هناك أحداث تبدو بسيطة، لكنها قد تؤثر فينا طوال العمر. وقد تترك بعض الكلمات أو الحركات أو السلوكيات الموجهة إلينا خلال الطفولة آثارها. وهذا يعني أن الأحداث التي نمر بها قبل سنوات قد تترك تداعياتها على المدى الطويل. ومن أكثر صدمات الطفولة شيوعاً، صدمة التعلق بالآخرين.
وفقاً لما ذكرته المختصة النفسية آني تاناسوغارن (Annie Tanasugarn) في مقال لها على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today)، فإن صدمة التعلق تحدث "عندما يتضرر شعور الطفل بالأمان والثقة والقدرة على التنبؤ بسلوكيات مقدم الرعاية، بسبب سوء معاملته له أو إهماله أو العناية غير المتسقة وغير المتوقعة التي يقدمها إليه". وقد تظهر عواقب هذه الصدمة في العلاقات المستقبلية للطفل، ولا سيّما علاقاته العاطفية.
هذه السلوكيات تشير إلى الإصابة بصدمة التعلق في الطفولة
يقول المعالج النفسي غرانت برينر (Grant Brenner) في تصريح لموقع فيري ويل مايند (VeryWellMind): "عندما يكون التعلق بالآخر آمناً ومطمئناً وموثوقاً به، فإنه يوفر الأساس لتنمية الشعور بالأمان والصورة الذاتية المستقرة والإحساس بالفعالية في إدارة الذات". يتيح الارتباط الموثوق بالآخرين بناء علاقات جيدة معهم ومع الذات. لهذا قد تترك صدمات التعلق آثاراً دائمة.
تضيف المختصة النفسية آني تاناسوغارن: "صدمة التعلق التي لم تندمل جراحها قد تخلّف آثاراً تضر بالجودة العامة لحياة الفرد، وقد تشمل هذه التداعيات التأثير في قدرته على المشاركة في العلاقات واختياراته الشخصية". ونظراً إلى صعوبة التحلي بالتجرد الكافي للوعي بصدماتك الشخصية المحتملة، إليك 5 سلوكيات تشير إلى معاناتك صدمة التعلق:
- سلوكيات التجنّب: لحماية أنفسهم من أضرار الصدمة، يتبنى الأشخاص المتأثرون بصدمة التعلق سلوكيات تُشعرهم بالارتياح، وتصرف أذهانهم عن معاناتهم وعواطفهم. وقد تظهر هذه السلوكيات القهرية في صورة اضطرابات الأكل أو الإفراط في العمل، أو الميل إلى الانخراط في علاقات "تضميد الجراح".
- الحاجة إلى السيطرة: الأشخاص "المهووسون بالسيطرة"، كما نطلق عليهم، لا يفعلون ذلك بالصدفة، بل هناك سبب وراء سلوكهم هذا. توضح تاناسوغارن هذه المسألة: "قد يسيطرون على كل شيء في حياتهم للشعور بالانضباط والنظام، أو لطرد مشاعر القلق أو الخوف، وعادة ما يتحول شعورهم الشديد بالعجز خلال الطفولة إلى سيطرة مفرطة في سن الرشد".
- صعوبة تقبّل العواطف: الأشخاص الذين تعرّضوا إلى صدمة التعلق يجدون صعوبة في الاعتراف بعواطفهم الشخصية وعواطف الآخرين، وتقبّلها. وقد يشمل ذلك العجز عن فهم عواطف الأشخاص الذين حولهم، أو عدم القدرة على إظهار المودة أو الحساسية تجاه أيّ تغيير في عواطف الآخرين أو صعوبة الإحساس بالقرب منهم، وفقاً لما ذكره موقع ميديكال نيوز توداي (Medical News Today).
- الآراء والمواقف المتشددة: يمكن أن تقود صدمة التعلق إلى تبنّي آراء متشددة في التعامل مع شريك حياة الحالي أو المحتمل. وفي هذا السياق أوضحت المختصة النفسية إيميلي غوارنوتا (Emily Guarnotta) في مقال لها على موقع تشوزينغ ثيرابي (Choosing Therapy)، أن الأشخاص الذين يعانون هذه المشكلة ينظرون إلى الآخرين نظرة متطرفة وثنائية، ويتبنون منطق التفكير بالأبيض والأسود، ويعتقدون أن الآخر إما أن يكون طيباً وإما أن يكون شريراً، ولا مجال لوصف نسبي.
- تدمير العلاقات: تؤكد المختصة النفسية آني تاناسوغارن هذه العلامة في مقالها: "نظراً إلى أن العديد من الأشخاص الذين تعرّضوا إلى صدمة التعلق ليسوا واعين بجراحهم النفسية، فإنهم يتصرفون وفقاً لمبدأ البقاء". لذا؛ قد يميلون دون وعي إلى اختبار المشاركة العاطفية لمن حولهم، ثم إبعادهم لحماية أنفسهم وتجنّب التعرض إلى الهجر.