تعمدت بعد إسناد مهمة كتابة هذا المقال لي أن أستيقظ مبكراً عن المعتاد صباح اليوم لألمس الفرق الذي يعيشه من ينامون مبكراً ويستيقظون مبكراً، والحقيقة أن الثمن يستحق؛ فالشوارع لم تكتظ بعد بالمارة والسيارات والهواء ما زال نقياً، ما مكنني من إجراء جولة ممتعة أسهمت في رفع حالتي المزاجية.
يبدو أن التأثير الذي عشته اليوم مؤكد؛ فقد أشارت إليه دراسة علمية حديثة أوضحت نتائجها أن الأشخاص الذين يحبون السهر لساعات متأخرة من الليل أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، لكن كيف نفهم تفاصيل هذه النتيجة؟ وما هي الحلول العملية التي يمكن اتباعها للتخلص من عادة السهر؟ الإجابة في السطور القادمة.
لماذا يرتبط السهر بارتفاع احتمالية الإصابة بالاكتئاب؟
أجرت جامعة سري البريطانية (University of Surrey) دراسة علمية نشرتها مجلة "بلوس ون" (PLOS ONE) العلمية في مارس/آذار 2025 ضمت ثلاث مجموعات؛ الأولى لأشخاص يستيقظون مبكراً والثانية لأشخاص يحبون السهر، أما الثالثة فتضم أفراداً ينامون ويستيقظون في مواعيد متوسطة، وذلك بهدف رصد تأثير السهر في الصحة النفسية والقدرات المعرفية.
وكانت النتائج أن الأشخاص الذين يسهرون حتى وقت متأخر لوحظت لديهم أعراض الاكتئاب بدرجة أعلى من الآخرين، إلى جانب معاناتهم اجترار الأفكار السلبية قبل النوم أو بعد الاستيقاظ، مع مواجهاتهم صعوبات في التأقلم مع الدراسة أو العمل نتيجة حاجتهم للنوم في وقت أبكر، ما يوصلهم في نهاية المطاف إلى تدهور صحتهم النفسية عموماً.
ليس هذا فقط فقد وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يستيقظون مبكراً ترتفع لديهم القدرة على التصرف بوعي، وتجنب إصدار الأحكام بناءً على الأفكار والمشاعر سواء كانت إيجابية أو سلبية، إلى جانب تمكنهم من تسمية تلك المشاعر والأفكار.
اقرأ أيضاً: ما أسباب ظاهرة تسويف النوم؟ وكيف تتغلب عليها؟
6 إرشادات للتخلص من عادة السهر
يشير استشاري الطب النفسي عبدالله أبو عدس إلى أن السهر يؤثر في نشاط الدماغ، فالشخص الذي ينام متأخراً يرسل دماغه إشارات أقل إلى المناطق المخصصة للإدراك والوعي، ما يؤدي إلى معاناته ضعفاً في التركيز وبطئاً في ردود الفعل، وحتى تكون في مأمن من هذه الآثار الضارة، إليك مجموعة من الإرشادات الفعالة التي ستساعدك على التوقف عن السهر:
- اجعل عينيك تستقبل أشعة الشمس في الصباح الباكر، فهذه العادة ستعمل على تغيير دورة نومك وتجعلك تشعر بالنعاس في وقت أبكر، وفي حال إقامتك بمدينة طقسها غائم فكر في شراء صندوق ضوء يساعدك على تحقيق النتيجة نفسها.
- ثبت موعد نومك واستيقاظك حتى في أيام الإجازة حتى لا تضطرب ساعتك البيولوجية وتضطر جاهداً إلى تعديلها بصورة متكررة، لكنك ستحتاج في البداية إلى تعديل موعد نومك بالتدريج حتى تنام وتستيقظ في موعد يسهم في عيشك نمط حياة صحياً.
- تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل النوم بوقت كاف، مثل: القهوة ومشروبات الطاقة، واستعض عنها ببعض مشروبات الأعشاب، مثل شاي زهرة البابونج الذي سيجعلك تشعر بالنعاس.
- توقف عن استخدام الشاشات قبل النوم بنصف ساعة على الأقل؛ لأن الضوء الصادر منها سيجعل استغراقك في النوم أصعب.
- مارس الرياضة حتى تستفيد من أثرها في تحسين جودة نومك، ولا يعني ذلك بالضرورة أن تشترك في نادٍ رياضي؛ إنما يكفيك المشي نصف ساعة يومياً، فقط احرص على أن تنتهي من التمرين قبل النوم بأكثر من ساعة.
- اجعل بيئة نومك مثالية بأن تكون درجة حرارة غرفة النوم تتراوح بين 16 و18 درجة مئوية، إلى جانب تجهيز السرير بمرتبة طبية ووسادة مريحة، وعزل المكان عن الضوضاء قدر الإمكان.
اقرأ أيضاً: قلق النوم: اضطراب نفسي أم مجرد أفكار مزعجة؟