها؟

رهاب النوم: عندما يصبح الذهاب إلى الفراش أمراً مخيفاً

يعاني المصابون برهاب النوم قلقاً وخوفاً شديدَين عند التفكير في الذهاب إلى الفراش، وتنتابهم أفكار مستمرة حول مخاطر النوم، فيشعرون بالهلاك الوشيك، ويخشون أن يموتوا في أثناء نومهم، على الرغم من معرفتهم أن هذه المخاوف غير منطقية. وقد يشعرون بضيق الصدر وتتسارع أنفاسهم وضربات قلوبهم أو يشعرون بالغثيان وبرودة الأطراف أو التعرق والوخز والارتعاش. ويمكن أن يتفاقم شعورهم بالانفصال عن الواقع؛ إذ قد يبدو لهم أنهم يعيشون تجربة خيالية.

وتزداد هذه الأعراض بالقرب من موعد النوم؛ ما يدفعهم إلى تأخير وقت النوم. وقد يواجه الأطفال الذين يعانون رهاب النوم نوبات متكررة من البكاء والغضب، ولا يتمكنون من النوم في غرفهم بمفردهم ويستيقظون بصفة متكررة.

يمكن أن يتسبب استمرار معاناة الأشخاص رهاب النوم في تفاقم آثار الحرمان من النوم، وزيادة مخاطر السقوط، وحوادث السيارات، والإصابات، إلى جانب الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية؛ مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض الكلى والتهاب المفاصل، والصداع النصفي، واضطرابات الغدة الدرقية، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، والسكتة الدماغية، والبدانة، وأيضاً تزايد خطر الإصابة بمشكلات نفسية؛ مثل اضطرابات القلق والاكتئاب واضطرابات المزاج.

اقرأ أيضاً: عيناك تريدان النوم لكن عقلك يرفض؟ إليك الحل

لماذا قد يخشى بعض الأفراد الذهاب إلى الفراش؟

لا يُعرف السبب الدقيق لرهاب النوم؛ إذ قد يرجع خوف الأشخاص المفرط من النوم إلى خشيتهم فقدان السيطرة، أو عدم قدرتهم على البقاء يقظين، وتجنب الكوابيس التي تأتيهم في أثناء نومهم. ومن العوامل التي يمكن أن تسهم في زيادة خطر الإصابة به:

  1. اضطرابات النوم: تزيد احتمالية الإصابة برهاب النوم لدى الشخص الذي يعاني مشكلات أخرى متعلقة بالنوم (Sleep Parasomnias)؛ مثل شلل النوم، أو الكوابيس المتكررة، أو المشي في أثناء النوم، أو الرعب الليلي.
  2. اضطرابات القلق: يمكن أن يزيد اضطراب القلق العام، واضطراب ما بعد الصدمة، والحالات الأخرى المرتبطة بالقلق، احتمالية الإصابة برهاب النوم. فمثلاً؛ يعاني المصابون باضطراب ما بعد الصدمة عادة فرط اليقظة والكوابيس واضطرابات النوم الأخرى؛ ما يجعلهم أكثر عرضة إلى الإصابة برهاب النوم.
  3. العوامل الوراثية والبيئية: يمكن أن يؤدي وجود تاريخ عائلي للإصابة باضطرابات النوم أو الرهاب إلى زيادة خطر الإصابة برهاب النوم. كذلك قد تُفاقم التجارب الحياتية الضاغطة والصدمات أو البيئات المجهدة مشكلات النوم.

يؤكد الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، إنه ضغوط الحياة، وتراكمات العمل، أو المشكلات الأسرية أو الاجتماعية، قد تؤدي إلى اتباع عادات غير صحية مثل الإفراط في تناول المواد المنشطة والمنبهات ومنها الكافيين، خاصة إذا كان لدى الأفراد حس عالٍ بالانضباط والحرص والمسؤولية، وكانوا يسعون إلى المثالية في جوانب حيواتهم جميعها؛ ما يُفاقم الشعور بالخوف والقلق والتوتر؛ ومن ثم يزيد خطر الإصابة برهاب النوم.

  1. الحالات الطبية: قد تفاقم معاناة الأشخاص حالات جسدية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، الشعور بالقلق والأرق؛ ما يزيد الخوف من النوم.

اقرأ ايضاً: هل تعاني انخفاض جودة النوم؟ هذه السمة الشخصية قد تكون السبب

6 استراتيجيات فعالة للتغلب على رهاب النوم

يمكن للأفراد الذين يعانون رهاب النوم التغلب على خوفهم، وتحسين جودة نومهم، وتعزيز شعورهم بالراحة، من خلال مزيج من الاستراتيجيات التي تتضمن تغييرات نمط الحياة، والعلاجات النفسية أو الدوائية؛ مثل:

  1. ضع جدول نوم ثابت: حاول قدر الإمكان أن تتعرض إلى الضوء الطبيعي في أثناء النهار، وتذهب إلى الفراش وتستيقظ في الوقت نفسه كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع؛ فهذا سيساعدك على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية لجسمك، ويسهل عليك النوم ليلاً. مع مراعاة تجنب القيلولة الطويلة في أثناء النهار؛ لأنها يمكن أن تصعّب النوم ليلاً. وإذا كنت بحاجة إلى راحة خلال اليوم، فاجعلها قصيرة تتراوح من 20-30 دقيقة وفي وقت مبكر من اليوم.
  2. مارس أنشطة مريحة تساعد على الاسترخاء قبل وقت النوم: انخرط في أنشطة هادئة قبل موعد نومك؛ مثل القراءة أو الاستماع إلى الموسيقا الهادئة، أو ممارسة تمارين التأمل، والتنفس العميق. ويمكن أن يسهم تدوين مخاوفك أو أفكارك قبل النوم في تصفية ذهنك وتقليل القلق المرتبط بالنوم. كذلك قد يساعد الاستحمام بماء دافئ على إرخاء عضلاتك وإرسال إشارة إلى جسمك بأنه حان وقت الراحة. وبإمكانك ممارسة تمارين تمدد لطيفة، أو اليوغا التي قد تسهم في تقليل التوتر البدني، وتعزز شعورك بالاسترخاء.
  3. اجعل غرفة النوم للنوم فقط: استخدم غرفة نومك لغرض النوم وحسب، وليس مشاهدة التلفاز أو العمل، ولا تدخل إلى السرير إلا عندما تكون متعباً. فإن لم تغفُ خلال 15 دقيقة، انتقل إلى غرفة أخرى، وافعل شيئاً يبعث على الاسترخاء.
  4. أعد بيئة نوم مريحة: تساعدك غرفة النوم المريحة والهادئة على الحصول على نوم عميق ومنتظم. لذا؛ تأكد أن الفراش والوسائد مريحة، واحرص على أن تكون درجة حرارة الغرفة مناسبة، والأضواء مقفلة، ولا توجد ضوضاء حولك. ويمكنك ارتداء غطاء العين أو سدادات الأذنين، إذا اضطررت إلى ترك الأضواء مفتوحة، أو عند وجود ضجيج حولك.
  5. تجنب المحفزات والمنشطات قبل موعد النوم: توقف عن متابعة أي مهام خاصة بالعمل؛ مثل تفقد رسائل البريد الإلكتروني قبل اقتراب نومك. وتجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية؛ مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، ومشاهدة التلفاز، قبل ساعة على الأقل من موعد النوم؛ حيث يمكن أن يعوق الضوء الأزرق المنبعث من هذه الأجهزة إنتاج الجسم للميلاتونين بمقدار كافٍ، ويعطل دورة نومك. أيضاً، قلل تناول المنشطات مثل الكافيين والشيكولاتة والنيكوتين والكحول، في الساعات التي تسبق موعد النوم؛ لأنها قد تصعب قدرتك على النوم وتؤدي إلى تدهور جودته.
  6. تناول وجبات صحية متوازنة وحافظ على نشاط بدني منتظم: اتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، وتجنب الوجبات الدسمة أو الغنية بالتوابل قبل النوم فهي قد تسبب الشعور بعدم الراحة. ويمكنك أن تجرب تقليل تناول السوائل في المساء لمنع كثرة الذهاب إلى الحمام ليلاً؛ ما قد يعطل النوم. وفي السياق نفسه، يساعدك الانخراط في ممارسة التمارين الرياضية بانتظام على تقليل التوتر والقلق؛ ما يسهل عليك النوم. لكن تجنب ممارسة التمارين الرياضية القوية قبل النوم بفترة كافية.

اقرأ أيضاً: تقنية عسكرية تساعدك على النوم خلال دقيقتين

إذا كنت لا تزال تواجه مشكلات في النوم تعوق مهامك اليومية، تحدث إلى طبيبك النفسي؛ حيث يمكن أن يساعدك بالعلاج المعرفي السلوكي على معالجة القلق والخوف الكامنين وراء رهاب النوم، أو قد تحتاج إلى تناول دواء نفسي أو أعشاب مهدئة.