كيف تتعامل مع اضطرابات الطفل الناتجة عن المصاعب الأسرية الخفية؟

اضطرابات الطفل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن أن يكون الضيق الذي يعاني منه الطفل أو عدم ارتياحه أو اضطراباته أحياناً علامة على وجود خلل في الأسرة. لماذا تحدث اضطرابات الطفل وكيف نكتشفها؟

  • الصعوبات الخفية
  • لغة لفك “التشفير”
  • فرصة لطرح الأسئلة
  • فرصة للشفاء

يبلغ رافائيل ذو الوجه والشعر الملائكي 3 سنوات من العمر، وهو الطفل الثالث لعائلة مكونة من أربعة أفراد. لكن التصرفات العدائية لهذا الملاك الصغير، أصبحت مصدر قلق لوالديه. فهو دائماَ ما يغضب دون سبب واضح ولا يتوقف عن مضايقة إخوته وأخته الصغيرة في المنزل، وليس الأمر أحسن حالاً في المدرسة. لقد أصبح الوضع لا يُحتمل ولا بد من زيارة طبيب نفسي.

الصعوبات الخفية

تقول سيلفي أنغل، وهي طبيبة ومحللة نفسية ومعالجة أسرية: “يفترض العلاج الأسري أن هناك نظام تفاعلات في الأسرة”. وخلال هذه التفاعلات يمكن للطفل أن يتأثر بالصعوبات التي تواجهها عائلته، إذ يُعبر، من خلال واحد أو أكثر من الأعراض، عن شعوره بوجود خطأ ما في المنظومة الأسرية”. وفي حالة رافائيل، فقد ظهر خلال الجلسات أن هيجانه وصراخه ورفضه لأخته الصغيرة هي أعراض تعبر عن معاناة خفية من العائلة، وهي حالة إجهاض تعرضت لها الأم، لم يُكشف عنها قط، وحدثت بعد ولادة أخته.

يرى كزافييه بوميرو، مختص الطب النفسي للأطفال ومدير مركز المراهقين (مركز آبادي) في آكيتين في مستشفى جامعة بوردو، أنه يمكن إرجاع هذه الأعراض السلوكية التي تظهر على الطفل إلى المفاهيم التي يحملها في داخله. ومن هنا يجب أن نبدأ البحث. لماذا وكيف قرر الوالدان الإنجاب؟ وماذا يعرف الطفل عن الأمر؟ وماذا يقول عما يعرفه؟

لغة لفك “التشفير”

إن ما يعبر عنه الطفل من خلال هذه الأعراض مهم جداً، ولا يمكن تجاهله، إذ إنها كافية للتعبير عن المشكلة التي يجب حلها، وذلك لأن هذه الأعراض تصيغ لغة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، فهي لغة الجسد -التعبيرات الجسدية مثل أمراض الربو أو الأكزيما- ولغة الكلام أيضاً، للوالدين وكذلك كلام الطفل. ويوضح كزافييه بوميرو: “إن حل المشكلة يكمن فيما قد يقوله الطفل، والذي يجب تدوينه أولاً والتعامل معه حرفياً، ثم أخذه بمعناه المجازي”. فالعَرَض الذي يظهر على الطفل هو بالتالي بمثابة ناقل للمعلومات. ونستشهد هنا بقضية الشاب البالغ من العمر 15 عاماً، الذي أوضح بعد محاولة انتحار غير متوقعة قائلاً: “هناك فوضى في المنزل”، وذلك قبل ظهور حقيقة الحياة الجنسية الخفية لوالده، إذ أدركها دون أن يعي ذلك.

فرصة لطرح الأسئلة

بالنسبة لسيلفي أنغل، عندما يعاني الطفل من هذه الاضطرابات، فإن الأمر الأساسي هو طرح الأسئلة حول سبب هذه الأعراض التي يعاني منها، ما هي الأحداث التي مررت بها أو مررنا بها معاً كأسرة، ويمكن أن تلقي الضوء على الوضع الحالي؟ ما الذي لم يُقل، وبقي طي الكتمان؟ ورغم أن الأمر قد لا يكون كذلك، وقد لا يرتبط اضطراب الطفل بتاريخ العائلة، لكنه يستحق التساؤل وإتاحة المساحة للكلام إذ يمكن أن تظهر خلال ذلك الكلمة الحقيقية التي تعبر عما يحدث. على سبيل المثال، إذا كان الزوجان يواجهان صعوبات معينة، فمن الأفضل التحدث عنها مع الأطفال، دون الخوض في التفاصيل، بدلاً من التظاهر بأن كل شيء على ما يرام، عندما يشعر الأطفال أن الوضع عكس ذلك”.

فرصة للشفاء

تتمثل إحدى مخاطر اضطرابات الطفل والأعراض التي يعاني منها الطفل، في النظر إليها كسبب في تضخيم الصعوبات التي تعاني منها الأسرة. ومن خلال التركيز المفرط على هذه الصعوبات، تفوت الأسرة فرصة تحقيق راحة بالها. يقول كزافييه بوميرو: “إن هذه الأعراض التي يعاني منها الطفل، تحمل المشكلة وحلها في آن معاً. إذ يعبر اللاوعي لديه، الذي لا يفوّت شيئاً، عن كل التفاصيل. وكما أن الحمى هي عَرَض ووسيلة لمحاربة العدوى في الوقت نفسه، فإن الأعراض السلوكية التي يعاني منها الطفل تمهد الطريق لفهم هذا النزاع وحله، الذي غالباً ما ينطوي على اللجوء إلى العلاج الأسري”.

المحتوى محمي !!