3 خطوات للتخلُّص من الشعور بأنك أم سيئة!

الشعور بأنك أم سيئة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أشارت عالمة النفس المتخصصة في تربية الأطفال، ماريون كونيار (Marion Cognard) إلى أن الأمهات يردن أن “يحاربن على الجبهات كلها”؛ إذ يردن رعاية أطفالهن وتلبية حاجات أزواجهن والنجاح في حياتهن المهنية والتخطيط لمستقبلهن العملي؛ بل والتحكم في عواطفهن! وهكذا يجدن أنفسهن أمام رغبات عديدة ومتناقضة في بعض الأحيان؛ ما يولّد لديهن صراعات نفسية عنيفة. بعيداً عن التصوُّر الحالم للأمومة الكاملة والمثالية، تشعر أمهات كُثُر بأنهن قد فشلن في أداء الدور المنوط بهن؛ ما يدفعهن إلى الشعور بالذنب والقلق. وسنحاول في السطور التالية تحليل هذا الموقف ملتمسين المشورة من أبرز الخبراء المختصين لمساعدتك على التخلص من هاجس “الشعور بأنك أم سيئة”.

تقول مروة البالغة من العمر 31 عاماً وهي معلمة يوغا: “لم يتجاوز عمر ابني مازن 6 أشهر فقط، وأخشى أن أكون أماً سيئة له. لطالما تخيلتُ أنني سأكون أماً صبوراً تغدق على صغارها الحب والحنان؛ لكنني أشعر في بعض الأحيان بأنني أعجز عن التحلي بأيٍّ من هذه الصفات. أعلم أنني لست مثل الآخرين؛ أولئك الذين يبدو كل شيء سهلاً بالنسبة إليهم”.

يقول عالم الاجتماع والمؤلف المشارك لكتاب “الآباء والأمهات ووظائفهم غير المؤكدة” (Père, mère, des fonctions incertaines)، جيرار نيرون (Gérard Neyrand): “بات هذا الشعور طاغياً، وبخاصة اليوم، ويرتبط بعامِلَين اجتماعيين ثقافيين: ازدياد عزلة الأمهات عن ذي قبل (فقد ازدادت الفجوة بيننا وبين محيطنا الأسري، إضافة إلى ارتفاع معدلات الانفصال بين الأزواج) وتغيُّر المعايير التربوية كثيراً (فقد أصبحنا نولي الطفل قدراً أكبر من التقدير، علاوة على المبالغة في إضفاء الطابع النفساني على العملية التربوية). وعلى الرغم من تطور الممارسات التربوية كمشاركة الآباء في تربية الأطفال واقتحام المرأة لمجال العمل، فما يزال دور الأم وتأثيرها في العملية التربوية مُبالغاً فيهما، وإن المبالغة في تحميل الأم لهذه المسؤولية تولّد الشعور بالقلق حتماً. ولا ينظر المجتمع إلى الأمهات بعين العطف؛ لكن هل ينظرن هنّ إلى أنفسهن بعين العطف؟

التشتت في الكثير من الاتجاهات

أشارت عالمة النفس المتخصصة في تربية الأطفال، ماريون كونيار (Marion Cognard) إلى أن الأمهات يردن أن “يحاربن على الجبهات كلها”؛ إذ يردن رعاية أطفالهن وتلبية حاجات أزواجهن والنجاح في حياتهن المهنية والتخطيط لمستقبلهن العملي؛ بل والتحكم في عواطفهن! وهكذا يجدن أنفسهن أمام رغبات عديدة ومتناقضة في بعض الأحيان؛ ما يولّد لديهن صراعات نفسية عنيفة. وتفرض عليهن هذه الظروف حتمية مواجهة معادلة معقدة تطرح عدداً من الأسئلة مثل: هل إقدامهن على تخصيص بعض الوقت لأنفسهن يعني أنهن أمهات “سيئات”؟! وهل يجب عليهن الاختيار ما بين النجاح في حياتهن العملية والنجاح في حياتهن الأُسرية؟ وهل يليق بهن أن يشعرن بالغضب؟ ومن هنا تزداد الشكوك لدى الأمهات اللاتي يشعرن بأنهن مشتتات بين أدوارهن المختلفة، سواء كانت أدواراً شخصية أو جماعية، وما يجب عليهن فعله حتى يكنّ أمهات “مثاليات”.

الشعور بالهشاشة

تقول ماريون كونيار: “حينما تصبح المرأة أماً فإن هذا كفيل بزعزعة حياتها إلى حدٍّ كبير؛ حيث تتغير هويتها تماماً ويتبدل وضعها وتنقلب حياتها اليومية رأساً على عقب ما يؤدي بدوره إلى زعزعة استقرارها النفسي الذي يفقد ثوابته المعتادة كلها”. وترى المحللة النفسية ومؤلفة كتاب “السعادة في تحمُّل المسؤولية، دون شعور بالذنب” (Bonheur d’être responsable, vivre sans culpabiliser)، فيرجيني ميغلي (Virginie Megglé) أن: “الأمهات يدّعين أنهن “سيئات” عندما يشعرن بالهشاشة، ويمكن اعتبار هذا الادعاء بمثابة طلب ضمني للراحة والتشجيع للتخفيف من حدة الشعور بالوحدة، فهنّ بحاجة إلى إيجاد الشجاعة مثل طفل يعاني بعض الصعوبات، وذلك لأن تربية الأبناء تستدعي في العقل الباطن مراحل الطفولة لدى الأم نفسها وشعورها بالهشاشة”.

كنت أتخيَّل نفسي أماً تمتلك قدرات خارقة

يُعتبَر هذا الشعور بالعجز أكثر إيلاماً لأنه يخفي “الرغبة في القدرة المطلقة”، على حد وصف المحللة النفسية التي تستطرد قائلة: “تضع النساء لأنفسهن سقفاً من التوقعات المبالغ فيها، ويتخيلن أنهن يستطعن أداء أي دور وينجحن في كل شيء وهو ما يعبّر بحق عمّا يُعرف بوهم السيطرة؛ إلا أن الواقع يقول إنه على الرغم من حسن نياتهن فإنهن لا يستطعن التحكم في كل شيء، فضلاً عن الطفل نفسه”. وتضيف ماريون كونيار: “إذا كان طفلاً مثالياً، فيمكنه تعزيز دور الأم وثقتها في نفسها لكن الحال ليست كذلك بالطبع، ومن هنا ينشأ الشعور بالفشل والذنب”.

ماذا تفعلين حيال هذا الموقف؟

1. اطلبي المساعدة

ترى فيرجيني ميغلي أنه: “يجدر بالأم ألا تخشى الشعور بالقلق لأنه يظل شعوراً بشرياً في الأساس؛ وبالتالي ينبغي لها ألا تخاف نقله إلى الآخرين. وتقتضي الحكمة أن تطلبي من الأب أولاً أن يقدم لك الدعم والمساعدة، أو أن تطلبيهما من طرف ثالث موثوق به (كالمعالجين النفسيين) إذا باءت المحاولات كلها بالفشل، فنحن لا نعني بكلامنا هذا ألا تقلق الأم من الآن فصاعداً بل أن تحوّل هذا القلق إلى عمل بنَّاء، وينبغي لكل أم أن تقلق على نفسها أولاً قبل أن تقلق على طفلها”.

2. ثقي بنفسكِ

يقول جيرار نيرون: “تؤدي كثرة المعايير التربوية، المتناقضة أحياناً، إلى تدمير حياة المرأة التي تسعى إلى إجادة أداء دورها كأم. يؤدي هذا بدوره إلى ما يُعرَف بمعضلة الاختيار التي تعني البحث عن إجابات عندما تكونين في حيرة من أمرك؛ لكن عليكِ أن تثقي بنفسك وتنصتي إلى مشاعرك وتحترمي قيمك وهويتك وما تشعرين بأنه يلائمك. ولا تجزعي، فقد كان فرويد نفسه يرى أن العملية التربوية مهمة أقرب إلى المستحيل”.

3. كوني متسقة مع نفسك

تقول ماريون كونيار: “لا يحتاج الطفل إلى أم مثالية بل يحتاج إلى الإحساس بالأمان؛ يحتاج إلى أم مستقرة نفسياً ومتسقة مع نفسها بحيث يستطيع أن يوليها ثقته. ومن الأفضل أن تعبري عن غضبكِ عندما تشعرين به بدلاً من محاولة كبته من خلال الشعور بالذنب. واعلمي أن الرسائل المتناقضة بين ما يجيش في صدر الأم، وما تقوله وتشعر به وتفعله هو ما يُسيء إلى الطفل”.

الحل الذي توصلتُ إليه

فاتن، 40 عاماً، محامية

“لقد أنجبت أطفالي في سن متأخرة، وكان وقع الأمر عليّ كالصاعقة. كنت أعتقد أنني امرأة قوية وناضجة لكنني وجدتُ نفسي أشبه بطفلة تائهة، ولم أكن أعرف كيف أتعامل مع هذا الموقف. لقد قرأت كل ما وقعت عليه يداي في المجال التربوي ومع ذلك شعرتُ بالعجز، فما كان مني إلا أن استجمعت شجاعتي وأفضيتُ بمخاوفي تلك لأصدقائي وأمي وأختي، حتى تمكنتُ من استعادة ثقتي بنفسي. فحينما نعلم أننا لسنا النساء الوحيدات اللاتي يشعرن بأنهن أمهات “سيئات”، فإن هذا سيخلصنا بكل تأكيد من الشعور بالذنب. ستنتابنا الشكوك حتماً كأمهات إلا أنني ما زلت أحتفظ بقدر معقول من الثقة في نفسي؛ لكن بما أنني أستطيع أن ألمس تضامن مَن حولي معي، فلا أتردد في الاستفادة منه”!

المحتوى محمي !!