اشترك

الاستمرار بالحساب الحالي

ماذا تفعل عندما تفقد السيطرة على حياتك؟ دروس من حياة الصحفي الراحل محمد أبو الغيط


Preview

 
 


ماذا تفعل عندما تفقد السيطرة على حياتك؟ دروس من حياة الصحفي الراحل محمد أبو الغيط


تكتبها هذا الأسبوع: د.سلمى الديب

كيف حالك؟ هل أنت بخير؟

استيقظت ليل الاثنين في أثناء نومي قلِقة، لا أعرف سبب استيقاظي ولكنّي حاولت العودة إلى النوم ونجحت بعد وقت. في الصباح بينما أطالع تطبيقات التواصل الاجتماعي، صدمني خبر وفاة الطبيب المصري والصحفي محمد أبو الغيط؛ غيّم الحزن على قلبي وانفرطَ بعض الدموع من عيني، لم تسنح لي الفرصة بأن أعرف محمد بشكل شخصي لكن يوم وفاته كان حزني شديداً وكأني فقدت شخصاً عزيزاً.
تخرَّج محمد أبو الغيط من كلية الطب في جامعة أسيوط، وعمل في الصحافة بعد تخرجه منها. اشتهر محمد بكتابته عن الفقراء على مدونته "جدارية"، وأسهم في كثير من الأعمال الأدبية والصحفية، وحصل على عدة جوائز في الصحافة وبخاصة الاستقصائية، ولمع نجمه عالياً على الرغم من أن عمر خبرته الصحفية عقدٌ فقط.

شُخِّص محمد بسرطان المعدة منذ 17 شهراً، وكان الخبر مفاجئاً لكل من عرفه. حكى أصدقائه إنه أبلغهم قبل أن يعلن على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنذ إعلانه يدعو له كل من يعرفه ولا يعرفه؛ محبةٌ لا تعرف سببها ولكن تلمسها جيداً وقد تشعر بها أيضاً!
لا تسير الحياة كما نوّد، ففي بعض الأحيان قد يشعر الناس أنهم يفقدون السيطرة على حياتهم؛ ما قد يسبب لهم ضغوطاً شديدة تثنيهم عن متابعة السعي وراء ما يريدونه. بغض النظر عن مدى شعورك بالضياع في الوقت الحاضر، فالمضي قدماً واستعادة السيطرة التي تسعى إليها أمر ممكن. هل فقدت السيطرة على حياتك مؤخراً؟ إذا كان الأمر كذلك؛ إليك بعض النصائح حول كيفية استعادة السيطرة وقيادة الحياة التي ترغب في عيشها.

بدايةً أود إخباركم عن الدروس العملية التي تعلمتها من تجربة الراحل محمد أبو الغيط، فلم يتوقف محمد عن العمل ومساعدة كل من يلجأ إليه؛ استمر في إبداعه وكتاباته حتى وفاته. كان يحلم بأن يمده الحظ ببعض الوقت ليحضر معرض الكتاب القادم في مصر ويقوم بعمل حفلات توقيع لكتابه "أنا قادم أيها الضوء" الذي يحكي فيه عن معركته مع المرض، وحتى لحظاته الأخيرة ظل يكتب ويبدع لأنه يعتقد أن الكتابة ستصمد ويبقى أثُرها، أو كما يقول فهي محاولة للتغلب على الزمن والموت.
علمتني تجربة محمد أنّ فهم الواقع عندما تباغتنا الحياة بأحداث مفاجئة هو الخطوة الأولى في محاولة التأقلم واستعادة السيطرة. وبحكم دراسته للطب، كان يعلم وضعه الطبي بشكل جيد، ويعرف أيضاً أن فرص العلاج لا تحمل أملاً بقدر ما تحمل ألماً.
لكن حتى لحظاته الأخيرة، ظل محمد يبحث عن طرق علاج مختلفة ويتطوع في تجارب طبية لاختبار فعالية مجموعة من الأدوية للتحكم في مرضه؛ يدعم كل من حوله وينظر إلى الإيجابيات في حياته. لم يتوقف الأمر على بحثه عن محاولات للشفاء فقط؛ إذ ظل يبدع في عمله الصحفي، حتى أنه تم تكريمه في منتدى مصر للإعلام في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 وحرص على المشاركة وهو على سرير المرض.

علّمني محمد النظر إلى النِّعم التي حولي بدلاً من التضرر بما ينقصني. كان قد احتفل منذ شهور قليلة بأنه قضى تسع سنوات مع حبيبة عمره وزوجته إسراء شهاب، وذكر محمد في هذا المنشور: "ما أكرم الحياة!".
عندما شاهدت هذا المنشور وقفت عنده كثيراً، فكيف لشخص يصارع مرضاً خبيثاً ويعلم جيداً أن الموضوعَ مسألةُ وقت ليس إلا، أن يرى الحياة كريمة؟ شعرت بالخجل من نفسي حينها!
يمكنني بالطبع كتابة آلاف السطور عن ما تعلمته من محمد أبو الغيط في حين أني لم أعرفه شخصياً، فما بالك بالمقربين والعائلة والأصدقاء؟
لكني سأتركك لكم بعضاً من كلماته البديعة آملة أن تأسركم موهبته كما فعلت معي!
"أكتب لأن الكتابة هي أثري في الحياة؛ هي أهراماتي الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة من بعدي؟ الكتابة هي محاولتي لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمي أطول من عدد سنوات حياتي التافهة مقارنةً بعمر الكون الشاسع المقدَّر حاليا بـ 14 مليار سنة.
أعرف أني مهما عشت فإن حياتي، والعالم كله، كذرّة غبار لا تُرى على شاطئ ذلك الكون الفسيح؛ لكن الكتابة قد تجعل ذرَّتي ألمع بين باقي الذرات على الأقل! هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا!".

هل صدمتك الحياة من قبل بحادث لم يكن في حسبانك؟ ماذا فعلت حينها؟ شاركنا تجربتك على البريد الإلكتروني لنشرتنا: [email protected]


أرهقتك أحداث العالم المتلاحقة؟

نعلم جيداً ما يمكن أن يفعله الضغط المتواصل بصحتك النفسية، لذا نقدم لك من خلال نشرة "تأملات نفسية" اليومية مقالات متنوعة تجعلك أكثر فهماً لنفسيتك بشكل يزيد وعيك بما يحدث لها من تأثيرات، وتساعدك على التحكم في حياتك

لا تنسَ زيارة قسمنا الجديد "اعرف نفسك" وتجربة أحدث اختبارات الشخصية، مجاناً!

Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
Instagram
 
Website

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!