من هو آدم غرانت؛ خبير البحث عن الحافز والمعنى لحياة أكثر إبداعاً؟

آدم غرانت
آدم غرانت
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“إن الإبداع هو السماح لنفسك بارتكاب الأخطاء، والفن هو معرفة أيها يجب الاحتفاظ به”.

 آدم غرانت، من كتاب: “الأصليون: كيف يحرك المبدعون العالم” (Originals: How Non-Conformists Move the World)

تتشعب مجالات علم النفس، ويبقى من أهمها المجالات التي تساعد الفرد على إدارة حياته وعمله وعلاقاته في بيئة العمل بشكل أفضل؛ مثل علم النفس التنظيمي (Organizational Psychology) المعني بدراسة هيكل المنظمات والطرق التي يتفاعل فيها الأشخاص داخلها.

ومن أشهر علماء النفس المعاصرين في هذا المجال، الكاتب وعالم النفس الأميركي آدم غرانت (Adam Grant) الذي وُلد في 13 أغسطس 1981. حصل غرانت على درجة الدكتوراة في علم النفس التنظيمي من جامعة ميشيغان (University of Michigan)، وشهادة البكالوريوس من جامعة هارفارد (Harvard University)، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف.

كما حصل غرانت على عدة جوائز لإنجازاته العلمية المتميزة من أكاديمية الإدارة والرابطة الأميركية لعلم النفس والمؤسسة الوطنية للعلوم، وتم الاعتراف به كواحد من أكثر الباحثين شهرةً في العالم وأكثرهم إنتاجاً وتأثيراً في مجال الأعمال والاقتصاد؛ حيث أدت أبحاثه الرائدة إلى تحسين الأداء وتقليل الإرهاق وتحفيز سلوكيات السلامة بين الفئات المختلفة.

كذلك؛ حصل غرانت على لقب أفضل أستاذ في جامعة وارتن لمدة سبع سنوات متتالية، وتم الاعتراف به كواحد من أكثر 10 مفكرين إداريين نفوذاً في العالم وقائمة فورتشن 40 تحت سن الـ 40.

وفيما يلي نقدّم بعضاً من أفكار غرانت حول كيفية التفاوض في العلاقات، وكيف يبالغ البعض في قدراتهم وصفاتهم الإيجابية على عكس الواقع من مقالين تم نشرهما في موقع “ريدبوك” (Redbook) و”ذي أتلانتيك” (The Atlantic).

التفاوض بدلاً عن المساومة لزواج أفضل

في مقاله عن التفاوض في مقابل المساومة كوسيلة للحفاظ على علاقة زوجية جيدة بالاشتراك مع زوجته أليسون غرانت (Allison Grant)، يشير الكاتبان إلى أن استخدام مفهوم “المساومة كأداة لزواج سعيد” هو أمر مبالغ فيه، وفي المقابل يجب على الشركاء إتقان فن التفاوض لبناء علاقة أفضل لكلا الطرفين والاستمرار فيها، ويتطلّب ذلك ما يلي:

إرساء قاعدة التفاوض أو النقاش

إذا كنت تعتقد أن شريكك يمتلك ذوقاً سيئاً أو لا تحبه، فربما تكون المبادرة بالاختيار أو وضع مجموعة من الاختيارات هي الحل الأفضل، سواء كان ذلك الأمر يدور حول اختيار قطعة أثاث في منزلك أو مكان قضاء العطلة، إلخ.  

حيث تمكّنك هذه المبادرة بالاختيار أو إبداء الرأي من ضبط أسلوب الحوار، ووضع شروطك بشكل أقل حدة. وعلى الرغم من خوف الناس من المبادرة بشكل كبير؛ إلا أنها تمنح مزيداً من المرونة لتقديم التنازلات، مع الاستمرار في تحويل النتيجة لصالحك.

لكن من المهم عند اتخاذ هذه الخطوة أن يكون العرض الأول الذي تقدمه من خلال مبادرتك معقولاً حتى تحصل على نتائج مرضية بالنسبة لك، ولا يطيح بها الشريك كلياً.

لعبة الإنذار الأخير (Ultimatum Game)

في بعض الأحيان يتفاوض الزوجان مطولاً حول المسائل التي ليست لها أهمية كبيرة كنوع من التهرب من اتخاذ القرار بشأنها. هنا ينصح الكاتبان بلعبة الإنذار الأخير؛ وهي أن يقوم أحد الطرفين بتحديد الاختيارات التي يجب الاختيار منها ليختار الطرف الآخر منها، وفي المرة التالية يتبادل الطرفان الأدوار.

تمكّن هذه الحيلة الطرفين من اقتراح الاختيارات والاختيار أيضاً، ولا تجعل الطرف الآخر بائساً أو يشعر بأنه لا يشارك في اتخاذ القرارات. 

تمكين كل شخص من الفوز بشيء ما

تأتي أهمية هذه النقطة في ترك الطرف الآخر يفوز في القضية أو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة له، وهو مستوىً آخر من التفاوض. لكن يجب أولاً اكتشاف الأشياء المهمة لك ولشريكك، ثم إجراء مفاوضات ثانية حيث يكون لديك أيضاً تفضيلات معاكسة، ودع كل شخص يفوز في القضية الأكثر أهمية بالنسبة إليه.

لماذا لا يعرف الأشخاص أنفسهم جيداً؟

وفي مقالة أخرى مثيرة للاهتمام في موقع “ذي أتلانتيك” (The Atlantic)، يعرض غرانت فكرة كيف يمكن أن يضخّم أحد الأشخاص من مميزاته ويجد نفسه متميزاً في بعض الأمور، في حين أنه ليس كذلك في الواقع ولا يمتلك كل هذه المميزات.

ويشير إلى أن الأشخاص يقضون وقتاً طويلاً في تقديم ادعاءات غير صحيحة عن أنفسهم، سواء كان ذلك في محاولة الحصول على وظيفة أو في المقابلات الاجتماعية، ويكون ذلك ناتجاً عن اقتناعهم بأنهم الأكثر معرفة بأنفسهم وتجاربهم على الإطلاق، فمَن يمكن أن يعرفهم أكثر منهم؟ لكن ذلك ليس صحيحاً.

يشير غرانت في المقالة إلى نتائج ست عشرة دراسة أُجريت على آلاف الأشخاص في العمل والتي أظهرت تفوّق زملاء العمل في تمييز مدى قوة وتأثير شخصية المشاركين في عملهم أكثر من المشاركين نفسهم. وأن سؤال الزملاء عن أداء أحد زملائهم الوظيفي سيكون أكثر دقة عن سؤاله هو شخصياً؛ حيث يمكن للزملاء رؤية الأشياء التي لا يمكن للشخص نفسه رؤيتها.

كما تكشف هذه الدراسات أن كل ما يعرفه الشخص عن نفسه ولا يعرفه زملاؤه في العمل هو في الأساس غير ذي صلة بأداء وظيفته. فهناك بعض “النقاط العمياء” لدى البشر وهي أنواع معينة من السمات حيث لا يستطيعون رؤية أنفسهم بوضوح؛ ولكن هناك أنواعاً أخرى يستطيعون فيها ذلك.

تقييم أصدقاؤك لك قد يفوق تقييمك لنفسك

على سبيل المثال؛ طلبت عالمة النفس سيمين فازير (Simine Vazire) من الناس تقييم أنفسهم وأربعة أصدقاء بناءً على مجموعة من السمات، تتراوح بين الاستقرار العاطفي والذكاء إلى الإبداع والحزم. 

وأظهرت النتائج تفوق الأشخاص على أصدقائهم في التنبؤ بمدى قلقهم الذي سيبدو عليه صوتهم عند إلقاء خطاب حول شعورهم حيال أجسادهم؛ لكنهم لم يتفوقوا في تنبئهم بمدى ثقتهم في مناقشة جماعية على تنبؤ أصدقائهم، أو الغرباء الذين التقوا بهم قبل ثماني دقائق فقط. وعندما حاولوا التنبؤ بأدائهم في اختبار الذكاء واختبار الإبداع، كانوا أقل دقة من أصدقائهم.

تسلط هذه النتائج الضوء على معرفة الناس لأنفسهم بشكل أفضل فيما يتعلق بالسمات التي يصعب ملاحظتها والاعتراف بها بسهولة؛ مثل الاستقرار العاطفي. لكن مع المزيد من السمات التي يمكن ملاحظتها، يمكن للآخرين أن يكونوا أفضل منا؛ مثل معرفة أنك شخص منفتح أو انطوائي.  

هذا هو السبب في مبالغة الناس باستمرار في تقدير كرمهم أو ذكائهم، وهو نمط يبدو أكثر وضوحاً بين الرجال منه لدى النساء. وليس من الغريب أن الناس الذين يعتقدون أنفسهم حياديين وموضوعيين يكونون أكثر تمييزاً لأنهم لا يدركون مدى تعرضهم للتحيز.

ويشير هنا إلى أهمية الاستماع لآراء الآخرين -الأصدقاء المقربين والشركاء- لأنهم قد يرونك بشكل أكثر دقة مما تعتقد. ويستطرد غرانت بأن القاعدة الأولى للذكاء هي ألا تتحدث عن ذكائك؛ أثبته.

إن تسليط الضوء على بعض إسهامات غرانت يحتاج المزيد من الكتابات والمقالات، فلا يمكن اختصار إسهاماته في فكرة المساومة بين الأزواج أو تقييم النفس؛ لكن ما يجذب الانتباه في إسهاماته هي تصريحاته في كتابه “الأصليون: كيف يحرك الإبداع العالم” عن أهمية الأخطاء في الإبداع، فأحياناً كثيرة يتم توجيهنا لفكرة أن الأذكياء والمبدعين والعباقرة لا يخطئون؛ والتي أصبحت فكرة مغلوطة يجب دحضها. اسمح لنفسك بالخطأ واسلك نهج غرانت بالاستمرار على بعضها، قد تقودك تلك الأخطاء إلى أقصى درجات الإبداع.

اقرأ أيضاً: هل تشعر بغياب الحافز في العمل؟ هذه النصائح ستساعدك على مواجهة هذه الأزمة.

المحتوى محمي !!