لماذا من المهم أن ينام الأطفال مبكراً؟

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الأكل والنوم الجيدان هما أساس نمط الحياة الصحية. إذا كانت هذه القاعدة صحيحة بالنسبة لجميع الأعمار، فإنها تنطبق من باب أولى وبدرجة أكبر على الأطفال: النوم المضطرب يمكن أن يثبط النمو والتطور السريع اللذين يميزان الطفولة المبكرة.

الفهرس

  1.  النوم مبكراً مفيد للجسم.
  2. ماذا تعني عبارة “في الساعات المتأخرة من الليل”؟

نُشر هذا المقال في الأصل على موقع ذا كونفيرسيشن The Conversation، بقلم ياقوت فاطمة، الباحثة في جامعة جيمس كوك.

لا يتعلق الأمر هنا بمدة النوم فحسب، إذ إن الساعة التي ننام فيها تلعب هي أيضاً دوراً مهماً في النمو الجسدي والعاطفي والمعرفي لدى الأطفال.

يُعد النوم مبكراً، وفي وقت منتظم، أمراً مهماً، خاصة بالنسبة للأطفال الأصغر سناً، في العمر الذي ينتقلون فيه من النوم “ثنائي الطور” (أي عندما يأخذون القيلولة) إلى مرحلة النوم أحادي الطور (حيث ينامون فقط في الليل).

لا يعاني من ينامون في ساعات متأخرة من الليل قلة النوم فحسب، إذ تشير دراسات علمية كثيرة إلى أن النوم في وقت متأخر من الليل يرتبط بمشكلات لها صلة بجودة  النوم وكذلك بصعوبة الخلود إلى النوم.

مثل هذه الحالة يمكن أن تؤدي عند الأطفال إلى مشكلات في التركيز والحفظ والسلوك.

1-النوم مبكراً مفيد للجسم

كشفت دراسة أجريت على أطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، من أسر منخفضة الدخل، أن قلة النوم ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بالسمنة. من جهة أخرى، خلصت نشرة متخصصة في الأدبيات العلمية [إحدى  دراسات مراجعة الإنتاج الفكري]، في دراسة أجرتها حول نفس الموضوع إلى أن “قلة النوم أصبحت أمراً منتشراً على نحو متزايد وسط الأطفال، بالإضافة إلى النتائج التي يُشار إليها بانتظام فيما يتعلق بوجود علاقة بين قصر فترة النوم في مرحلة الطفولة المبكرة، وتطور [تفاقم] السمنة”.

وتجدر الإشارة إلى أن معظم الدراسات حول هذه المسألة عرضية (مقطعية)، ما يعني أنها تحلل البيانات التي تخص مجموعات من السكان في نقطة زمنية محددة. هذه المقاربة تعتريها قيود كبيرة تجعل من الصعب التأكيد بأن عادات النوم السيئة تُشكل فعلاً السبب في ارتفاع مخاطر السمنة.

ولتوضيح هذه النقطة، لا بد من إجراء المزيد من الدراسات الطولية، التي تبحث في التغييرات الجارية بمرور الوقت.

ومع ذلك، فإن الأدلة التي جُمعت من الدراسات الطولية الحالية، تُظهر بالفعل أنه من المفيد بذل الجهود والمثابرة مع الأطفال كل ليلة لكي يناموا مبكراً. إحدى هذه الدراسات، على وجه الخصوص، كشفت بأن “الأطفال في سن ما قبل المدرسة، الذين ينامون في وقت مبكر خلال الأسبوع معرضون لنصف خطر الإصابة بالسمنة في سن المراهقة مقارنة بالأطفال الذين ينامون في ساعات متأخرة من الليل. لذلك فإن وقت الذهاب إلى النوم يشكل رافعة يمكن استخدامها لوضع الحد من الإصابة بالسمنة“.

في إطار أبحاثنا الخاصة، التي نُشرت العام الماضي في مجلة (Acta Pediatrica)، قمتُ أنا وزملائي، بتحليل بيانات، جمعناها على مدار أربع سنوات، تخص 1,250 طفلاً من السكان الأصليين ومضيق توريس، ممن تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 8 سنوات.

خلال المتابعة التي جرت بعد ثلاث سنوات، كشفت نتائجنا أن وزن الأطفال الذين ينامون بانتظام في ساعات متأخرة من الليل (بعد 9:30 مساءً) زاد في المتوسط ​​1.5 كجم إلى 2.5 كجم مقارنة بوزن الأطفال الذين ينامون مبكراً (حوالي 7 مساءً)، وهذا حتى بعد تعديل البيانات، لمراعاة العوامل الاجتماعية والديموغرافية وأنماط الحياة.

 

لا أحد يستطيع أن يصف على وجه اليقين أسباب هذا الارتباط بين وقت النوم وخطر الإصابة بالسمنة. قد يعود الأمر إلى كثرة الفرص التي تتاح أمام الأطفال الذين يسهرون لفترة أطول لتناول الوجبات السريعة غير الصحية أو شرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين.

يمكن أيضاً أن تلعب عوامل فسيولوجية أكثر تعقيداً، دوراً في الموضوع. إذ تقوم الساعة البيولوجية للجسم، التي تنظم النوم، هي أيضاً بدور أساسي في إفراز الهرمونات، وأيض الجلوكوز وتوازن الطاقة.

2-ماذا تعني عبارة “في الساعات المتأخرة من الليل”؟

روتين النوم تصيغه مجموعة واسعة من العوامل البيولوجية والاجتماعية والثقافية. عندما يقرر الآباء موعد نوم أطفالهم، فإنهم يفعلون ذلك تحت تأثير الأعراف الثقافية وأنماط حياتهم ومعرفتهم بأهمية النوم.

توجد إرشادات عامة حول مدة النوم الموصى بها لكل فئة عمرية، ولكن الوقت الذي يتعين فيه على الطفل الذهاب إلى النوم، ليس محدداً بوضوح على الدوام. ولضمان حصول الأطفال في سن ما قبل المدرسة على قسط كافٍ من النوم، أوصي بوقت الذهاب إلى النوم بين الساعة 7 و8 مساءً، مع الاعتراف، بالطبع، بأن العمل أو واجب تحمل مسؤوليات عائلية يمكن أن يعقد بشكل جدي تنظيم أوقات بعض الآباء.

من المهم أيضاً تحديد روتين “للنوم المبكر” مع أطفالك ومحاولة الالتزام به حتى عندما “لا توجد مدرسة غداً”. أوقات النوم غير المنتظمة تُحدث اضطرابات في وتيرة عمل الجسم التي بدورها، كما جربه العديد من الآباء، يمكن أن تعقد بشكل خطير سلوك الأطفال الأصغر سناً.

تُعد الطفولة المبكرة فترة حرجة، تُبنى خلالها أسس العادات مدى الحياة. يمكن لقرار تكريس روتين نوم صحي، أن يمنح الأطفال الأسُس التي ستساعدهم على انتهاج السلوكات الضرورية لسلامة صحتهم وازدهارهم في المستقبل.

المحتوى محمي !!