لماذا لا يستطيع الكثير منا تذكّر أحلامه بعد أن يستيقظ؟

نسيان الأحلام
shutterstock.com/Aleksandra Bataeva
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منذ فرويد، نعلم أن كل حلمٍ يراودنا هو كنز من المعلومات يكشف رغباتنا الدفينة، ولذلك نُصاب بالإحباط عندما لا نتذكره. لماذا لا يستطيع الكثير منا تذكّر أحلامه بعد أن يستيقظ؟ وكيف يمكننا عدم نسيان الأحلام وتذكرها حقاً؟

  • معظمنا يحلم كل ليلة
  • نقص الانتباه
  • القمع
  • نصائح من الأطباء النفسيين
  • شهادات عن الأحلام

معظمنا يحلم كل ليلة

تقول مريم؛ 29 عاماً: “كثيراً ما يروي أصدقائي أحلامهم لبعضهم البعض؛ لكني شخصياً لا أتذكر سوى القليل جداً من أحلامي، وغالباً لا أتذكر شيئاً مهماً منها على الإطلاق. لا صور ولا انطباعاتٍ ذات معنىً، وهذا محبط. أرغب بشدة في تذكرها لأفك الرسالة التي تحملها”. تعلّق المحللة النفسية نيكول فابر حول هذا الأمر قائلةً: “ترجع خيبة الأمل المتكررة هذه إلى حقيقة أن نسيان الأحلام يولّد لدى المرء شعوراً بفقدان عنصرٍ مهم لفهم ذاته، بالإضافة للشعور بالافتقار إلى الإبداع والثراء الداخلي والفضول”.

في بعض الحالات؛ يمكن إرجاع نقص ذكريات الأحلام إلى غياب الأحلام نفسها كما يقول ميشيل بيليارد؛ طبيب الأعصاب وأخصائي النوم: “يمكن أن تؤدي التغيرات العصبية الناجمة عن بعض الأمراض أو الحوادث أو الصدمات إلى اختفائها. كما يمكن أن يحدث ذلك إذا ما كان المرء يعاني من حالة نفسية يصعب خلالها جداً التعبير عن مشاعره، أو عند الدخول في سلسلة من نوبات حركة النوم السريعة “الريم” المتكررة والقصيرة جداً؛ لكن هذه الحالات نادرةٌ جداً، والغالبية العظمى منا يحلمون كل ليلة”.

نقص الانتباه

يذكر طبيب الأعصاب ميشيل بيليارد، أن فقدان الذاكرة لدينا يرجع أساساً إلى عدم اهتمامنا بعالم الأحلام؛ حيث يقول: “بدون الانتباه والتركيز، تهرب الأحلام، ويحدث نفس الشيء مع جميع الأنشطة العقلية. من ناحية أخرى؛ ما إن نهتم بأفكارنا وعالمنا الداخلي، تصبح ذاكرتنا يقِظةً أكثر”. وقد لاحظ ميشيل بيليارد أن “النساء؛ واللواتي عادةً ما يكنّ أكثر تعمقاً من الرجال، أكثر انتباهاً لأحلامهنّ؛ وبالتالي يتذكرنها بشكل أفضل، وينطبق الشيء نفسه على أولئك الذين ينخرطون في التأمل الذاتي”.

يمكن أن يرتبط عدم اهتمام المرء بالأحلام أيضاً بعدم أهمية الحلم نفسه. يقول ميشيل بيليارد: “في حالتين من كل ثلاث حالات، تتكون أحلامنا من أحداث عادية وقعت في اليوم السابق؛ والتي يتم “تنظيمها” في أثناء النوم، ونظراً لأنها ليست بذات أهمية، فإننا ننسى هذه الحقائق حتى لا نشوش ذاكرتنا”.

القمع

تقول نيكول فابر: “في داخل كلّ منا رغباتٌ جامحة، رهيبة وعبثية، وهذا ما تُظهره جلياً أحلامنا”. لم تكن تلك كلمات فرويد؛ بل كلمات أفلاطون (الجمهورية الفاضلة)! رغم أن الفكرة تأتي من العصور القديمة، فإن أبا التحليل النفسي هو من نوّه إليها، وقدم تفسيراً آخر لانقطاع ذاكرتنا: “في الأحلام، يعبر اللاوعي عما لا نعرفه أو ما لا نجرؤ على قوله: رغباتنا، مشاكلنا، آلامنا…”.

وتضيف فابر: “لماذا لا نتلقى أو نفهم هذه الرسائل التي يرسلها اللاوعي إلينا؟ لأننا نقمعها، فالحلم يموّه المعلومات التي يحملها في داخله وراء صور عادية ومبتذلة، أو على العكس من ذلك؛ وراء صورٍ غريبة غير عادية لحمايتنا من قسوة نزعاتنا. ولكن إذا طغت علينا الحاجة إلى السيطرة، فإننا نرفض دون وعي إدراك هذه المكاشفات أو الرؤى التي قد تكون مخيفةً حقاً”.

نصائح من الأطباء النفسيين

نيكول فابر؛ محللة نفسية

“عندما تستيقظ، دع عقلك يتجول واترك الأفكار تمر خلاله دونما إصدار أي حكم عليها، احلم بأحلام اليقظة… انتبه للصور التي تأتي إليك. اسمح لنفسك بلحظاتٍ من الحلم خلال اليوم لتحفيز خيالك، ودرب نفسك على التنفيس عن أفكارك. إذا شعرت أن أحلامك هي مسرح لأحداث مؤلمة؛ ولكن “القمع” يمنعك من رؤيتها، فقد تكون بحاجة إلى طلب المساعدة من محلل نفسي”.

ميشيل بليارد؛ طبيب أعصاب

“إذا كنت تريد حقاً أن عدم نسيان الأحلام وتذكرها، فحاول إيقاظ نفسك حوالي الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً، في منتصف نوم حركة العين السريعة؛ والتي تجري فيها الأحلام لحوالي 20 دقيقة. يمكنك أيضاً أن تطلب من شريكك التحقق مما إذا كنت تحلم عن طريق مراقبة جفونك وأطرافك، فإذا كانت تتحرّك قليلاً، فأنت تحلم”.

شهادات عن الأحلام

ميساء؛ 34 عاماً

“أعتمد على طريقة الأخصائي النفسي الفرنسي إيميل كوي. كل ليلة، قبل أن أنام، أقول لنفسي بصوت عالٍ أنني سأتذكر أحلامي. في صباح اليوم التالي، أكتب كل شيء أراه في أحلامي، حتى التفاصيل؛ مثل الألوان والأصوات… ثم أقوم بربط الأفكار؛ أحاول اكتشاف ما تعنيه هذه الأفكار لفك تشفير الرسالة. يساعدني الاحتفاظ بهذه المذكرات جداً، ويسمح لي برؤية جوانب في نفسي لا أتحكم بها ولا أدركها عادةً”.

أمجد؛ 40 عاماً

“أجريت تحليلاً نفسياً قبل عشر سنوات حين بدأت تراودني كوابيسُ رهيبة فجأة، وباتت ترهقني جداً. استخدم المحلل النفسي أسلوب حلم اليقظة؛ حيث كنت استرخي وأترك الصور تتدفّق إلى أن اكتشفت سرّاً عائلياً؛ لم يكن الرجل الذي كنت أعتقد أنه والدي كذلك. حينئذٍ، كان ممكناً البدء بالعلاج النفسي وعملية تقبّل هذه الأفكار دون الحاجة للتحّكم فيها والتأثير عليّ بعد الآن”.

المحتوى محمي !!