متلازمة مونشهاوزن: هل يمكن لادعاء المرض أن يتحول إلى مرض خطير؟

متلازمة مونشهاوزن
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد يتعمد جعل نفسه مريضاً، أو يدعي المرض، بغية جذب انتباه الآخرين وكسب تعاطفهم. عادة ما يكون معظم المصابين بمتلازمة مونشهاوزن من البالغين، ويمكن للمصاب بهذا الاضطراب النفسي النادر أن يتغلب عليه بمساعدة المحيطين به. نوضح فيما يلي مزيداً من التفاصيل عن هذا الموضوع.

تزييف التاريخ المرضي لجذب الانتباه وكسب التعاطف

متلازمة مونشهاوزن والمعروفة أيضاً باسم “الاضطراب المُفْتَعَل”، هي اضطراب نفسي يؤثر في المصابين به بطريقة تجعلهم يتلاعبون بتاريخهم المرضي، من خلال ادعاء المرض أو التسبب بالمرض لأنفسهم عمداً، بغية طلب العلاج وجذب انتباه الآخرين وكسب تعاطفهم. صاغ هذا المصطلح “متلازمة مونشهاوزن”، لأول مرة، عالم الغدد الصماء واختصاصي أمراض الدم البريطاني ريتشارد آشر في عام 1951 في أحد منشوراته في دورية “ذا لانسيت” (The Lancet). وقبل ذلك كان طبيب الأعصاب جان مارتن شاركو، قد وصف هذا الاضطراب في القرن الـ 19 بـ “هوس الجراحة” أو “هوس العمليات الجراحية”. كما نجد أن الشاعر بودلير يشير إلى هذا الاضطراب أيضاً في إحدى قصائده التي بعنوان “مادموزيل بستوري” (Mademoiselle Bistouri)، إذ يصف الشاعر فيها، امرأةً مهووسةً بالأطباء.

يعلق إريك بينيه، مختص علم النفس الإكلينيكى، ورئيس الجمعية الفرنكوفونية للاضطرابات الانشقاقية التالية للصدمة (AFTD) قائلاً: “متلازمة مونشهاوزن هي اضطراب نفسي يصعب تفسيره، إذ إن معظم الأبحاث حول هذا الموضوع تتناوله من ناحية طبية في الأساس، ولا تولي البعد النفسي للمتلازمة كثيراً من الاهتمام. ويبدو لي أن العديد من العلامات السريرية، مثل فقدان الذاكرة، والانفصال عن الواقع، والخدر العاطفي، قد تشير إلى الاضطرابات الانشقاقية المرتبطة بالصدمة، كمنشأ محتمل للمتلازمة”.

ومن المفارقات أن الأشخاص المصابين بمتلازمة مونشهاوزن لا يسعون لجذب الانتباه وكسب التعاطف فحسب، بل يعد هذا الاضطراب سبيلاً لهم للحد من إساءة المعاملة التي قد يتعرضون لها، لكن دون أن يدركوا بالضرورة المخاطر التي قد تقودهم إليها حالتهم، وجدير بالذكر هنا أنه لا يمكن الاستهانة بحالات الوفاة الناجمة عن تبعات هذه المتلازمة”.

أعراض متلازمة مونشهاوزن

تماماً كما في رواية الكاتبة دانيال ستيل، نشر طبيب نفسي في عام 2009 بعض الأعراض التي تساعد أهل الشخص في التعرف على إصابته بمتلازمة مونشهاوزن، ومن أهمها:

  • التاريخ الطبي الدرامي غير المتناسق للمريض.
  • تغيير المريض لمعلوماته الأساسية، مثل تاريخ الميلاد أو النتائج الطبية، بصورة منتظمة.
  • رفض المريض السماح للطبيب بالتواصل مع أقاربه.
  • معرفة متعمقة للغاية لدى المريض بإجراءات المستشفيات، وآليات التعامل مع الأمراض وما إلى ذلك.
  • يطلب المريض إجراء الفحوصات الطبية والخضوع للعلاجات بصورة مستمرة، دون الأخذ بعين الاعتبار الآثار غير المرغوب فيها التي قد تحدث نتيجةً لذلك.

ويوضح مختص علم النفس الإكلينيكي أن اضطراب “الكذب القهري” هو جزء لا يتجزأ من حالة “الاضطراب المُفْتَعَل” هذه، وهو ما يؤدي غالباً إلى كذب المريض حول تاريخه المرضي. وجدير بالذكر أن هناك اختلاف بين اضطراب “قلق المرض” (المُراق)، حيث يطمئنّ المريض في هذه الحالة عند رؤية الطبيب، و”متلازمة مونشهاوزن” إذ لا تؤدي رؤية الطبيب إلى طمأنة المصاب بها.

دور أهل المصاب بمتلازمة مونشهاوزن في تعافيه

من المخاطر الرئيسية للمتلازمة، هي تطوير أمراض حقيقية لدى المريض من خلال خضوعه لعلاجات غير ملائمة له، تؤدي إلى آثار جانبية خطيرة في بعض الأحيان. وبينما قد يشعر أهل المريض بالعجز والدهشة أمام حالته، فإن بإمكانهم تقديم مساعدة كبيرة له خلال رحلته نحو التعافي.

لا يدرك الأشخاص الذين يعانون من متلازمة مونشهاوزن أنهم مصابون باضطراب نفسي. يوضح إريك بينيه: “قد لا يقبل المصابون بالمتلازمة أي مساعدة تُقدم لهم، ما لم تأتِ من المقربين لهم”. إذ لم يتم تدريب الطواقم الطبية تدريباً كافياً بعد، لتشخيص المرض والتعامل مع المريض. من الضروري أيضاً استشارة مختص في علم النفس وطبيب نفسي، ويمكن لأهل المريض مساعدته في الخروج من حالة الإنكار هذه عبر توضيح سلوكياته المضطربة له، وهو ما يمكن أن يكون عاملاً حاسماً في إقناعه بالذهاب إلى الطبيب النفسي”.

المحتوى محمي !!