ما لا تعرفه عن وصمة العار المرتبطة بالوزن

وصمة العار المرتبطة بالوزن
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ترتبط العديد من الحالات الصحية السلبية المرافقة لزيادة الوزن (البدانة أو السمنة) بتجارب الأفراد الشخصية وتصوراتهم وتوقعهم واستيعابهم لـ “وصمة العار المرتبطة بالوزن” (Weight Stigma) أو تلك المشابهة لها والمرتبطة بالبدانة (Obesity Stigma).

وتشير الإحصاءات العالمية الحالية إلى وجود ارتفاع مستمر ومتزايد لداء البدانة بين جميع مكونات المجتمعات المدنية الحديثة، شاملاً الأطفال والمراهقين والبالغين بحسب أحدث إصدارات الجمعية الأميركية لعلم النفس والمنشور في شهر مارس/آذار 2022.

وبالمثل؛ يؤدي ما سبق من تغيرات جسدية ناتجة عن زيادة الوزن أو البدانة إلى أضرار نفسية جسيمة، لأن وصمة العار المرتبطة بها أو التحيز ضد من يعاني منها بسبب حجم أجسامهم آخذان في الازدياد أيضاً.

فمثلاً حسب التقرير السابق؛ أبلغ أكثر من 40% من البالغين في الولايات المتحدة الأميركية الذين مثلوا مجموعة من أحجام الجسم المختلفة، عن تعرّضهم لوصمة عار تتعلق بالوزن في مرحلة ما من حياتهم، إلى جانب أعداد أكبر من هؤلاء حتى خارج أميركا.

دعونا نتعرف أكثر إلى وصمة العار المرتبطة بالوزن أو البدانة وأثرها في الصحة النفسية وكيفية التعامل الأنسب معها.

وصمة العار المرتبطة بالوزن

بشكل عام؛ يصف مصطلح “الوصم” (Stigmatization) في هذا السياق كُل فعل أو معاملة يتم فيها التمييز بشكل علني وغير عادل لشخص أو شيء؛ ما يؤدي إلى جعل كُل من يتصف به مرفوضاً أو منبوذاً.

بالتالي فوصمة العار المرتبطة بالوزن تعني كل الأفعال التي تنبذ كُل من يتصف بزيادة في الوزن، أو مصاب بداء البدانة، وترفضه وتتحيز ضده. كما تشير أيضاً، على سبيل المثال، إلى توجّه قد يكون صريحاً لمعاقبة وتشويه سمعة ومكانة الأفراد بسبب أوزانهم وحجم أجسامهم.

أضرار وصمة العار المرتبطة بالوزن

تُضعِف هذه الوصمة السلوكيات الصحية والرعاية الوقائية؛ ما يتسبب في ظهور اضطرابات الأكل واحتمالية انخفاض النشاط البدني وتَجنُّب الرعاية الصحية، وفي نهاية المطاف زيادة الوزن أكثر فأكثر؛ ما يعني زيادة خطر الوفاة على المدى الطويل حسب الإصدار سابق الذكر للجمعية الأميركية لعلم النفس.

بالإضافة إلى ذلك؛ يزيد التحيز من خطر تعرض الشخص لمشاكل الصحة النفسية والعقلية مثل الاكتئاب والقلق وتعاطي المخدرات وحتى الانتحار.

وتتضاعف فداحة أضرار هذه الوصمة التي قد يواجهها الفرد في العمل أو عيادة الطبيب أو العلاقات الاجتماعية العادية والرومانسية أو في المدرسة والجامعة، حتى أنها تتصدر قائمة الأسباب التي تضع الأطفال هدفاً لحوادث التنمر.

وصمة العار الداخلية المرتبطة بالوزن

في بعض الأحيان قد يكمن جزء من المشكلة في داخل الشخص الذي يتعرض لهذه الوصمة؛ حيث من الممكن جداً أن يكون ضحية لوصمة عار داخلية مرتبطة بوزنه أو سمنته، فيما يُسمى (Internalized Weight Stigma).

ففي دراسة أسترالية نُشِرَت في بداية 2022 لصالح المجلة الدولية للسمنة (IJO)، حلل العلماء بيانات 17 دراسة علمية تناولت دور وصمة العار الداخلية المرتبطة بالوزن كعامل مهم يؤثر في وصمة العار المرتبطة بالوزن المتصوَّرة والمحسوسة، وما تُنتِجه من أضرار نفسية جسيمة.

وقد وجد الباحثون أن هناك دليلاً علمياً ثابتاً يوضّح دور وصمة العار الداخلية المرتبطة بالوزن كوسيط يُفسِّر ظهور اضطرابات الأكل.

إضافة لما سبق؛ عثر العلماء على أدلة أولية على دور وصمة العار الداخلية المرتبطة بالوزن في وصمة العار المرتبطة بشكل الجسم، الاستياء من شكل الجسم، سلوكيات النشاط البدني، تجارب وسلوكيات الرعاية الصحية، الألم الجسدي والتحدث عن الوزن مع الوالِدين.

كيف يتأثر الإنسان بوصمة العار الداخلية المرتبطة بالوزن؟

وفي نفس سياق الدراسة السابقة؛ تتميز هذه الوصمة بعدد من الأفكار التي قد يتصورها في داخله عن وزنه وتزيد من تأثره بما يتصوره الآخرون عنه أو يمارسونه ضده. فمثلاً قد تشمل وصمة العار الداخلية المرتبطة بالوزن العديد من مكونات تصور الفرد لذاته وتُحدِّد هويته؛ ومنها:

  • الوعي بالقوالب النمطية السلبية حول الوزن والاتفاق معها: فقد يعاني من تصديق تصوّر أن “الأشخاص ذوي الوزن الزائد كُسالى”.
  • تطبيق الصور النمطية السلبية على الذات: فقد يتعمد الإنسان تصديق عبارة “أنا كسول”.
  • إساءة معاملة الذات أو التقليل من قيمتها: وذلك بسبب التصنيف الذاتي المتصوّر في حال “زيادة الوزن”؛ ومن ذلك تصديق عبارة “أنا أقل جاذبيةً من معظم الأشخاص الآخرين بسبب وزني”.

التعامل الأنسب مع وصمة العار المرتبطة بالوزن

حسب إصدار الجمعية الأميركية لعلم النفس الذي ذكرناه بالأعلى؛ يعمل علماء النفس على تطبيع مجموعة من التدخلات الإيجابية المتعلقة بالوزن ومثبتة الفعالية مع أنواع أخرى من الوصمات الاجتماعية. من هذه التدخلات ما يلي:

  • تشجيع التعاطف مع الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن.
  • التثقيف حول العديد من العوامل التي تحدد وزن الجسم.
  • دعوة المشاركين لارتداء البدلة التي تزيد كتلة الجسم والمشي لمسافة معينة.

وبحسب مقالة أنجليكا بوتارو (Angelica Bottaro)؛ الكاتبة لصالح منصة “ڤيري ويل هيلث” (Verywell Health) والمختصة في الأمراض المزمنة والتغذية، فلدينا عدة طُرق للمساعدة في معالجة التحيّز ضد زيادة الوزن وإيقاف وصمة العار المتعلقة بالبدانة؛ ومنها ما يلي:

  • استخدم لغة عقلانية ومحترمة عند الحديث عن الوزن.
  • تحدي الاعتقاد السائد في بعض الأحيان الذي يتمحور حول جعل وزن الجسم عاملاً ذا أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بتقييم شخصية الفرد أو سلوكياته الصحية العامة.
  • اختيار الصور المناسبة عند الحديث عن الوزن والصحة، وتشجيع الأشخاص من حولنا لتشكيل تصور حقيقي يحترم الأشخاص من جميع الأشكال والأحجام، وهذا ينطبق بشكل خاص على الذين يعملون في مهن الإعلام أو الرعاية الصحية.
  • التركيز على الصحة العقلية والجسدية يمكن أن يساعدنا على إدراك حقيقة أجسامنا من منظور أكثر إيجابيةً.

وفي حين قد تكون زيادة الوزن داء يحدث نتيجة لأمراض مزمنة أو عوامل تتعلق بنمط الحياة الشخصية ولا يستطيع الإنسان التَحكُّم بها؛ يجدر بنا كأفراد ومجتمعات عدم زيادة الطين بلّة، فليس منّا من لا يعرف ما تُسبّبه زيادة الوزن من أضرار جسدية ونفسية وعقلية على الإنسان،؛ ما يُحتِّم علينا التعامل بجدية وحزم مع من يتحيّز ضد من يعاني منها أو يصمه بعار قد يفتك به في نهاية المطاف!

المحتوى محمي !!