

هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
هذا المقال يحتوي معلومات مدققة علمياً لن تجدها في أي مكان آخر
أدخل بريدك الإلكتروني واحصل على المقال مجاناً
ملخص: إذا كانت شخصيات الجنية الطيبة أو الساحرة الشريرة أو الذئب الشره أو الملك العادل غير حقيقية، فإنها تساعد الطفل رغم ذلك على ترتيب أفكاره وعواطفه، وتجسيد رغباته الجامحة ودوافعه المدمرة ومخاوفه والمطالبات التي يمليها عليه ضميره. ففي قصة "عقلة الإصبع" (Tom Thumb) مثلاً، يتعلم أن التمتع بالاستقلالية والتغلب على قلق الانفصال يعني أنه ستتعين عليه بالمقابل مواجهة الكثير من الأخطار. قد يبدو ذلك غريباً لكن مخيلة الطفل والعالم الخيالي الذي يبتكره مهم لنموه وتطوره، فكيف ذلك؟ يجيبنا عن هذا السؤال كل من مختصة التحليل النفسي إيتي بوزان (Etty Buzyn) ومختص علم النفس باسكال روزفلتر (Pascale Rosfelter).
محتويات المقال
يجيبنا عن هذا السؤال كل من مختصة التحليل النفسي إيتي بوزان ومختص علم النفس باسكال روزفلتر.
باسكال روزفلتر: "تظهر أولى علامات التخيل لدى الطفل الرضيع في مرحلة مبكرة جداً، وذلك عندما يتخيل وجود أمه معه ويناغي نفسه. يستخدم الطفل حديث الولادة بكاءه ليستحضر والدته عندما يكون جائعاً؛ إذ إنه يربط بين وجودها والذكرى الأولى للرضا الذي منحه إياه الشعور بالشبع، ومع تكرار هذه التجربة السارّة تنشأ لديه ثقة بوالدته ويعرف أنها حتى لو تأخرت أحياناً فإنها ستأتي في النهاية. ولأنه يشعر بهذا الأمان في داخله، فإن بإمكانه انتظارها وإطلاق العنان لمخيلته في هذه الأثناء ليتصور وجودها ويناغي نفسه بسعادة تماماً كما يفعل عندما تكون معه".
إيتي بوزان: "من الملاحَظ أن الخيال لدى الطفل لا ينشأ إلا في حالة شعوره بنوع من الإحباط، ووجود فجوة لديه بين الحاجة وإشباعها. عندما تلبَّى احتياجات الطفل على الفور دائماً فإنه لن يكون مضطراً إلى التفكير فيها ومن ثم تخيّل حلول لتلبيتها، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى حرمانه من المساحة اللازمة ليتذوق رغبته ويطور قدرته على خلق تخيلات مرتبطة بها. وعلى العكس من ذلك، يمكن للإحباط المفرط أن يغرقه في اليأس إلى درجة فقدان الرغبة في الحياة".
باسكال روزفلتر: "عندما يشعر الأطفال بالحزن فإنهم يحاولون تخيل كل ما يفتقرون إليه، ولذلك يتخيل أغلب الأطفال عندما يشعرون بالإحباط من آبائهم بأن هؤلاء ليسوا آباءهم الحقيقيين، وهو سلوك طبيعي وطريقة مؤقتة للربط بين الحياة كما بدؤوا يدركونها وبين ما يتمنون أن تكون عليه؛ حيث يتخيلون أنفسهم أطفالاً سعيدين مع آباء لا يرفضون لهم طلباً. لكن عندما يبتكر طفل وحيد نوعاً ما صديقاً خيالياً فعلى الأبوين الانتباه إلى أنه لا يحاول تجميل الواقع بقدر ما يرغب في التغلب على وحدته، ومن ثم فإن عليهما مساعدته على ذلك".
إيتي بوزان: "من جهة أخرى، تتيح لعبة التخيل للطفل تقبّل الأزمات التي قد يواجهها، والعمل على ابتكار حلول لها من خلال استكشاف عدة استراتيجيات في مخيلته؛ ومنها تقمص أدوار البالغين وتخيّل نفسه في المستقبل. وتتيح له عملية التقمص هذه التفكير فيما يرغب أن يكون عليه ومقارنته بما هو عليه الآن بالفعل، وعلى هذا النحو فإن ما يدور في مخيلته قد لا يكون حقيقياً لكن لا شك في أن له دوراً إيجابياً في حياته؛ إذ يساعده على اكتشاف الذات واكتساب الثقة بالنفس والتمتع بقدرٍ من الاستقلالية. عندما لا يلعب الطفل لعبة التخيل مطلقاً فإن ذلك مدعاة للقلق، لأنه يعني أن الواقع يخيفه أو يخيب أمله إلى درجة أنه لم يعد قادراً على مواجهته بخياله".
باسكال روزفلتر: "في الحقيقة، أنا لا أحبذ مفهوم التحفيز لأننا لا نحاول دفع الطفل إلى تحسين أدائه، فليس الهدف من تنمية خياله أن يصبح أكثر إبداعاً من زملائه في الفصل بل أن يتمكن من إدراك رغبته والعثور على الوسائل المناسبة للتعبير عنها، ويمكن للآباء والأمهات مساعدته على ذلك من خلال سرد القصص له، ولا يهم إن كانت قصصاً حقيقية أو خيالية طالما أنها تقدم له إجابة عن مخاوفه بصيغة يمكنه فهمها. مثلاً عندما تقول له إنّ بابا نويل يقدم الهدايا للصغار كلهم، حتى الذين أساؤوا التصرف، فإن ذلك سيهدئ مخاوفه المرتبطة بقلق الانفصال عندما يكون في السن التي يخشى فيها من أن دوافعه العدوانية قد تحرمه حب من حوله. وعندما نترك له قطعة نقود تحت وسادته ونقول إن الفأرة أحضرتها له لأنه أسقط سناً فإن ذلك سيكون بمثابة مواساة له في خسارته هذه، وسيساعده على الانتقال من مرحلة عقدة أوديب إلى مرحلة التفكير المنطقي التي طالما أنه لم يصل إليها بعد فإنه بإمكان الأساطير والحكايات الخالية إرضاء حاجته إلى الاعتقاد بأنه يعيش في عالم يقدم الاحتواء والدعم".
إيتي بوزان: "يتطلب تعزيز خيال الطفل أيضاً منحه ألعاباً تحفز إبداعه، وكلما كانت أبسط وأقل تطوراً أدت المهمة بطريقة أفضل. مثلاً قد يكون استخدام مرصد حقيقي مثيراً لكنه لن يحفز إبداعه، وأذكر هنا أن حفيدي يفضل اللعب بلفافة مناديل ورقية مزينة بورق السلوفان، وبهذه الطريقة يطلق العنان لخياله ويستمتع بصنع منظاره والتعديل عليه بنفسه كما يحلو له. من الضروري أيضاً مراعاة أن لكل طفل طريقته الإبداعية الخاصة به؛ إذ يتسم بعض الأطفال بأنهم أكثر حماسة لإظهار إبداعهم فيما يستمتع آخرون بالتأمل، ولا يعني ذلك أن أفكارهم أقل ثراءً لكن إبداعهم يتجلى في خيالهم أكثر من أفعالهم، وهذه الحالة التأملية ذات مغزىً ومتعة بالنسبة إليهم، فهم يمتازون بقدرتهم على البقاء بمفردهم والاستماع إلى العالم من حولهم ومراقبته بتمعّن. تتطلب تنمية مخيلة الطفل أيضاً السماح له بالشعور ببعض الملل من حين لآخر، لأنه سيضطر إلى إعمال خياله ليجد طريقة يسلي نفسه بها".
يرى مختص التحليل النفسي ومؤلف كتاب "التحليل النفسي للحكايات الخيالية" (Psychanalyse des contes de fées)، برونو بيتلهيم (Bruno Bettelheim) أن حكايات الأخوين غريم (Brüder Grimm) وشارل بيرو (Charles Perrault) ولويس كارول (Lewis Carolls) هي النوع الوحيد من الأدب الذي تسمح سيناريوهاته للطفل بالتعرف إلى تجارب الحياة من كثب، وإذا كانت شخصيات الجنية الطيبة أو الساحرة الشريرة أو الذئب الشره أو الملك العادل غير حقيقية، فإنها تساعد الطفل رغم ذلك على ترتيب أفكاره وعواطفه، وتجسيد رغباته الجامحة ودوافعه المدمرة ومخاوفه والمطالبات التي يمليها عليه ضميره. ففي قصة "عقلة الإصبع" (Tom Thumb) مثلاً، يتعلم أن التمتع بالاستقلالية والتغلب على قلق الانفصال يعني أنه ستتعين عليه بالمقابل مواجهة الكثير من الأخطار، أما في قصة "الأمير الساحر" (Prince Charming) فسيعرف أن الإنسان يتعلم بالمحاولة والخطأ ويُجزى على المثابرة.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. These cookies ensure basic functionalities and security features of the website, anonymously.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |
Functional cookies help to perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collect feedbacks, and other third-party features.
Performance cookies are used to understand and analyze the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.
Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.
Advertisement cookies are used to provide visitors with relevant ads and marketing campaigns. These cookies track visitors across websites and collect information to provide customized ads.
Other uncategorized cookies are those that are being analyzed and have not been classified into a category as yet.