لماذا يكون التعبير عن الحب أمراً صعباً للبعض؟

3 دقائق
التعبير عن الحب
shutterstock.com/Makistock

عندما يغمرنا الشعور بالحب الصادق، فلا يفترض أن يكون التعبير عن الحب أمراً صعباً، ومع ذلك هنالك الكثيرون ممن لا يجرؤون، أو ربما لا يستطيعون، أو من المحتمل أنهم لا يريدون نطق هذه الكلمات البسيطة: "أنا أحبك".

  • مخاوف غير واعية ولكنها مشروعة
  • مشاعر متناقضة
  • إذاً ما الذي يمكن فعله في هذه الحالة؟

تقول جيهان، البالغة من العمر 32 عاماً، "أنا عاجزة عن قول هذه الجملة: "أنا أحبك". أود أن أقولها لحبيبي، ولوالدي، حتى أنني أود أن أصرخ بها في بعض الأحيان، لكنني أعجز عن نطقها وأشعر كما لو أنها تبقى عالقةً في حلقي". فما سبب عدم المقدرة على نطق هذه الكلمات؟

يوضح المعالج النفسي آلان ديلورم أن عدم القدرة على التعبير عن الحب بالكلام يرجع في كثير من الأحيان إلى أسباب عميقة، ويقول: "يؤدي السياق العاطفي في مرحلة الطفولة دوراً أساسياً في كيفية التعبير عن المشاعر، فعلى سبيل المثال يصعب على المرء قول "أنا أحبك" إذا كان لم يسمع هذه الجملة في طفولته من الأساس، إذ إنها ليست "ضمن قاموسه" أو يرى أنه من الأفضل إثبات المشاعر عوضاً عن محاولة التعبير عنها".

وتضيف دانييل ألايس، المحللة النفسية والمتخصصة في العلاقات الزوجية سبباً آخر إذ تقول: "يختلف التعبير العاطفي للفرد وفقاً لمكانته في الأسرة، ودوره في المجتمع (كبير أو صغير في السن، رجل أو امرأة)، إذ إن الفرد ينصاع لما هو متوقع منه حتى في الطريقة التي يتواصل بها. وكمثال على ذلك الفرد الأصغر سناً في العائلة الذي يخضع لحماية مفرطة من ذويه، أو ذاك الفرد الذي يؤدي دوراً رجولياً مبالغاً فيه، بينما يمتلك الأفراد ذوو الأنماط الأكثر اعتدالاً فرصة أفضل في التعبير عن عواطفهم.

مخاوف غير واعية ولكنها مشروعة

على الرغم من عدم قدرة البعض على التعبير عن حبهم إلا أن لديهم رغبة داخلية كبيرة في إطلاق العنان لكلمات الحب. يقول مختص علم النفس كلود أليه: "إنه صراع داخلي، إذ يعيق الخوف الرغبة في التعبير عن الحب". ويتابع: "يمكن أن تكون هنالك مخاوف من إدانة الآخر لنا أو رفض مشاعرنا أو احتقارنا أو حتى استعبادنا، إنه الخوف من الألم الذي قد يترتب على الاعتراف بمشاعر الحب". "ويضع الكثيرون في هذه الحالة استراتيجيات لتجنب مبادرة الاعتراف بمشاعرهم، مثل انتظار مبادرة الآخر بهذا الاعتراف، قبل "أن يخاطروا" به، أو انتقاده لعدم خلق جو من الثقة، أو حتى أنهم قد يدينون أنفسهم عند شعورهم برغبة التعبير عن مشاعرهم ويحكمون على أفكارهم بأنها صبيانية أو سخيفة". ويؤكد آلان ديلورم: "إنهم يغيرون المشكلة ويدافعون عن أنفسهم دون أن يعوا أن مخاوفهم مشروعة". هنالك دائماً سبب ملموس للخوف وهو يرجع إلى الماضي الذي عاشه الشخص، كالخيانة التي تعرض لها من شريك سابق، أو السخرية التي طالته عند الاعتراف بمشاعره لأحد الأصدقاء. كما يمكن أن تعود هذه المخاوف إلى مراحل بعيدة من حياة الإنسان. تشير المحللة النفسية فيرونيك بيرجيه إلى أن: "الطفل الصغير الذي كان قد عبر عن حبه لوالده، دون أن يلقى منه رداً، أو لم يتلق من والده أي علامات مودة في المقابل، فمن المحتمل أن يحتفظ بهذه الصورة المؤلمة".

مشاعر متناقضة

قد تنطوي عدم مقدرة الشخص على قول جملة "أنا أحبك" في بعض الأحيان على بعدٍ أكثر عمقاً لديه. ويوضح آلان ديلورم أن التفكير في التعبير عن الحب، قد ينطوي على مشاعر متناقضة لدى الشخص يصعب عليه تحليلها، إذ تتراوح هذه المشاعر بين الرغبة والرفض والحنان والعدوان. "تتعايش مشاعر الحب والكراهية في النفس معاً". وتزعزع هذه المشاعر المتناقضة استقرار الشخص الذي يعتقد أن حب الآخر يعني أن يحب كل ما يتعلق به، مقتنعاً أن الحب الصادق، كما هو لدى الأطفال، لا يجب أن يكون مشروطاً، لذا فهو يجد صعوبة في عيش هذه المشاعر كشخص راشد. وتختتم فيرونيك بيرجيه قائلة: "وتنتقل الحالة هنا من "لا أعرف كيف أقول" أنا أحبك "إلى حالة أكثر ضبابية وهي: "لا أعرف ماذا يعني الحب".

إذاً ما الذي يمكن فعله في هذه الحالة؟

تجيب المحللة النفسية فيرونيك بيرجيه:

"عد بالزمن إلى الوراء، إلى ما عايشته خلال مرحلة الطفولة وتساءل، هل كانت هذه الكلمات محظورة في أسرتك؟ هل تعرف السبب؟ ستساعدك استعادة ماضيك، ربما بمساعدة معالج نفسي، على فهم تصرفاتك في الوقت الحالي".

أما المعالج النفسي آلان ديلورم فيقول:

"استبدل عبارة أنا أحبك بالتعبير عما تشعر به مثل: قلبك النابض، والرغبة في احتضان الآخر، ووضع الخطط المشتركة... اسعد بمشاعرك وعبر عنها كما ترغب، دون إجبار نفسك على نطق الكلمات المتفق عليها".

ويقول المختصان في العلاقات الزوجية دانييل وكلود أليه:

"حاول تحديد سبب مقاومتك لقول عبارة "أنا أحبك"، هل هي أعذار مثل: "إنه أمر مخجل"، "سيستغل ذلك"، "إنها ليست اللحظة المناسبة لقول ذلك". الخطوة الأولى هي مسامحة نفسك على هذه العملية الدفاعية، ولكي تحب الآخر وتخبره بذلك، عليك أن تحب نفسك أولاً".

تقول سلمى، 47 عاماً: "عندما كنت طفلة، لم أسمع كلمات الحب هذه ضمن أسرتي، وبينما يراها أصدقائي كلمات بسيطة جداً فهي لم تكن كذلك بالنسبة لي. في وقت لاحق من حياتي، سمعت هذه الكلمات من الرجال الذين تعرفت إليهم، لكنني لم أكن أصدقها تماماً، وكنت أكتفي بقول "وأنا أيضاً" دون أن أشعر أن هذا الكلام نابع من مشاعر حقيقية أيضاً. اليوم، أحب شريكي الذي أعيش معه بالفعل، لكنني ما زلت لا أستطيع قول عبارة "أنا أحبك". لذلك أقوم بكتابتها، إذ أرسل له رسائل حب عبر البريد الإلكتروني، أو أترك له رسالة على الثلاجة، فكتابة عبارة "أنا أحبك" أو إظهارها من خلال الاهتمام أمر أسهل بالنسبة لي".