كيف تتعاملين مع زوجك الرافض لفكرة الإنجاب؟

إنجاب الأطفال
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يرفض زوجك فكرة “إنجاب الأطفال”، فهل هو قرار لا رجوع فيه؟ ربما لا يكون كذلك، لذا سنوضح لكِ متى قد يكون رفضه بهذا الشأن قاطعاً، ومتى يمكن أن يكون رأيه قابلاً للتغيير.

تقول مريم: “في المرة الأولى التي تحدثت فيها إلى سنان عن رغبتي في “إنجاب الأطفال”؛ قابلني بالتجاهل. في المرة الثانية؛ قال لي بجدية “توقفي عن المزاح، هذا الأمر ليس مضحكاً” وبعد 10 محاولات؛ أدرك أن رغبتي في الإنجاب ليست مزحة أو نزوة؛ لكنه أصر على موقفه الرافض للفكرة رفضاً مطلقاً. وفي كل مرة كنا نصادف فيها امرأة حاملاً أو نرى عربة أطفال؛ كان تبدو عليه مشاعر مختلطة من الشعور بالاشمئزاز والشعور بالذنب. وعلى الرغم من غضبي، فقد حاولت أن أفهم أسباب رفضه لفكرة الإنجاب؛ إذ كنت على يقين أنه من خلال اكتشاف أسباب مخاوفه سأتمكن من إقناعه بتغيير رأيه”. وكان رد فعل مريم صائباً، فهنالك الكثير من الأسباب التي تفسر عدم رغبة الرجل في أن يصبح أباً. توضح لنا مختصة التحليل النفسي كاثرين ماتيلين هذا الموضوع بالتفصيل.

انتقي كلمات تطمئنين بها زوجك

إنه عالم محفوف بالمشكلات، فمن التلوث، إلى ثقب طبقة الأوزون، والأطعمة المعدلة وراثياً، وقلة المال، والشقة الضيقة، والحاجة إلى بناء مسيرة مهنية، وغيرها. هي حجج فلسفية-مادية، قابلة للنقاش بسهولة، وغالباً ما يكفي أن توضحي لزوجك أن أهم ما يمكن تقديمه للطفل هو الحب. كما يمكنكِ تعزيز تفاؤله بأخباره أنك اخترته شريكاً لكِ لأنكِ تثقين بقدرته على إسعاد أطفالكما.

قد يفكر الزوج بأن إنجاب الأطفال يعني أنه لا مزيد من الحفلات، أو المشاريع غير المخطط لها في عطلات نهاية الأسبوع. سيوقظني ليلاً عندما يمرض، ويجب أن أوصله إلى المدرسة كل صباح، ستنقلب حياتي رأساً على عقب! هل يرى زوجكِ في هذه الخطوة خسارةً لحريته إلى الأبد؟ الحل هنا ببساطة هو إقناعه أن إنجاب الأطفال لن يحوّل الحياة إلى جحيم إذا نُظمت بطريقة صحيحة. وهذه هي الطريقة التي تغلبت بها سمر على رفض زوجها فادي لفكرة الإنجاب. تقول سمر: “لقد عثرت على مربية أطفال حتى قبل إنجاب عدي. كنت أؤكد لزوجي باستمرار أنني موجودة، وكلانا يعمل، وسأدفع تكاليف خدمة رعاية الأطفال، وسيقرضنا أصدقاؤنا مجموعة حاجيات الأطفال الكاملة؛ مثل عربة حديثي الولادة، وعربة عادية، وسرير أطفال، كما أن والدتي ستكون “جليسة أطفال” متاحة وبكل سرور”.

يخاف الرجل في بعض الأحيان، من حجم المسؤوليات التي ستترتب على الإنجاب، ويشعر بأنها مهمة خطرة، يخشى ألا يكون كفؤاً لها، ويشعر بالقلق عند التفكير في أن فرصة التعليم قد تفوت طفله المستقبلي. ما هو الحل؟ حاولي التقليل من شأن هذه المخاوف، ووضحي له أن ليس هناك أب مثالي، ثم امنحيه بعض الوقت؛ إذ إن خوفه من ألا يكون أباً مثالياً سيتلاشى، فنحن نتخلى عن “مُثُل” المراهقين عندما ننضج.

أحد الأسباب الأخرى الشائعة لرفض فكرة الإنجاب هي الخوف من التقدم في السن. يوضح محمد -على سبيل المثال- أنه لا يستطيع أن يتخيل صورة الزوجين الأبوين؛ إذ يقول: “بالنسبة لي؛ أن نصبح والدين يعني أننا أصبحنا السيد والسيدة حسين. عندما أخبرتني مروى عن رغبتها في الإنجاب أُصبت بالذعر. أعلم أن تفكيري قد يكون طفولياً؛ ولكن أول ما تبادر إلى ذهني هو أنني لا أريد بيع سيارتي الـ كارمان 61 واستبدالها بشاحنة عائلية صغيرة! إذاً ما هو الحل عندما يخشى الزوج ألا يظل شاباً بعد الإنجاب؟ أثبتي لشريكك بأنه يمكنه أن يصبح أباً وأن يظل شاباً وعصرياً في الوقت نفسه، استشهدي بأصدقائه الذين سبقوه إلى الأبوة وحافظوا على حيويتهم، وتملقي “نرجسيته” بإخباره أنه سيكسب حتى في إثارة الإعجاب، فجميع النساء يذبن حرفياً، أمام رجل برفقة طفله.

يردد بعض الرجال بلا كلل: “أنا لست جاهزاً للإنجاب بعد” في مواجهة شخص متردد، لماذا لا تجربين حظكِ كما فعلت شام؟ تقول شام: “لم أرغب في إجبار منذر على فكرة الإنجاب، لذا اقترحتُ عليه أن يترك الطبيعة تأخذ مجراها. أوقفت حبوب منع الحمل وانتظرنا أن يأتي الطفل دون تغيير أي شيء، وأصبحتُ حاملاً بعد ذلك بعامين، ورحب منذر بحملي بفرح”.

اقرأ أيضا:

الإنجاب المرهون بالوقت كعامل أساسي

يرتاب كثير من الرجال مثل حسين، من النساء اللاتي يستعجلن ليصبحن أمهات، يقول حسين: “طلبت مني سوسن أن ننجب طفلاً بعد ثلاثة أشهر من زواجنا، أنا أؤمن بعاطفتها لكني وجدت الأمر مريباً! لقد كانت تبلغ من العمر 35 عاماً؛ ما يعني أن ساعتها البيولوجية تدق، شعرت بأنني محاصر وطلبت منها الانتظار”. بينما كرّست الكثير من النساء أنفسهن بالكامل للحياة المهنية، فقد ساهم الحجر الصحي المنزلي وحالة الذعر التي رافقت الوباء في تنبيههن إلى رغبة الأمومة مجدداً.

هنالك سبب شائع آخر لرفض الرجل لفكرة الإنجاب؛ وهو شعور الذنب الذي يعاني منه الأب المُطلّق عندما يُقبل على تكوين أسرة جديدة؛ إذ يعتبر أن الاعتناء بطفل جديد، بينما لا يعيش معه أطفاله من زواجه السابق، أمرٌ لا يطاق بالنسبة له، فهو يشعر أنه هجر أبناءه بهذا الانفصال. لذا من الأفضل عدم التسرع في الأمور، وإعطاؤه الوقت ليحزن على حياته الزوجية السابقة ويدرك أنه ترك زوجته، وليس أطفاله.

عندما يكون الرجل هو “الطفل”

يقول تامر بغضب: قم بإجراء هذا الاختبار، اسأل أمّاً من ستنقذ أولاً في حالة تحطم سفينة، طفلها أم زوجها؟ وستكون الإجابة دائماً: سأنقذ طفلي، لأنه يحتاجني أكثر، وهذا يجعلني غاضباً جداً، فأنا أريد أن أعيش مع امرأة تفضل إنقاذي! إن فكرة الاضطرار إلى مشاركة إيناس مع طفل، حتى لو كان طفلي، تجعلني أشعر بالانزعاج. لهذا السبب أنا لا أريد الإنجاب ولا أريد منحها طفلاً، فأنا لا أقبل أن أكون في المرتبة الثانية”. في بعض الحالات؛ قد يحمّل الرجل نفسه رمزية الطفل، فهو أيضاً، يحتاج إلى من يحتضنه، ويُشعره بالأمان.

بالنسبة لبعض الآباء؛ يشير موضوع الإنجاب إلى فرضية التنافس بين الإخوة؛ إذ يشعر الأطفال عند قدوم منافس صغير جديد بأنهم عرضة لرفضهم والتخلي عنهم، لذا يرفض الآباء فكرة الإنجاب حماية لهم من الشعور بأنهم مهمشون”. تقول سيلفي تينينباوم؛ مختصة العلاج الزوجي: “في هذه الحالة، يمكن أن يكون التشاور بين الزوجين مفيداً، حاولي معه مجدداً ولا تفقدي الأمل عند أول رفض منه، فهو موضوع يستحق طرحه مرات عدة”.

يمكن أن يعكس رفض الأبوة أيضاً عقدة أوديب التي تم التعامل معها بطريقة خاطئة. هناك رجال يرفضون أمومة زوجتهم، وهم إذا قالوا لا لإنجاب الأطفال، فذلك لأنهم لا يستطيعون ممارسة الحب مع من تصنع الحساء وتغير الحفاضات. إن الحب الأول للرجل هو والدته؛ ولكن هذا الحب يصطدم بطبيعة العلاقة التي تربطه بها، وإذا أصبحت زوجته أماً، فالعلاقة ستصبح ممنوعة أيضاً ولن يشعر برغبة فيها. نوع آخر من إشكالية أوديب هو الخوف من المرأة الذكورية، من الأم القوية؛ إذ إن الإنجاب سيمنح المرأة المعادل الرمزي للذكورة والقوة، أما منعها من الإنجاب يعني إضعافها.

ويُعتبر هذان النوعان من رفض الإنجاب معقدَين، بسبب هذه المشكلة الكامنة في اللاوعي. يمكن للطرفين الابتعاد لفترة عن بعضهما وإجراء تقييم منفرد، وفي بعض الأحيان؛ يجعل الابتعاد تغيير رأي الزوج ممكناً بعد رفضه الأولي؛ لكن قدوم المولود قبل أن يخضع الزوج لتحليل نفسي أساسي، قد يكون تجربة سيئة له.

اقرأ أيضا:

الرجل الذي تقف طفولته حاجزاً بينه وبين أبوّته

كان رفض بلال للإنجاب أكثر تحديداً؛ إذ يقول: “الذكريات الوحيدة التي أملكها عن والدي هي الضرب والعنف والكراهية، كنت أتمنى في كل ليلة قبل أن أنام أن يختفي من حياتي، لقد غادرت المنزل منذ 16 عاماً ولم أعد أراه. بالنسبة لي؛ من غير المعقول أن أنجب طفلاً، وأنا أخشى أن أجعله يمر بما عانيت منه”. أما جاد فهو يشكو من عدم وجود مرجع أبوي لديه ويقول: “لقد نشأت من قبل والدتي، وخالاتي، وجدتي. غادر والدي عندما كان عمري 3 سنوات، لقد افتقدنه آنذاك. لم قد ينجب رجل طفلاً من امرأة إذا كان سيطلقها بعد 5 سنوات ويختفي؟”

أما جلال؛ الذي نشأ في أحد مراكز الرعاية الاجتماعية، فإن رفضه لفكرة الإنجاب واضح، يقول جلال: “أنا بذرة سيئة، وابن لأبوين لم يتعرفا عليّ، فلماذا قد أنجب طفلاً في ظل هذه الظروف؟”

بالنسبة إلى بلال وجاد وجلال، فإن الدخول في الحياة الأبوية أمر مستحيل. إن فكرة الأبوة والبنوة، تعيدهم إلى أوجه القصور في العلاقة بين الأب والابن. فإذا كان رفض الإنجاب عائداً إلى هذا التاريخ الشخصي؛ سيكون الإصرار ضاراً – بل وخطيراً، ما لم يقرر الرجل القيام بعلاج معمق على نفسه لينفتح على مفهوم الأبوة.

هل هو حقاً من يرفض؟

السؤال الأساسي الأخير الذي يجب طرحه: هل الزوج حقاً هو الذي لا يريد أطفالاً؟ قليلاً ما نصادف رجلاً يرغب في الإنجاب مع رفض المرأة للفكرة،  وربما يعكس رفض المرأة ازدواجيتها فيما يتعلق بمفهوم الأمومة. تقول سناء: “لقد طلبت من زوجي أن ننجب طفلاً لأنني كنت أعرف أنه سيرفض، ففي أعماقي لم أكن راغبةً في الإنجاب؛ لكنني تعرضت لإملاءات المجتمع، وضغوط من والدتي وأصدقائي، وكنت أحقق رغبتي بعدم الإنجاب عبر احتمائي برفض زوجي له”.

كان لدى أمية رد فعل مماثل خلال جلسة العلاج الزوجي. تقول أمية: “عندما كان المعالج يعرض عليناً صوراً، اخترنا منها أنا وزوجي تلك التي تستحضر الحياة الزوجية، والطفل، والحياة الأسرية، ووجدت نفسي أختار الكليشيهات المؤلمة منها فقط؛ مثل صورة صبي صغير من ذوي الاحتياجات الخاصة، ووجه امرأة عجوز غارق في البكاء، وسرير في المستشفى، أدركت حينها أن صورة الموت تطارد اللاوعي لدي، وتمكنت بعد ذلك من التحدث عن مخاوفي من الولادة، ومن إنجاب الأطفال غير طبيعي، وما إلى ذلك. لقد كشف العلاج عن رغبتي في الإنجاب بكل ازدواجيتها. في الواقع؛ لقد عكست على زوجي رفضي اللاواعي لأن أصبح أماً”.

اقرأ أيضاً:

نصيحة الطبيبة النفسية كاثرين ماثيلين: “قبل كل شيء؛ لا تفعلي ذلك وراء ظهر زوجك”

عندما يحذرك الزوج من أنه إذا حدث لديك حمل دون رغبته سيطالبك بالإجهاض، فلا تتجاهليه، ولا تفكري بإيقاف حبوب منع الحمل دون سؤاله عن رأيه وتزييف “حادث”، لأن عواقب ذلك لن تكون هينة. وتؤكد كاثرين ماثيلين: “إنها مخاطرة كبيرة، فهل يحق للمرأة أن تتخذ قرار الإنجاب بمفردها قائلةً لنفسها: “سأنجب طفلاً بمفردي، في أسوأ الأحوال إذا لم يوافق الأب، فسوف يغير رأيه” إنه وهم “التوالد العذري”؛ إذ تعتقد المرأة أنه لا حاجة للرجل للتكاثر! وهي تنظر بهذه الطريقة إلى القدرة المطلقة للأم، وتنسى أن الطفل مكون من جزأين، فهو ثمرة الحب التي ينتجها اللقاء الجسدي وحب والديه لبعضهما. فماذا يمكن للأم أن تقول لطفلها مستقبلاً عن قصته؟ “والدك ما كان يريدك، لقد فرضتك عليه فرضاً!” إن إجبار الإنسان على رغبتك هو نوع من التلاعب به وعدم احترامه، فالأب الذي يندهش من قدوم هذا الطفل الذي لا يريده، لديه انطباع بأنه تعرض للغش، وأن الثقة الزوجية قد تضررت، والمخاطرة كبيرة أنه قد يرحل رافضاً هذا الطفل الذي فرضته عليه الأم.

اقرأ أيضاً: إنجاب طفل: اختيار العمر

المحتوى محمي !!