لماذا يُخفي بعض المشاهير إصابتهم بالسرطان؟ وكيف يؤثر ذلك في نفسيتهم؟

5 دقيقة
المشاهير
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

تصدرت الممثلة السورية كندة علوش ترند مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، وذلك بعد لقاء لها مع برنامج "كلام نواعم" الذي يُعرض على قناة "إم بي سي"، حيث تحدثت علوش عن تجربتها مع مرض السرطان وتفاصيل رحلتها العلاجية، مؤكدة أن زوجها الممثل عمرو يوسف هو أول شخص عرف بمرضها وقد قدم لها كل الدعم اللازم خلال عملية العلاج، وأضافت علوش أنها استقبلت الخبر بهدوء ولم تتعامل مع المرض بصفته فاجعة.

يُذكر أن الممثلة السورية أخفت خبر إصابتها بالسرطان مدة طويلة ولم تعلن عنه إلا بعد أن خاضت رحلة العلاج، وذلك حتى لا يعاملها أحد بصفتها مريضة، علاوة على ذلك، أكدت علوش أن إخبار الجماهير والأصدقاء كان سيعد تشتيتاً لها ولن تتمكن من التعامل معه. وهنا يظهر تساؤل في غاية الأهمية، هو: لماذا قد يخفي بعض المشاهير خبر إصابتهم بالسرطان؟ وكيف يؤثر ذلك في صحتهم النفسية؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

كندة علوش ليست الوحيدة: مشاهير عرب أخفوا إصابتهم بالسرطان عن الجمهور

الحقيقة أن الممثلة السورية كندة علوش ليست الوحيدة التي أخفت خبر إصابتها بالسرطان عن الجماهير؛ فهناك العديد من المشاهير العرب الذين فعلوا ذلك، منهم على سبيل المثال:

1. المطرب المصري هيثم شاكر

صرّح المطرب المصري هيثم شاكر أنه ابتعد عن الساحة الغنائية 5 سنوات بسبب إصابته بسرطان المعدة، وأضاف شاكر أنه استأصل جزءاً كبيراً من معدته في لندن، بعدها استغرق مدة طويلة في العلاج والتنقل بين لندن ومصر، وأكد أنه أخفى خبر مرضه عن الجمهور طوال هذه السنوات منعاً للقول إنه يتاجر بمرضه وحتى لا يظهر بمظهر الشخص الضعيف الذي ينتظر العطف من الآخرين.

2. المغنية اللبنانية إليسا

أخفت المطربة اللبنانية الشهيرة إليسا خبر إصابتها بالسرطان عن الجميع حتى عن والدتها، ثم خرجت وأعلنت للجماهير عن تعافيها من مرض سرطان الثدي، وقد عبّرت إليسا عن رحلتها مع السرطان من خلال ألبومها الغنائي "إلى كل اللي بيحبوني" حيث كشفت عبر مشاهده عن رحلتها الطويلة منذ خبر اكتشاف المرض مروراً برحلة العلاج وحتى مرحلة الشفاء التام، وأكدت إليسا عبر حوارها مع الإعلامية منى الشاذلي أنها أخفت خبر إصابتها بالسرطان لأنها لا تحب أن يراها أحد ضعيفة، وأخفت الخبر عن والدتها لأنها مريضة ومتقدمة بالعمر.

3. الممثل المصري أحمد حلمي

في أثناء سفره برفقة زوجته الممثلة منى زكي إلى الولايات المتحدة من أجل الفحص الطبي قبل الولادة، أجرى الممثل أحمد حلمي فحوصاً طبية احتياطية، وهناك اكتشف إصابته بسرطان العمود الفقري عن طريق الصدفة، أخفى حلمي خبر إصابته بالسرطان عن الجميع، وخضع لجراحة طبية دقيقة، وبعد أن تماثل للشفاء أفصح للأصدقاء والجمهور عن تعافيه من مرض السرطان.

4. الممثلة المصرية الراحلة ناهد رشدي

توفيت الفنانة المصرية ناهد رشدي بعد صراع طويل مع مرض السرطان، ولم يعرف الجمهور إصابتها بهذا المرض إلا بعد وفاتها، ويمكن القول إن رشدي لم تصرّح من قبل عن إصابتها بأي أزمات صحية على الرغم من أنها عانت المرض طوال عشر سنوات.

5. الفنان الراحل نور الشريف

إخفاء خبر الإصابة بالسرطان لم يقتصر على الجماهير والأصدقاء، حيث أخفت عائلة نور الشريف خبر الإصابة عن الفنان الراحل نور الشريف نفسه؛ حيث أعلنت الممثلة بوسي زوجة نور الشريف أن زوجها الممثل الراحل لم يعلم بإصابته بمرض سرطان الرئة حتى وفاته، إذ أخبروه أنه مصاب بالتهاب رئوي، وحتى أيامه الأخيرة التي كانت الأصعب في حياته لم يعلم نور الشريف شيئاً عن إصابته بالسرطان.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تؤدي الضغوط النفسية إلى الإصابة بالسرطان؟

لماذا قد يخفي المشاهير خبر إصابتهم بالسرطان؟

توضح المختصة الاجتماعية الإكلينيكية بقسم علم الأورام النفسية في معهد دانا فاربر للسرطان بأميركا (Dana-Farber Cancer Institute)، ليورا لوينثال (Leora Lowenthal)، أن بعض المشاهير قد يخفون خبر مرضهم بسبب القلق من فقدان إمكانات العمل الحالية والمستقبلية، أو لأن الشخص المشهور إذا صرّح بإصابته بالسرطان فلا مجال للعودة إلى الوراء؛ إذ لن يراه الجمهور والصحافة سوى في صورة الشخص المريض الذي يصارع السرطان، وفي بعض الأحيان قد يعاملونه على أن أمامه وقتاً محدوداً في هذه الحياة.

ويمكن القول إن بعض الأشخاص قد يخفون خبر إصابتهم بالسرطان تجنباً لإثقال كاهل الآخرين وحتى لا يشعرون أنهم عبء على المحيطين بهم، والحقيقة أن المشاهير لديهم مجموعة متنوعة من الأسباب. وبصفتنا جمهوراً، قد لا نفهم أبداً طبيعة الرحلة الشخصية التي يخوضها المرضى في صراعهم مع السرطان، ففي بعض الأحيان قد يختار المشاهير إخفاء تفاصيل حالتهم الصحية منعاً للظهور بمظهر الضعف، وعلى الجانب الآخر قد يكون السرطان كارثياً لسمعة المرء ومسيرته المهنية.

كيف تتأثر الصحة النفسية للمصابين بالسرطان؟

أكدت دراسة بحثية نشرتها المكتبة الأميركية الوطنية للطب (National Library of Medicine) عام 2021 أن مرضى السرطان يواجهون الكثير من التحديات والصعاب في أثناء رحلة العلاج، وقد يصابون باضطرابات القلق وتفاقم أعراض الاكتئاب، وعلى الجانب الآخر قد يواجه المصابون بالسرطان صعوبة بالغة في إخفاء مرضهم بسبب التغيرات الجسدية التي يصعب إخفاؤها عن الأصدقاء والمحيطين مثل فقدان الوزن وتساقط الشعر.

وأحياناً تكمن صعوبة الموضوع في مواجهة بعض الأضرار النفسية مثل التعرض للسخرية من الآخرين، على سبيل المثال، عندما أُصيب الممثل الأميركي تشادويك بوسمان (Chadwick Boseman) بسرطان القولون والمستقيم، وحارب المرض سراً مدة 4 سنوات فقدَ خلالها وزنه، وقتها أعرب بعض المعجبين عن قلقهم على صحته في حين تكهّن البعض الآخر أن تعاطي المخدرات هو السبب في نقصان وزنه، وفي هذا السياق يمكن القول إن الفنانة إليسا تعرضت أيضاً للسخرية والتنمر حين سقطت على المسرح وذلك خلال عام 2018 لتعلن بعد ذلك أنها كانت مصابة بالسرطان.

الإعلان عن الإصابة بالسرطان قرار شجاع وهذه فوائده

يعد قرار مشاركة الإصابة بالسرطان مع الأصدقاء الداعمين والأشخاص المحيطين من القرارات الشجاعة التي تستحق الإشادة بالمصاب، علاوة على أنه يسمح له بالتواصل مع الآخرين والحصول على الدعم العاطفي والنفسي والاجتماعي الذي يعد مهماً جداً في رحلة الشفاء من أجل التعافي وتخفيف حدة التوتر والقلق والحد من أعراض الاكتئاب.

وفي هذا السياق أكدت دراسة علمية نشرتها المكتبة الوطنية الأميركية للطب (National Library of Medicine) أن الأشخاص المصابين بالسرطان يحتاجون إلى رعاية نفسية طويلة الأمد، خاصة أنهم يواجهون الكثير من التحديات مثل فقدان الوظيفة وانخفاض جودة الحياة وصعوبة التأقلم على الوضع الجديد، علاوة على المشاكل الاجتماعية، والمخاوف المالية، والمرور بفترات طويلة من الخوف والحزن، ولهذا يحتاج هؤلاء المرضى إلى الحصول على الدعم النفسي اللازم من الأشخاص المحيطين بهم.

اقرأ أيضاً: كيف تهيئ نفسك في حال إصابتك بالسرطان؟

4 نصائح فعالة لتدعم شخصاً كشف لك إصابته بالسرطان

يؤكد استشاري الطب النفسي، طارق الحبيب، أن مريض السرطان يمر بعدد من المراحل؛ في البداية تأتي مرحلة الصدمة بعد معرفة الإصابة بالمرض، وخلالها يشعر المريض بالإنكار ولا يعترف بإصابته بالمرض، بعد ذلك تأتي مرحلة الاحتجاج التي ينفعل خلالها كثيراً على المحيطين به، بعدها يأتي دور مرحلة المساومة أو المفاوضة وخلالها يبدأ المريض بالبحث عن المستشفيات وطرائق العلاج المناسبة، ثم ينتقل إلى مرحلة الإصابة بالاكتئاب، وأخيراً مرحلة التقبّل.

ولهذا عندما تعلم بتشخيص مرض أحد أصدقائك بالسرطان، فمن المهم أن تكون بجانبه وأن تُظهر له اهتمامك، وعلى الرغم من أن العثور على الكلمات المناسبة قد يكون صعباً، فإن هذه النصائح يمكن أن تساعدك في دعمه:

1. اختر كلماتك بعناية

حاول قدر الإمكان اختيار كلمات إيجابية ومشجعة، ولكن لا تمنح أملاً زائفاً أو تتحدث عن نتائج إصابة أي شخص آخر بالسرطان، وتذكَّر أن كل شخص مختلف، والاستماع إلى قصص الآخرين قد يخيف صديقك، علاوة على ذلك، لا تطلب منه أن يتواصل معك حين يحتاج إليك؛ لأنه غالباً لن يطلب المساعدة حتى لو كان في حاجة إليها، وعوضاً عن ذلك، افعل ما بوسعك من أجل التخفيف عنه.

2. تردد على زيارته في المستشفى

قد تبدو الأيام طويلة جداً بالنسبة لمريض السرطان عندما يكون في المستشفى؛ ولهذا تُحدث زيارة الأصدقاء فرقاً كبيراً. يمكنك زيارة صديقك في أثناء تلقي العلاج؛ فقط ضع في اعتبارك أن مرضى السرطان غالباً ما يعانون التعب، لذا لا تبقَ فترة طويلة ما لم يطلب منك البقاء بجانبه.

3. قدم له هدايا للعناية الذاتية

في بعض الأوقات قد يواجه بعض المرضى صعوبة في الاعتناء بأنفسهم، ولهذا إذا كان صديقك مقرباً منك جداً يمكنك إهداؤه حقيبة مليئة بمنتجات العناية الذاتية التي يفضلها، مثل جوارب ناعمة وبلسم شفاه وكتب وقصص مصورة، وأشياء أخرى تمكّنه من تدليل نفسه والشعور بالرضا في أثناء العلاج.

4. ابق على اتصال معه

لا تقدم النصيحة أو التوصيات ما لم يطلب منك ذلك، عليك فقط الاستماع إلى صديقك دون إصدار أحكام، وحاول الحفاظ على التواصل البصري دون تحديق، امنحه عناقاً دافئاً، وإذا لم يشعر بالرغبة في التحدث، فاجلس معه بهدوء واحترم رغبته، وحاول من وقت إلى آخر أن تخرجا معاً في الهواء الطلق.

المحتوى محمي