7 طرق فعالة للوقاية من الاكتئاب

الوقاية من الاكتئاب
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يعد الاكتئاب أحد الأمراض الشائعة عالمياً وفقاً لمنظمة الصحة العالمية التي أكدت أنه يصيب نحو 3.8% من الأشخاص حول العالم؛ ما يعني وجود نحو 280 مليون شخصاً يعانون من أعراضه التي تجعله مختلفاً عن تقلبات المزاج المعتادة، والانفعالات العابرة تجاه تحديات الحياة اليومية. كيف بالإمكان الوقاية من الاكتئاب؟
تشير الممرضة المهتمة بمجال الصحة النفسية “ستيفاني رايت” إلى عدة عوامل تساهم في الإصابة من الاكتئاب؛ منها: التاريخ الطبي للعائلة والجينات الوراثية، والتعرض للصدمات، والضغط النفسي المزمن، وتعاطي المخدرات.

هل الوقاية من الاكتئاب ممكنة؟

تتعدد الطرق التي يسلكها مرضى الاكتئاب للعلاج بحسب الطبيبة “مارني وايت” (Marney White) في مقال نشر على موقع “ميديكال نيوز توداي” (Medical News Today)، فهناك من يتناول الأدوية المختلفة التي توصف له وأشهرها مضادات الاكتئاب، بينما يختار البعض الآخر طرقاً طبيعية تجدي نفعاً في بعض الأحيان.

وتشير الطبيبة “جينيفر كاساريلا” (Jennifer Casarella) في مقال نشره موقع “ويب إم دي” (WebMD) أن معظم العوامل المؤدية للإصابة بالاكتئاب غير خاضعة للتحكم؛ مثل: الجينات، واختلال كيمياء الدماغ، والتعرض للحوادث الصادمة. لذا أحياناً يقف المريض عاجزاً أمام حماية نفسه بشكل تام من الإصابة بالاكتئاب؛ لكن من ناحية أخرى ما زالت لديه مساحة لإدارة المعركة مع المرض بطرق مختلفة تجعله أقدر على مواجهته ومنعه من التفاقم.

إعطاء الجسم حقه

يمكن وصف تأثير الرياضة في بعض حالات مرضى الاكتئاب بأنه فعال مثل الأدوية، ذلك ما يشير إليه الطبيب”مايكل ميلر” (Michael Miller) الأستاذ المساعد في قسم الطب النفسي بكلية الطب جامعة هارفارد الأميركية.

ويقدم لنا الطبيب”ميلر” تحليلاً لما يحدث، فيشير إلى أن التمارين الرياضية تؤدي لإطلاق مواد كيميائية معينة بكثافة عالية في الدماغ؛ من أهمها الإندورفين الذي يُشعر الشخص بالسعادة والإنجاز.

بالإضافة إلى أن الرياضة تتسبب في نمو الخلايا العصبية، وتكوين روابط جديدة في المخ تساعده على تحسين وظائفه، بالأخص في منطقة الحصين الموجودة في المخ التي لاحظ علماء الأعصاب صغرها عند مرضى الاكتئاب.

لكن تكمن الصعوبة في بدء مريض الاكتئاب نشاطه الرياضي، لذا ينصحه الطبيب”ميلر” بالتحرك قليلاً في البداية، فيمكن أن يمشي 5 دقائق يزيدها بعد ذلك 5 دقائق أخرى، وهكذا سيكسر الحاجز الذي لديه وينطلق.

النوم يؤثر بشكل مؤكد

يفك لنا الطبيب “باتريك فينان” (Patrick Finan) أستاذ الطب النفسي بجامعة جونز هوبكنز، الخيوط المتشابكة لفهم العلاقة بين الاكتئاب وصعوبة النوم وأيهما يظهر أولاً، فيؤكد أن أي عامل منهما يمكن أن يكون نقطة البداية، لأن قلة النوم تنتج صعوبات في تنظيم المشاعر، تجعل الشخص أكثر عرضة للاكتئاب، بينما الاكتئاب مرتبط بوجود صعوبات في النوم أشهرها المعاناة من النوم المتقطع، وعدم القدرة على الوصول إلى مرحلة النوم العميق.

وتقدم الأكاديمية الأميركية لطب النوم بعض النصائح للنوم الصحي؛ أهمها:

  1. الحفاظ على النوم والاستيقاظ في وقت ثابت حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
  2. الحصول على قسط كافٍ من النوم لا يقل عن 7-8 ساعات يومياً.
  3. الحرص على عدم الذهاب إلى السرير إلا عند الشعور بالنعاس.
  4. تجنب استخدام الهاتف الذكي أو مشاهدة التلفاز قبل النوم بفترة كافية.
  5. الابتعاد عن مشروبات الكافيين والمأكولات الدسمة في المساء.

فيتامينات أكثر، سكريات أقل

تعتقد الطبيبة “مونيك تيلو” (Monique Tello) الحاصلة على زمالة الطب الباطني من مستشفى “جونز هوبكنز” (Johns Hopkins Hospital) بأميركا، أن النظام الغذائي عنصر مهم في الصحة العقلية، بدليل وجود مجال بأكمله يدعى “الطب النفسي الغذائي”.

وتشير الطبيبة “تيلو” إلى تحليل علمي أجراه مستشفى “ليني” الشعبي الصيني (Linyi People’s Hospital) نُشر عام 2017، وتوصل إلى أن النمط الغذائي الغني بالفاكهة، والخضروات، والحبوب الكاملة، والأسماك، وزيت الزيتون، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، ومضادات الأكسدة، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.

بينما على النقيض، فقد وجد التحليل أن ارتفاع استهلاك اللحوم الحمراء، والمصنعات، والحلويات، ومنتجات الألبان عالية الدسم، والزبدة، والبطاطس المقلية، يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.

اقرأ أيضا:

تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

كشفت دراسة علمية أجرتها جامعة بنسلفانيا ونشرتها مجلة علم النفس الاجتماعي والإكلينيكي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، عن وجود علاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب.

فقد نجح الباحثون لأول مرة في إثبات العلاقة السببية بين انخفاض استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة الرفاهية العاطفية، وذلك من خلال تقسيم الأشخاص الذين خضعوا للدراسة إلى مجموعتين؛ الأولى استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي دون قيود، بينما اقتصر استخدام المجموعة الثانية على ثلاثين دقيقة يومياً سُمح لهم فيها بزيارة 3 منصات فقط.

أفاد أفراد المجموعة التي استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي بقيود أنهم عانوا بنسبة أقل من الاكتئاب والوحدة، بالمقارنة مع وضعهم النفسي عند بداية الدراسة.

يمكن فهم ما حدث للمجموعة الثانية باستعراض نتيجة دراسة علمية استقصائية أجرتها جامعة “ميسوري” الأميركية (University of Missouri) نشرت نتائجها عام 2014، وتوصلت إلى أن مشاهدة الصور والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، تجعل المستخدمين يشعرون بأن مستوى حياتهم لا يرقى إلى المستوى المطلوب، ومن هنا يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

 

يكمن الحل وفقاً لنصيحة الطبيب “ستيفن جانز” (Steven Gans) في مقال نشر على موقع “فيري ويل مايند” (Verywell Mind) في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي باعتدال، وذلك من خلال تحديد وقت معين يقضيه الفرد في تصفحها، لأنه بدون هذا التقييد فمن السهل قضاء عدد ساعات لا نهائي في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

هناك عامل مساعد آخر يتمثل في الاتجاه إلى ممارسة أنشطة متنوعة؛ مثل قراءة الكتب، ومشاهدة الأفلام، وقضاء الوقت في نزهات خارج المنزل، والتواصل مع الأصدقاء.

صناعة دور إيجابي بالتطوع

نشرت مجلة العلاقات الاجتماعية والشخصية في يوليو/ تموز عام 2017 دراسة أجرتها جامعة “ليمريك” الأيرلندية (University of Limerick)، توصلت إلى وجود علاقة واضحة بين العمل التطوعي وتقليل أعراض الاكتئاب.

وبحسب الباحثة “آن كريفن” (Ann Creaven) المشارِكة في الدراسة، فإن العمل التطوعي يعد واحداً من أنواع الترابط الاجتماعي لارتباطه بتقديم الدعم للآخرين؛ وهو ما يساعد بصورة ملحوظة على تحسن أعراض الاكتئاب.

تستكمل الطبيبة الطبيبة “سوزان نونان” (Susan Noonan) شرح التأثير الذي أكدته الدراسة، من خلال مقال نشره موقع “سيكولوجي توداي” (Psychology Today) أكد فيه على أن التطوع يمنح الشخص الإحساس بالإنجاز والثقة بالنفس، إلى جانب أنه سيكون في موضع تقدير نتيجة ما يقدمه للمجتمع، وجميعها عناصر تخفف من وطأة أعراض الاكتئاب.

تكوين شبكة اجتماعية داعمة

يؤكد الطبيب “إريك نيلسون” (Erik Nelson) أستاذ الطب النفسي المساعد بكلية الطب في جامعة “سينسيناتي” الأميركية (University of Cincinnati)، أنه من الطبيعي شعور مريض الاكتئاب بالرغبة في الانسحاب اجتماعياً وقضاء معظم الوقت بمفرده، وذلك له صلة بتدني احترام الذات، وشعوره بقلة الاهتمام من جانب الآخرين؛ لكنه سيوصله إلى مراحل متأخرة من الاكتئاب عندما يجد نفسه معزولاً ووحيداً مع أفكاره السلبية.

لذلك فالحل العملي أن يدفع نفسه للبقاء على تواصل مستمر مع أصدقائه من خلال رؤيتهم، وقضاء المزيد من وقت معهم في ممارسة الأنشطة المتنوعة، فذلك سيكون له بالغ الأثر في رفع معنوياته. ويرشد “نيلسون” مريض الاكتئاب إلى أهمية الاعتماد على الأشخاص الذين يحبهم في جعله بعيداً عن خطر الاكتئاب.

ومن ذلك أن يشركهم معه في خطته الوقائية، ويطلب منهم مساعدته على تنفيذ تفاصيلها؛ من ممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحي وغيرها من العناصر، فهذا سيجعله محاطاً بأشخاص يفهمونه ويقدرون ما يعاني منه.

تتبّع المزاج

إحدى الطرق العملية للوقاية من الاكتئاب التي طرحها موقع “سايك سينترال”، هي أن يتتبع المريض حالته المزاجية باستمرار، وذلك بهدف اكتشاف العوامل والمواقف التي تساهم في زيادة ظهور الأعراض لديه. على سبيل المثال؛ قد يجد مريض أن الأعراض تزداد عندما يقل عدد ساعات نومه، أو عندما يكلَّف بالكثير من المهام أو المسؤوليات الاجتماعية.

حينها سيتمكن بعد ملاحظة المحفزات التي تزيد من اكتئابه، أن يتخذ خطوات فعالة تقلل من تعرضه لها، أو على الأقل يكون أكثر وعياً بكيفية التعامل معها، وإدارتها بصورة أفضل، ومن الممكن الاستعانة بدفتر يوميات يساعده على رصد التغيرات النفسية التي تحدث.

ربما لا تتوافر الفرصة أحياناً لمنع الاكتئاب أو تجنبه لكن الوقاية من الاكتئاب مفتوح ويجدي نفعاً، ويمكن ببعض التغييرات في نمط الحياة أو التفكير أن تنجح في التخفيف من أعراضه، لكن تذكر دوماً أن هناك حالات يخرج فيها المرض عن السيطرة، وحينها يكون الحصول على الدعم الطبي المتخصص ضرورة لا تهاون فيها.

شاركنا: هل تعرف طرقاً أخرى تظن أنها تجدي نفعاً في مقاومة الاكتئاب؟

المحتوى محمي !!