كيف نستعيد بهجة العيش بعد صراع مع الاكتئاب؟

3 دقائق
المعاناة من الاكتئاب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إيناس وفريد ومرام وصفاء أربعة أشخاص فرّقت بينهم الأسماء والأعمار والخلفيات الاجتماعية؛ غير أن المعاناة من الاكتئاب المزمن أو الموسمي هي ما وحّد بينهم. نلتقي بهم في هذا المقال ليسترجعوا الظروف التي أحاطت بظروفهم الصعبة، كما يشاركوننا الأساليب والطرائق التي انتهجها كلّ منهم لمواجهة هذه الأزمة والخروج منها.

أعبّر عن نفسي بحريّة وأنا داخل مجموعات الدعم

تعاني إيناس البالغة من العمر 63 سنة من اضطراب ثنائي القطب، لكنها تحاول التعايش مع مرضها.

وعن تجربتها الخاصة هذه تقول:

"مضى اليوم على إصابتي باضطراب ثنائي القطب زهاء أربعين سنة كاملة، يصل بي الأمر أحياناً إلى السقوط في ما يقارب أربع نوبات اكتئاب خلال السنة الواحدة، نوبات تظهر فجأةً ودون سابق إنذار وتشلّ حياتي. بدأتُ أتقبّل حقيقة أن ما أمر به ليس عابراً، بل هو مرض سيظلّ غامضاً بالنسبة لمعظم الناس؛ فحين أُصِبتُ به في سبعينيات القرن الماضي، لم يكن معروفاً كما هو اليوم، كما لم يكن له اسم يسمى به".

بدأت رحلة التعافي؛ بتناول مضادات اكتئاب على المدى الطويل، والانتظام على جلسات علاجية أتابعها عند طبيب نفسي بمعدّل مرة كل أسبوع. لا يسعني إنكار مساعدة كل ذلك على إشعاري بالتحسن والحيلولة دون تفاقم حالتي ووصولها إلى مرحلة يصير فيها الحجز في المستشفى ضرورة مستعجلة لا مفر منها. إلى جانب ذلك؛ أنا فاعلة في مجموعات الدعم التي تنظمها الجمعية التي أشغل فيها منصب نائبة رئيس. كما أعلق أملي على البحث العلمي الذي يحرز تقدماً كبيراً في علاج هذا المرض، كي يجد له حلاً جذرياً يوماً ما".

لو طُلب مني تقديم نصيحة واحدة فلن تكون سوى:

"لا تتردد لحظة واحدة في الانضمام إلى مجموعة دعم؛ سيكون باستطاعتك هناك أن تعبّر عن نفسك بحرية دون خوف من أن يطلق عليك أحد حكماً. ستجد الأذن الصاغية لمعاناتك وسيصير بوسعك إيجاد التعبير المناسب لما تقاسيه وحينها ستشعر بخفة بالغة".

أخذتُ بنصائح المقرّبين مني

وافق فريد البالغ من العمر 56 عاماً على رؤية معالج نفسي كي يجد مخرجاً له من الحداد المرير الذي يعيشه بعد وفاة زوجته.

وعن تجربتها الخاصة هذه تقول:

"فقدت زوجتي بعد صراع مع السرطان، كنتُ مكلوماً إذ لم أستوعب فقدها، وعلى مدار شهور طويلة، انكفأت على ذاتي وانغلقت عليها، متجرداً من أي رغبة في شيء أو خطة لحياة مستقبلية، لدرجة عجز معها حتى أبنائي عن إخراجي من نفق الاكتئاب المظلم الذي دخلته. كما طال الألم النفسي جسدي أيضاً إذ فقدت الكثير جداً من وزني".

بدأت رحلة التعافي؛ حين نصحني بعض أقاربي برؤية معالج نفسي، لم أتناول أياً من مضادات الاكتئاب، غير أني في المقابل ظللت أتردد على معالجي مرتين في الأسبوع. صحيح أن تكلفة الجلسات بهذه الوتيرة كانت باهظة؛ إلا أن الأمر كان يستحق، إذ كنت في أمسّ الحاجة إلى استعادة روحي والتوقف عن تسميم حياة من حولي باكتئابي ذاك.

لو طُلب مني تقديم نصيحة واحدة فلن تكون سوى:

"تكلّم! إن من شأن الفضفضة إلى شخصٍ مستعد للإنصات إلى معاناتنا أن يخفف منها، وقد جربت ذلك شخصياً في أثناء لقاءاتي الدورية بمعالجي النفسي والتي ساعدتني كثيراً لأنهض وأنظر إلى المستقبل بعينٍ متفائلة".

يزعجني اعتمادي على العلاج الكيميائي

تتناول مرام البالغة من العمر 37 سنة مضادات الاكتئاب دون أن تكون مقتنعةً وراضية.

وعن تجربتها الخاصة هذه تقول:

"كانت تزورني من حين لآخر نوبات حزن، لم يُشخصها طبيبي النفسي نوبات اكتئاب إلا مؤخراً فقط. كنتُ فاقدةً تماماً للرغبة في أي شيء مع شعور قاتل بالخواء الروحي. حيث أظل جالسة بلا حراك دون أن أجد داخلي الرغبة في القيام بأي شيء، صحيح أن الوحدة التي أعيشها تؤلمني، غير أني لست متأكدة تماماً من الأسباب الدقيقة التي دفعتني إلى هذا الاكتئاب.

بدأت رحلة التعافي؛ "وشرعتُ في أخذ مضادات اكتئاب منذ ما يقارب أربعة أشهر كما صرتُ أتابع بالموازاة مع ذلك جلسات علاج عند اختصاصي نفسي، لكني لا أشعر البتة بالارتياح وأنا تحت تأثير هذه الأدوية، لا شكّ في أنها تحسّن حالتي، لكن شعوراً يساورني أني لستُ الشخص الذي أعرف بعد تناولها. يزعجني اعتمادي على العلاج الكيميائي؛ لكن بسبب ما حصل لي حين أقلعتُ عن علاجي السابق بشكل فجائي، فإني أعرف أني دونها سأكون عرضة للانتكاسات القاسية، وسأعود عرضةً للوصم من محيطي الذي يعتقد أني ضعيفة النفس والإرادة! أتمنى أن يتكفل الزمن بحل هذه المسائل العالقة".

لو طُلب مني تقديم نصيحة واحدة فلن تكون سوى:

"حتى وإن بدا لك الاعتماد على العلاج الكيميائي صعباً، صدّقني فالتوقف الفجائي عن أخذ مضادات الاكتئاب، أشدّ صعوبة!"

الاهتمام بالنفس علاج أيضاً

أما صفاء البالغة من العمر 33 فقد اختارت العلاج بالضوء للتغلب على اكتئاب موسمي طرأ عليها.

وعن تجربتها الخاصة هذه تقول:

"خلال شتاء هذه السنة أصابني اكتئاب لبضعة أسابيع؛ كنت أجد صعوبة في النهوض من سريري صباحاً؛ إذ لم أعد أملك رغبة في أي شيء، فأكتفي أحياناً بالانكفاء على نفسي والبكاء طيلة اليوم. صرتُ أتهرب من التواصل أو اللقاء بالأصدقاء، على الرغم من أنني في الأصل شخص اجتماعي مُقبل على الحياة".

بدأت رحلة التعافي؛ "حين أهدتني والدتي السنة الماضية مصباح علاج ضوئي، ساورتني في البداية شكوك حول جدواه، غير أني بدأت ألحظ تغييراً إيجابياً يطال مزاجي حين آخذ كل صباح "حماماً ضوئياً". أخذتُ أواظب على تعريض نفسي نصف ساعة يومياً لهذا المصباح، ما ساعدني حقاً على استعادة طاقتي وراحتي. بالموازاة مع ذلك، التحقت بصف اليوغا لتساعدني على الاسترخاء.

لو طُلب مني تقديم نصيحة واحدة فلن تكون سوى:

"اقبل المساعدة التي يعرضها عليك المحيط أو الأقاربمن أجل التخلص من المعاناة من الاكتئاب واهتم بنفسك وامنحها وقتاً وعناية؛ سيفاجئك ما سيترتب عن ذلك من آثار إيجابية على صحتك النفسية والجسدية".