ماذا تعرف عن تمرين شولتز لتهدئة التوتر المزمن؟

3 دقائق
شولتز
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: عندما يكون التوتر تفاعلاً مع المفاجآت والطوارئ التي تظهر في حياتنا اليومية فإنه يؤدي الدور الإيجابي المنوط به؛ لكن عندما يصبح ردَّ فعل مزمناً فإن التخلص منه يستدعي تدخلاً علاجياً ضرورياً، فإليك إذاً تقنية فعّالة تساعد على ذلك. ماذا تعرف عن تمرين شولتز لتهدئة التوتر المزمن؟

وظيفة التوتر الأولى هي حمايتنا من تداعيات الأمور الطارئة؛ لكنه إذا ظهر عند أيّ ضغط نشعر به، يصبح مؤذياً وفقاً للمختص في علم النفس السريري والسوفرولوجيا برنارد إيتشيليكو (Bernard Etchelecou)، علما أن الدكتور جوهانس شولتز (Johannes Schultz) اكتشف العلاج المضاد له في القرن العشرين.

ما هو التوتر المزمن؟

التوتر في شكله العرَضي والحادّ ضروري؛ لأن هذه الآلية التي اكتشفها الطبيب الكندي هانز سيلي (Hans Selye) تُمكّن الجسم من التكيف في حال حدوث أيّ تغيير مفاجئ في البيئة التي نعيش فيها. وعند ظهور أي طارئ (خبر غير سارّ أو تحذير إلى غير ذلك) أو موقف جسيم (فترة الامتحانات أو الانتقال إلى منزل جديد) يشغّل جهازنا العصبي نظام "التأهب"، فيُنتج نواقل عصبية ويفرز هرمونات من بينها الأدرينالين والكورتيزول تمكّننا من التصرف بحكمة. وبمجرد زوال مصدر الخطر يهدأ الجسم البشري، وتسترجع نبضات القلب والتنفس والضغط الدموي مستوياتها الطبيعية.

ولا يكون التوتر "مضعِفا" للمصاب إلا في حالة التوتر المزمن وفقاً لمؤسسة أبحاث الدماغ التي توضح أنه: "ينتُج من التعرض الطويل الأمد والمتكرر للعامل المسبب للتوتر الذي يجعل الشخص المعرّض له في حالة "تأهب" مستمر، فيفرز الهرمونات دون انقطاع أو استراحة للجسم؛ ما قد يؤدي إلى تعرُّضه للإعياء". ويصبح الشخص الذي يعاني هذا النوع من التوتر دائم الحذر بينما يستنزف التعب طاقته.

أصبحت نتائج هذا التفاعل المفرط معروفة؛ حيث إنه يؤدي إلى اختلالات:

  • فيزيولوجية: ضعف المضادات المناعية واضطرابات في القلب والأوعية الدموية.
  • جسدية: تعب وهياج.
  • إدراكية: مشكلات في التركيز والذاكرة.
  • نفسية: قلق واكتئاب.
  • سلوكية: عدوانية وانطواء وانعزال.

تعرف إلى تمرين شولتز للحد من التوتر

في بداية القرن العشرين، ابتكر الطبيب النفسي الألماني يوهانس هنريش شولتز (Johannes Heinrich Schultz) طريقة للحد من هذا التفاعل المقلق سمّاها "تدريب التحفيز الذاتي" (le training autogène). يوضح المختص في علم النفس السريري برنارد إيتشيليكو: "هذه التقنية المستخدمة في العلاج النفسي والسوفرولوجيا والاسترخاء، والمستعملة كذلك من قبل بعض المعالجين النفسيين ومختصي العلاج الطبيعي، تتيح إمكانية "الانفصال" عن العالم الخارجي لتجديد طاقة الفرد والاسترخاء الجسدي؛ ومن ثَمّ تحقيق الاسترخاء النفسي أيضاً".

ويتطلب تدريب التحفيز الذاتي (TAS) من الفرد استحضار أحاسيسه الجسدية الممتعة والمفيدة والمريحة؛ أي تلك التي يشعر بها عادة عندما يكون مسترخياً. "ويسمح تنشيط أحاسيس الراحة النفسية بتقليل الضغوط الفيزيولوجية، وبخاصة العضلية والقلبية والتنفسية التي تطلق آلية التوتر". ويعمل هذا التحفيز مثل قاطع التيار الكهربائي عندما يظهر عامل الضغط أو أدنى خلل دون سابق إنذار.

كيف يمكنك تطبيقه؟

الهدف من هذا التدريب إذاً هو تعلُّم كيفية الاسترخاء. يركز المريض، جالساً أو مستلقياً، على توجيهات المعالج التي ستقوده إلى استرخاء جسدي.

"يمتثل المرضى لتوجيهات المعالج في 6 مراحل؛ إذ يطلب منهم أولاً تخيّل إحساس بثقل الذراعين والساقين لتهدئة الجهاز العضلي، ثم تخيّل شعور بالحرارة بعد ذلك من أجل تحسين الدورة الدموية. بعد ذلك، يدعو المرضى إلى التركيز على نبضات القلب البطيئة والمنتظمة من أجل زيادة الشعور بالراحة.

وتخصَّص المرحلة الرابعة للتنفس؛ حيث يتعين على المريض أن يكون واعياً به دون أن يسعى إلى تبطيئه أو تسريعه،

ثم يقترح المعالج بعد ذلك التركيز على الضفيرة الشمسية، وهي مجموعة من الشبكات العصبية بين عظمة القص والسّرة، مسؤولة عن أحاسيس الراحة في الجسم. وفي النهاية، يُطلب من المرضى تخيّل الإحساس بالانتعاش على مستوى الجبهة للحفاظ على الصفاء الذهني في أثناء عملية الاسترخاء". ويجري تجديد الاتصال بالعالم الخارجي من خلال عمليات تنفس منشّطة وحركات انحناء وتمدّد.

"يكيف المعالجون أساليبهم وفقاً لتفاعلات المريض، فإذا أحسّ مثلاً بالخفة في أثناء الاسترخاء، فإن هذا الإحساس سيدمج في الجلسة التي تستمر عموماً ساعة واحدة منها 30 دقيقة لممارسة التدريب". ويتدرّب المرضى في حياتهم اليومية على ضبط تقنية الاسترخاء الذاتي التي تشكل "الدورة الأولى" في تدريب التحفيز الذاتي، ثم يمكنهم بعد ذلك الانخراط في "الدورة الثانية" التي بَلورها شولتز.

"يجب أن يشرف على هذا العلاج الأعمق في الدورة الثانية مهنيون مدربون جيداً؛ لأنه يقترب من ممارسة العلاج النفسي ويعتمد على تقنيات الصور الذهنية، ويركز على مؤشرات أوسع تشمل المشكلات النفسية المرضية (الاكتئاب والاضطرابات العصبية إلى غير ذلك). وفي انتظار ذلك، يبقى الحلّ هو إفساح المجال للأحاسيس التي تخفف التوتر!

المحتوى محمي