العلم ينصحك: افخر بأطفالك لتزيد ثقتهم بأنفسهم وترضى عن حياتك

8 دقائق
التعبير عن الفخر
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

عاد اليوم طفلي الصغير من المدرسة وأخبرني أنه نجح بإحدى المواد محققاً الدرجة النهائية، احتضنته وأخبرته أني فخورة به للغاية، حتى لو لم يحقق ذلك النجاح الكبير، والحقيقة هي أني أحاول قدر الإمكان مدّ أطفالي بالكثير من الحب والفخر أيضاً، كنت أفعل ذلك من أجلهم، حتى اكتشفت أن شعوري ناحيتهم بالفخر يحسّن حالتي النفسية؛ حيث أكدت دراسة بحثية حديثة أجرتها جامعة روتشستر الأميركية (University of Rochester)، ونشرتها مجلة علم النفس الاجتماعي وعلوم الشخصية (the journal Social Psychological and Personality Science) في أبريل/نيسان 2025 أن الفخر بأبنائك يسهم في زيادة مشاعر الرضا، ويقوي علاقتك بهم، فما هي أهم تفاصيل الدراسة؟ الإجابة عبر المقال.

دراسة حديثة تكشف أن الفخر بالأبناء يعزز صحتك النفسية

كشفت الدراسة البحثية السابق ذكرها، أن الشعور بالفخر تجاه الأطفال يمكن أن يعزز صحة الوالدين النفسية بصورة كبيرة، ووجدت نتائج الدراسة أن هذه المشاعر الإيجابية تسهم في زيادة الرضا عن الحياة، وتقوّي الروابط بين الوالدين والطفل، وقد أجرى فريق البحث سلسلة من التجارب شملت نحو 900 والد لدراسة كيفية تأثير شعورهم بالفخر في حياتهم وصحتهم النفسية.

وغالباً ما يشعر الوالدان بالفخر عندما يُنجز طفلهم نجاحاً دراسياً، أو حين يحقق شيئاً مذهلاً وغير متوقع على الإطلاق، ويمكن القول إن الإحساس بالفخر يؤثر عميقاً في صحة الوالدين النفسية، وذلك لأنه يجعل حياتهم أكثر سعادة ومعنى وثراءً بالتجارب، علاوة على ذلك، فإن ثمة رابطاً بين الشعور بالفخر ومفهوم الأبوة والأمومة نفسياً، إذ يحس الآباء والأمهات أن هناك رابطاً عميقاً يجمعهم بأطفالهم، وأن هذه التجربة التي تجمعهم معاً ثرية للغاية.

وأوضح الباحث الرئيسي في الدراسة، برينستون تشي (Princeton Chee)، أن إحدى النتائج المهمة التي اكتشفتها الدراسة هي أن الأبوة والأمومة يمكن أن تكون مُجزية، لا ضارة، وذلك من خلال الشعور بالفخر الأبوي تجاه الطفل، وعلى عكس الاعتقاد السائد، لا يتطلب الشعور بالفخر ظروفاً نادرة أو استثنائية، بل يمكن تنميتها من خلال أشياء بسيطة؛ مثل نزهات نهاية الأسبوع، وقضاء وقت ممتع مع الطفل.

ويؤكد الباحثون المشاركون في الدراسة أن الاعتراف بهذه التجارب العاطفية الإيجابية لا يُقلل تحديات الأبوة والأمومة، بل يشير إلى أن تنمية لحظات الفخر والاستمتاع بها يمكن أن يساعد الوالدين على إيجاد المزيد من الفرح والمعنى والثراء في تجربة الأبوة والأمومة.

اقرأ أيضاً: 3 قواعد للاهتمام بالصحة النفسية للأطفال

كيف يؤدي الشعور بالفخر إلى تعزيز مشاعر الرضا والسعادة؟

الشعور بالفخر يعني امتلاك إحساس قوي وصحي بقيمتك الذاتية، إنه جزء أساسي من عيش حياة صحية وسعيدة، ومن المهم التأكيد على أن الفخر بنفسك لا يعني تبني النرجسية، أو تجاهل أنماط السلوك أو التفكير غير المُجدية لديك، علاوة على ذلك، لا يعني التقليل من شأن الآخرين للشعور بالتفوق، لكنه يرتكز على الاعتراف بنقاط قوتك، ومعرفة نقاط ضعفك، وبناء علاقات أفضل وأكثر إرضاءً مع الآخرين ومع نفسك، مع إعطاء الأولوية لاحتياجاتك.

وحين تكون فخوراً بنفسك، فإن هذا سيجعلك تشعر بالتحفيز، ولن تحتاج إلى ثناء الآخرين باستمرار حتى تحس بالرضا عن نفسك، وبهذه الطريقة، لن يعتمد دافعك على موافقة الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفخر يعزز ثقتك في نفسك، ويجعلك تفتخر بإنجازاتك مهما كانت صغيرة، ومن ثم يدفعك نحو تحقيق المزيد من النجاح والإنجازات.

وفي سياق متصل، ترى أستاذة علم النفس بجامعة كولومبيا البريطانية (the University of British Columbia) أن الفخر هو مقياس الإنجاز، ويعتقد عالم النفس ديفيد ديستينو (David DeSteno) أن الفخر يجعلك تُقدّر الأهداف طويلة المدى أكثر من الأهداف الحالية، إضافة إلى أنه يجعلك تستمتع بالرحلة، ويبني ضبط النفس والعزيمة من البداية إلى النهاية.

ويؤدي الآباء دوراً حاسماً في بناء شعور الفخر لدى أطفالهم؛ حيث يشرح عالم النفس السريري، ومؤلف كتاب "تربية أطفال مرنين" (Raising Resilient Children)، روبرت بروكس (Robert Brooks)، أن انخراط الأطفال في أنشطة ومجالات يشعرون فيها بالثقة والفخر، يُحدث تأثيراً إيجابياً مضاعفاً، ما يمنحهم الدافع والتشجيع لمواجهة تحديات جديدة في مجالات أخرى من حياتهم.

اقرأ أيضاً: ما العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للطفل؟

6 نصائح مهمة تساعدك على الفخر بأطفالك وتعزيز صحتك النفسية

ينصح عالم النفس، ديفيد ديستينو، بضرورة تعريف أولادك بمفهوم الفخر. على سبيل المثال، اشرح لهم أنه ذلك الإحساس الجيد الذي انتابهم حين اجتازوا الاختبار أو حين صنعوا أول طائرة ورقية، وعرّفهم أن الشعور بالفخر لا يكون فقط عند تحقيق الإنجازات الكبرى، ولكن يجب أن يحسوا بالفخر حتى مع الخطوات الصغيرة على طول الطريق. بجانب ذلك الأمر، اتبع النصائح التالية حتى ترسخ شعور الفخر لدى أطفالك:

1. افخر بالجهد المبذول وليس بالصفات الشخصية

امدح جهد طفلك واستراتيجيته ومنهجه، بدلاً من مدح السمات أو الصفات الشخصية التي يصعب عليه تغييرها، مثل الذكاء والجمال، حيث إن مدح الجهد يعزز الدافع الداخلي لدى الأطفال ومثابرتهم في مواجهة التحديات، أما مدح الصفات الشخصية فقد يجعلهم يركزون أكثر على أخطائهم، ويستسلمون بسهولة أكبر، ويلومون أنفسهم، تخيّل أنك مدحت ذكاء طفلك، ثم وقف عاجزاً أمام مسألة في الرياضيات؛ وقتها سوف يلوم نفسه بشدة، ويظن أنه ليس ذكياً بما فيه الكفاية.

وفي هذا السياق، يؤكد المعالج النفسي، أسامة الجامع، أن مدح الطفل يزيد ثقته بنفسه لأن الفعل هو جهد، ومن ثم، يتولد لدى ابنك تقدير جهده، وتكراره، والفخر بنفسه لأنه بذل جهده، أما مدح ما لم يجتهد من أجله فذلك لن يجعله يتعلم أو ينمو.

2. تقبّل نقاط ضعفهم

عليك أن تتقبل فكرة أنه لا يوجد أحد كامل، حتى أبناؤك. بالإضافة إلى ذلك، عليك أن تفهم أن هناك دائماً مجالاً للنمو والتعلم، لذلك، إذا فشل أطفالك في شيء ما، فتذكر دائماً أن الأخطاء والإخفاقات تُعلّمنا أشياءً مهمة وتُظهر لنا مجالات للنمو.

اقرأ أيضاً: ما هي مهدئات الأطفال الرقمية؟ وكيف يمكن تجنب ضررها؟

3. استخدم المديح الداعم بدلاً من المسيطر

حين تمدح طفلك وتخبره أنك فخور به، لا تستخدم المديح المسيطر الذي يهدف إلى التحكم في سلوك أطفالك. على سبيل المثال، لا تخبره أنك فخور بنجاحه في مادة العلوم وترغب في أن يصبح طبيباً عندما يكبر، ولكن عوضاً عن ذلك استخدم المديح الداعم، أخبره أنك فخور به لأنه يستمتع بمادة العلوم ويحاول فهمها.

4. استخدم كلمات محددة وليس فخراً عاماً

استخدام كلمات محددة في الفخر أو المدح يجعل الأطفال يعملون على تحسين سلوكهم. على سبيل المثال، حين تخبر طفلك قائلاً "أنا فخور بك للغاية لأنك داومت على القراءة خلال الأيام الماضية"؛ حينها ستحفّزه على قضاء المزيد من الوقت في القراءة، أما إذا أخبرته بصورة عارضة "أنا فخور بك" ثم سكتّ، حينها لن يعلم طفلك ما الذي تشير إليه بالتحديد.

5. اجمع بين الثناء والاهتمام الإيجابي

حاول استخدام الثناء مع الاهتمام الإيجابي، أو يمكنك اللجوء إلى استجابة إيجابية غير لفظية مثل العناق أو التربيت، أو الابتسامة، إذ إن تلك الاستجابات تؤثر عميقاً في نفسية أطفالك.

6. كن صادقاً في مدحك

عندما يشعر الأطفال بأن والديهم يُبالغون في مدحهم، فإنهم يكونون أكثر عرضة لانخفاض الأداء الأكاديمي، وذلك لأن المديح المفرط يرتبط بانخفاض تقدير الذات لدى الأطفال، وتجنبهم التحديات، واعتمادهم المفرط على المديح.

المحتوى محمي