3 نصائح لإتقان الثناء على الآخرين بالطريقة الصحيحة

الثناء على الآخرين
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تقول اختصاصية علم النفس الاجتماعي ومؤلفة كتاب “علم النفس الاجتماعي” (Social Psychology)، إيوا دروزدا سينكوسكا (Ewa Drozda-Senkowska): “يمنحنا المجتمع أدوات للتعايش، وعلى رأسها عبارات مثل: “تبدين حسنة المظهر” أو “إنك تعيشين في مدينة جميلة جداً”، فكل هذه المجاملات، وإن بدت جوفاء، تسمح لنا ببدء عملية التعرُّف إلى الآخر وبيئته وتاريخه”. كيف تتعلم الثناء على الآخرين النابع من القلب، دون إفراط أو تفريط؟
يستطيع البعض الثناء على الآخرين ومجاملتهم بسهولة بالغة لدرجة أنك قد تشك في أنه يمارس نوعاً من التملق والتزلف، في حين أن البعض الآخر لا يجرؤ على قول أي شيء لئلا يُساء تفسير كلماته الطيبة وتُحمَل على محمل آخر. فما الذي يخفيه هذا التخبُّط؟ وكيف تتعلم الثناء على الآخرين النابع من القلب، دون إفراط أو تفريط؟

لماذا؟

يقول مهند البالغ من العمر 44 عاماً عن بدايات مسيرته المهنية: “كنتُ من أشد المعجبين بسمعة مديرتي التي سأعمل تحت رئاستها في المستقبل، وفي أول فرصة أمطرتها بوابل من عبارات الثناء، فما كان منها إلا أن لاذت بالفرار مذعورة؛ وذلك لأنني حدثتها على قارعة الطريق، والأهم من ذلك أنها لم تكن تعرفني!”. يعلّق الطبيب النفسي فريديريك فانجيه (Frédéric Fanget) على هذه المشكلة قائلاً: “لا الزمان ولا المكان كانا مناسبَين، وينطوي الثناء دائماً على تجشم المخاطر، في حين أن الرسالة الإيجابية للثناء يجب أن تكون في بساطة قولك “مرحباً” لمن تُثني عليه”.

أخشى أن أصدم الآخر

يحلل الطبيب النفسي هذه الظاهرة بقوله: “يتمثّل دافعنا الطبيعي للتعبير عن الحب في أن يبادلنا الطرف الآخر حباً بحب؛ لكن ما قد يمنعنا من التعبير عن هذا الحب هو الخوف من إساءة فهم مقصدنا واعتباره نوعاً من التملق والتزلف. وعلى العكس من ذلك، فعندما يكون الثناء في محله ويصيب كَبِدَ الحقيقة فإننا قد نخاطر بإثارة حساسية الآخر للمجاملات؛ ما قد يعرّض العلاقة للخطر أيضاً”. ولكن كيف يمكننا التنبؤ بأثر ثنائنا؟ تقول اختصاصية علم النفس الاجتماعي ومؤلفة كتاب “علم النفس الاجتماعي”، إيوا دروزدا سينكوسكا: “يمنحنا المجتمع أدوات للتعايش، وعلى رأسها عبارات مثل: “تبدين حسنة المظهر” أو “إنك تعيشين في مدينة جميلة جداً”، فكل هذه المجاملات، وإن بدت جوفاء، تسمح لنا ببدء عملية التعرُّف إلى الآخر وبيئته وتاريخه”. وإذا كنتَ تعرف الطرف الآخر جيداً، فإن عبارة مثل “تسعدني رؤيتك” ستسمح لك بمعرفة حالته المزاجية على الفور. وتؤكد الطبيبة والمعالجة النفسية كاثرين إيمليت بيريسول (Catherine Aimelet-Périssol) هذه الحقيقة قائلة: “لا ينخدع أحد بهذه المجاملات غير الرسمية ولكنها عندما تكون مناسبة للسياق العام وذات مدلول إيجابي، فلن تبدو مغرضة”.

لا أريد أن أحكم على الآخرين

يقول هاني البالغ من العمر 53 عاماً: “عندما كنت طفلاً، لم يكن أبي يهنئني إلا على نتائجي الملموسة”. وأرى من وجهة نظري أن الثناء على الآخرين نوعٌ من الحكم عليهم، ولأنني أحترم الآخرين كثيراً فلا أحب أن أحكم عليهم. تعترف كاثرين إيمليت بيريسول بأن هاني على صواب؛ إذ تقول: “هاني ليس مخطئاً، لأن الثناء على الآخرين يُعتبر بطريقة أو أخرى نوعاً من الحكم عليهم. وحينما تقيِّم مواقفي وأقيِّم مواقفك، فإننا بهذه الطريقة سنضع حياتنا برمتها تحت المراقبة”. لكن المعالجة النفسية ترى أن: “هذه الممارسات التبادلية تُعتبَر نوعاً من المجاملات الضرورية”، وهي ما يؤسس لما أسماه مونتسكيو “التبادل الإنساني”.

أخشى أن أبالغ في الثناء

تقول ليلى البالغة من العمر 35 عاماً: “أخشى دائماً أن أتسبّب في مضايقة الآخرين وأشيع بينهم جواً من الشعور بالريبة لأنني أُثني كثيراً على الجميع”. توضح كاثرين إيمليت بيريسول هذه النقطة قائلة: “عندما نقدّم الثناء للآخرين، فإننا نضع أنفسنا في موقف قد يوحي بأننا نقلّل من قيمتنا الشخصية. ونحن نرفض بطبيعتنا أن نضع أنفسنا في هذا الموقف التنافسي غير العادل لأننا نريد في أعماقنا أن نظل سادة الموقف”. ويضيف فريديريك فانجيه: “يكمن الخطر في أن نوقظ لدى الطرف الآخر مخاوف التلاعب؛ ما قد يدفعه إلى التساؤل: ماذا لو كانت الرسالة الإيجابية تُخفي وراءها مدلولاً سلبياً”؟ وما الحل؟ يستطرد الطبيب النفسي “يكمن الحل في تحري الصدق؛ لكننا سنفتقر إلى الصدق بكل تأكيد عندما نسعى إلى نيل حب الجميع بأي ثمن”. وكلما قل خوفنا من استياء الآخرين، كانت مجاملاتنا أفضل وأصدق.

كيف تتقن الثناء على الآخرين بالطريقة الصحيحة؟

1. تدرَّب كأنك رياضي محترف

يمكننا أن نتدرب على الثناء على الآخرين بالطريقة الصحيحة، مثلما يؤدي الرياضي المحترف تدريبات يومية لتقوية عضلاته يوماً بعد آخر. وينصح الطبيب النفسي فريديريك فانجيه بأداء هذه التدريبات: “إمّا بالثناء على أشخاص لا نعرف الكثير عنهم كالخباز أو ساعي البريد، أو أحبائنا المقرَّبين؛ ولكن دون ذكر الكثير من التفاصيل”. حاول في البداية أن تعثر على شيء إيجابي تقوله، وسرعان ما سيغدو الأمر أسهل وأيسر لأن الثناء سيأخذ حينئذٍ شكل دائرة مغلقة من الممارسات الإيجابية التي يكمل بعضها بعضاً وتشجِّع على تقبُّل الثناء في المقابل؛ ما يجعلنا أكثر سعادة”.

2. أثنِ على الآخر بما هو أهل له

تنصح المعالجة النفسية كاثرين إيمليت بيريسول قائلة: “قبل أن تثني على أحدهم، عليك أن تدرس حالته وتعرف موقفه عن قرب”. فالثناء على شخصٍ ما؛ ما هو إلا طريقة لإخباره بأننا قد عرفنا قيمته. ولكيلا يُنظر إلى مجاملاتنا على أنها أحكام قطعية؛ يُفضَّل أن نضع مسافة بينا وبين الطرف الآخر ببدء كلامنا بشيء على غرار”أعتقد أن”.

3. أنصِت لمشاعره

تقول كاثرين إيمليت بيريسول مؤكِّدة: “إن أصعب شيء أن تعتمد على مشاعرك لفهم ما يريده الآخر، فمجاملة أحدهم تشبه التفكير في تقديم هدية له، وحينما نركز على ما يهم هذا الشخص بالذات ونبني مجاملاتنا على قناعاتنا الصادقة حول الأشياء التي نراها إيجابية فيه، لن نخطئ اختيار الكلمات المناسبة”.

قصة معبّرة

إلهام امرأة تبلغ من العمر 53 عاماً، وتعمل مديرة لإحدى وكالات التدريب:

“أرسلني مديري لحضور ندوة عن تطوير الذات لأنه شعر بأنني لا أجيد الثناء على أعضاء فريقي، ولا أشيد بأدائهم بالقدر الكافي. لكنني أريد أن أقول إنني لم أكن أفتقر إلى الحساسية في التعامل مع الآخرين، فقد كنتُ أنخرط بنفسي في عمل الجميع. كنت أبذل فيه الكثير من الطاقة والجهد لكنني لم أكن أعبر عن الامتنان الكافي بكل تأكيد. وبعد تلقي هذا التدريب، أدركتُ أن زملائي كانوا بحاجة حقيقية إلى تلقي الثناء والمديح من مديرتهم (أنا!) أكثر من احتياجهم إلى الشرح المطوَّل لأساليب الأداء والنتائج المرجوة؛ كما أن الثناء منحهم القدرة على تطوير مستوى أدائهم بسرعة أكبر”.

المحتوى محمي !!