ماذا تفعل إذا كنت تعاني اضطراباً نفسياً؟ هل ستخبر المحيطين بك بذلك الاضطراب؟ أم ستحتفظ بالأمر لنفسك؟ في الحقيقة إن الحديث أحياناً عن هذا الموضوع يكون معقداً ولن يفهم الكثيرون الحالة التي تمر بها، ولكن، ماذا عن شريك حياتك المحتمل؟ هل يجب أن تخبره باضطرابك النفسي؟ أم تعامله مثل الآخرين وتحتفظ بالأمر لنفسك؟
محتويات المقال
يمكن القول إن الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، وعلى الرغم من أن المجتمع يحاول إزالة الوصمة عن المرض النفسي فإن مشاركة الاضطرابات النفسية مع الشريك المحتمل قد تكون أمراً مخيفاً، ومع ذلك، سوف نتحدث في هذا المقال عن فكرة إخبار الشريك المحتمل باضطرابك النفسي.
الخوف من إخبار شريك حياتك المحتمل بشأن اضطرابك النفسي أمر طبيعي
تؤكد المختصة النفسية، كلوديا دي يانو (Claudia de Llano)، أن إخبار شريك حياتك المحتمل باضطرابك النفسي يعزز الصدق والشفافية والتواصل في العلاقة، كما يمنع حدوث سوء الفهم والتوتر غير الضروري، وعلى الرغم من ذلك ثمة مخاوف قد تمنعك من إخباره؛ فقد تخشى أن يحكم عليك، أو قد يساورك القلق عن الطريقة التي سوف يشعر بها تجاهك.
وفي بعض الأحيان، قد ينتابك الخوف لأنك لا تعلم على وجه اليقين كيف ينظر الشخص الذي أمامك إلى طبيعة المرض النفسي؛ ربما ليس لديه أي خبرة عن الموضوع، وقد يوصمك عن غير قصد، ولكن على الرغم من كل مخاوفك يجب عليك عاجلاً وغير آجل أن تخبر شريك حياتك المستقبلي باضطرابك النفسي، وإذا كان شريك حياتك سيرفضك بسبب وضعك النفسي الحالي، فمن الأفضل ألا تضيع المزيد من وقتك مع شخص لا يتقبل وضعك الحالي، وتأكد دائماً أن وقتك ثمين، وأنك تستحق شخصاً يتقبلك كما أنت.
اقرأ أيضاً: الدعم الزوجي: كلمة السر وراء النجاحات المهنية والشخصية
متى تخبر شريك حياتك المحتمل عن اضطرابك النفسي؟
توضح المعالجة النفسية، كيت ستيوارت (Kate Stewart)، أنك إذا كنت في علاقة مع شخص ما فعليك أن تخبره باضطرابك النفسي في التوقيت المناسب. بالطبع لا يمكنك أن تخبره بذلك الأمر في اللقاء الأول، ولكن عليك ألا تتأخر في إخباره، وعلى الجانب الآخر يمكنك انتظار الوقت المناسب حتى تكشف عن حالتك النفسية، ويمكن معرفة ذلك الوقت المناسب عبر المؤشرات التالية:
1. عندما تشعر بالارتياح معه
هناك بعض الأشخاص الذين ينتظرون التأكد من حقيقة مشاعرهم حتى يتمكنوا من فتح قلوبهم لشريك حياتهم المحتمل، ولذلك إذا قضيت وقتاً كافياً مع شريكك المحتمل وشعرت بالراحة معه، فقد حان وقت الاستعداد من أجل الكشف عن حالتك.
2. عندما تتقبل حالتك النفسية
في بعض الأوقات، قد تشعر أنك بحاجة إلى فهم واستيعاب ومعرفة ما تمر به بنفسك أولاً، وبمجرد أن تتقبل حالتك، قد تحس أنك جاهز على نحو أفضل من أجل مشاركة حالتك النفسية مع شريك حياتك المحتمل.
3. عندما تُشخّص حالتك
في الوقت الذي ينتظر فيه بعض الأشخاص الوقت المناسب، إما عن طريق التأكد من حقيقة مشاعرهم وإما عبر فهم حالتهم واستيعابها أولاً، قد تقرر أنت أن تبوح بحالتك الصحية النفسية فور أن تُشخّص حالتك، وعادة ما يحدث ذلك الأمر إذا حدث هذا التشخيص في أثناء العلاقة، وقتها قد تفضل البوح بمكنونات قلبك مبكراً حتى تحصل على الدعم اللازم وتتمكن من استكمال طريق التعافي برفقة شريك الحياة المحتمل.
4. عندما تظهر الأعراض على نحو واضح
يمكن أن تتكشف حالتك النفسية في أي وقت من أوقات العلاقة، وقتذاك قد يلاحظ شريكك المحتمل تغيرات في سلوكك ويسأل عنها، حينها يمكنك أن تخبره بكل تفاصيل اضطرابك النفسي وتحكي له الأعراض المحتمل ظهورها عليك.
اقرأ أيضاً: كيف تكتب قائمة دعم لمساعدة شريك حياتك على تجاوز اكتئابه؟
كيف تخبر شريك حياتك المحتمل عن اضطرابك النفسي؟
يجب أن يكون شريك حياتك المحتمل هو المدافع عنك ومشجعك والشخص الذي يعرفك على نحو أفضل، وفي الوقت نفسه قد يكون إخبار شريكك عن اضطرابك النفسي أمراً مجهداً وغير مريح، لذلك يمكنك تعلم كيفية توصيل مشاعرك إلى شريكك حتى يتمكن من مساعدتك، وإليك بعض النصائح المهمة:
1. حدّد أهداف حديثك مع شريكك المحتمل
تنصح المعالجة النفسية، جينيفر مان (Jennifer Mann)، بضرورة تحديد ما تريد قوله قبل التحدث إلى شريك حياتك المحتمل، وإليك بعض الأسئلة التي قد تساعدك قبل البدء بالتحدث:
- ما مقدار ما يعرفه شريكك عن حالتك الصحية النفسية؟
- ما هو رد الفعل الذي تنتظره؟
- ما نوع الدعم الذي تهدف إلى تلقيه؟
- هل تريد أن يكون لشريكك دور نشط في خطة العلاج الخاصة بك؟
2. كن مباشراً وصادقاً
أخبر شريك حياتك المحتمل عن اضطرابك النفسي بطريقة مباشرة وواضحة. على سبيل المثال، لا تخبره أن لك صديقاً يعاني صراعاً نفسياً وماذا يمكنه أن يفعل في هذه الحالة، ولا تخبره أن الأعراض التي تنتابك قد تغير شخصيتك وتؤثر في سلوكك، فقط كن مباشراً وصادقاً.
وفي هذا السياق يؤكد الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، أن هناك بعض الاضطرابات النفسية التي يجب الإفصاح عنها قبل الزواج؛ مثل اضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الحاد والوسواس القهري واضطرابات النوم والفصام والإدمان بكل أنواعه.
3. لا تستخدم مصطلحات قد تكون غامضة ومربكة
حين تخبر شريكك المحتمل عن حالتك النفسية لا تستخدم مصطلحات طبية غامضة ومربكة، حاول قدر الإمكان تبسيط الموضوع وتأكد أنه من الصعب على شخص ما أن يفهم ما تمر به إذا لم يختبره بنفسه من قبل، على سبيل المثال، لا تخبر شريك حياتك أنك مصاب باضطراب ما بعد الصدمة المعقد، حاول استخدام مفردات يمكنه فهمها والتعامل معها.
4. تذكّر أنك أكثر من مجرد حالتك الصحية
من المهم أن تتذكر أن اضطرابات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب هي حالات صحية، وليست جزءاً من هويتك أو شخصيتك، تذكّر ذلك جيداً، وأخبر شريكك أيضاً، لأن هذا الأمر يمكن أن يساعدكما على تجاوز اللحظات الصعبة معاً.
وفي هذا السياق تشرح المعالجة النفسية، مادلين ويلسون (Madeleine Wilson)، أن الأشخاص يجب ألا يعتذروا عن إصابتهم بالمرض النفسي، وإذا كنت تتحدث إلى شريك حياتك المحتمل بشأن اضطرابك فأخبره ببساطة أن لديك طريقة ومنظوراً مختلفاً للنظر إلى العالم، وأن طريقتك في التعامل مع المشاعر والأفكار تختلف عن الآخرين.
5. تدرّب على المحادثة
إذا كنت تشعر بالتوتر بشأن إجراء هذه المحادثة مع شريك حياتك المحتمل، فقد يكون من المهم التخطيط لما ستقوله مسبقاً والتدرب عليه إما بنفسك أو مع صديق مقرب أو أحد أفراد الأسرة.
في النهاية، إذا تلقيت رداً سلبياً من شريك حياتك المحتمل، فهذا لا يعكس شخصيتك أو تجربتك. قد لا يفهم شريكك طبيعة حالتك أو كيفية مساعدتك، أو قد يخاف من المضي قدماً في العلاقة، ولكن تأكد أن استجابة الشخص الآخر السلبية لم تكن بسبب اضطرابك النفسي، لكنها بسبب أن العلاقة لم تكن قوية بما يكفي.