ما هي الاستشارات الزوجية وهل هي فعالة؟

الاستشارات الزوجية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

خلال الأشهر القليلة الماضية، شعر كل من جوليان وستيفاني، وهما زوجان يبلغان من العمر 40 و39 عاماً بالترتيب، بتوتّر متزايد في علاقتهما. قام الزوجان باستشارة معالجة متخصصة بعلاج الأزواج بتشجيع من أصدقائهما المقربين.
يلخّص جوليان وستيفاني مشكلتهما في بضع جمل مثل “لم نعد قادرين على التحدّث مع بعضنا بعضاَ” و”نحن لا نتّفق أبداً” و”أصبح تواصلنا أكثر عدوانية”.

تقول المحللة النفسية المتخصصة في الاستشارات الزوجية، ألين إيريل: “هذه حالة من المعاناة يمر بها الكثير من الأزواج بعد 10 سنوات من الزواج”، وتضيف: “لكن عندما يستشيرني الزوجان فهذه علامة جيدة بالفعل، لأن ذلك يعني أنهما قررا اتخاذ خطوة معاً؛ ما يعني بدوره أن العمل على تحسين العلاقة قد بدأ بالفعل. لا يمنع ذلك الزوجين من لوم بعضهما بعضاً على المعاناة التي يمران بها، وادّعاء كل منهما أنه ضحية لتراجع نوعية التواصل بينهما.

في الكثير من الأحيان، تتسم جلسات الاستشارات الأولى برثاء العلاقة والشكوى منها والاستياء المعبّر عنه بشكل واضح نوعاً ما. كانت جلسة جوليان وستيفاني محتدمة للغاية، واضطررت لتذكيرهما أني لن أطلق الأحكام عليهما وأن وظيفتي ليست تحديد من منهما المخطئ ومن المحقّ؛ بل دعمهما لإنجاح هذه الجلسات”.

نهج علاج الأزواج

يعتمد نهج الاستشارات الزوجية بأكمله على توجّه الاستشاري، وذلك لأن مقاربته يمكن أن تكون أسريّة (والتي يُنظر فيها للزوجين من منظور “المنظومة” الأسرية) أو تحليلية (وتتضمّن تحليل السلوكيات السابقة) أو سلوكية (وتتضمّن العمل على سلوك كل فرد والحياة اليومية للزوجين)؛ كما يمكن أن تعتمد على حل مشكلات العلاقة الحميمية بين الزوجين. تقول إيريل: “في أغلب الأحيان يلجأ الأزواج للاستشارة لأنهم يربّون طفلاً صغيراً؛ مثل جوليان وستيفاني اللذان يبلغ عمر ابنهما 7 سنوات. عندما تتسبب مشكلات التواصل في التسبب بمشكلات للآباء والأمهات (وبالتالي للأبناء) في سبيل أداء أدوارهم الطبيعية، يُعتبر اتباع مقاربة لم شمل الأسرة أكثر ملاءمةً”.

تتمثّل خصوصية هذه المقاربة في أنها لا تنظر إلى الأعراض (مثل تراجع نوعية التواصل) على أنها خلل وظيفي؛ بل حالة تنتج من سياق شامل يتضمّن سلوك الزوجين وآبائهم وحتى أجدادهم.

تقول إيريل: “خلال الجلسات، عملنا في إطار هذه ‘المنظومة’ الأسرية، لا سيما من خلال محاولة تحديد سلوكيات والديّ جوليان وستيفاني التي كان من المحتمل أن يكررها الزوجان. لو استشارني الزوجان في مشكلة تتعلق بعدم توافق العلاقة الحميمة، سأوجه الجلسات بشكل طبيعي نحو مقاربة مشكلات العلاقة الحميمية. ومع ذلك، لقد ناقشنا موضوع الحياة الجنسية، وذلك لأن رغبة الزوجين ببعضهما تُعتبر من محفّزات التواصل؛ بالتالي يمكن أن يؤدي فقدان الرغبة إلى تراجع جودة التواصل، والعكس بالعكس”.

المقاربات المختلفة

لا يتّبع جميع المعالجون في مجال العلاقات الأسرية هذه المقاربة الشاملة. ومع ذلك تُعتبر المقاربة السلوكية شائعة في جميع الآليات العلاجية. تقول إيريل: “يطلب الكثير من الأزواج منا منحهم ‘الحلول التي تحسن علاقاتهم’. لهذا السبب يلعب المعالجون دور مستشاري الزواج ويقدّمون بعض التمارين التي يستطيع الأزواج ممارستها في المنزل؛ مثل كتابة الرسائل لبعضهما وممارسة بعض النشاطات غير المعتادة بهدف كسر الروتين والتعرّف إلى بعضهما من جديد، وحثّ كل منهما على تكرار الكلمات التي ينطقها الآخر خلال الشجار للتدريب على فهم طريقة تفكير الشريك.

بسبب هذه التدريبات، لا يكون تواتر هذه الجلسات مماثلاً لتواتر جلسات العلاج الفردية؛ إذ تمتد الفترة بين الجلسة والأخرى إلى 3 أسابيع أو شهر من الزمن ما يتيح للزوجين تطبيق ما تم العمل عليه خلال الجلسات”.

حتى لو أدّت هذه الجهود المبنية على هدف مشترك بعد بضعة أشهر إلى تحسين العلاقة؛ إلا أن ذلك لا يحصل دائماً. تؤدي جلسات علاج الأزواج أحياناً إلى الانفصال. تقول إيريل: “لا يعني ذلك أن العلاج قد فشل. يمكن أن يؤدي العلاج إلى اتخاذ قرار بالطلاق دون الشعور بالأسى أو الكراهية، وفي ظل التفاهم يتم الانفصال وهذا يكون أفضل من الناحية الصحية للأطفال”.

نبذة تاريخية

تعتمد الاستشارات الزوجية، المعروفة أيضاً باسم الاستشارات الأسرية، على علاج المشكلات الأسرية وحل مشكلات العلاقة الحميمية بين الزوجين، منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي. اعتمد فريق من الباحثين من معهد البحوث العقلية (والمعروف باسم كلية باولو ألتو) في ولاية كاليفورنيا الأميركية؛ ومن ضمنهم فرجينيا ساتير وبول واتسلويك، على أعمال غريغوري بيتسون وطوّروا مقاربة العلاج الأسري. في الوقت نفسه، ابتكر طبيب النساء ويليام ماسترز، وعالمة النفس فيرجينيا جونسون، علاج مشكلات العلاقة الحميمية بين الأزواج بعد دراسة مئات الأزواج. يمكن أن يعتمد علاج المشكلات الزوجية (والذي لا يجب الخلط بينه وبين الوساطة الزوجية) على المقاربة الأسرية أو التحليلية النفسية أو المعرفية السلوكية أو على علاج العلاقة الحميمية كتوجّه.

المحتوى محمي !!