ما متلازمة المحتال وكيف تتغلب عليها؟

متلازمة المحتال
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل سمعت عن متلازمة المحتال؟ هي حالة قوية من الشك الذي يصيب الشخص حول مدى استحقاقه لأي إنجاز شخصي، وينتهي به الأمر إلى الشك بالفعل في مقدراته الشخصية. فيما يلي يقدم لنا غايل شاتلين بيري نصائح للتخلص من هذه المتلازمة.

لتوضيح متلازمة المحتال، فأنا أحب أن أستحضر عبارة المدير الفني السابق ورئيس التصميم في شركة سبوتيفاي (Spotify)، توبايس فان شنايدر عندما قال: “قد أتلقى 100 مجاملة، وأختار تصديق الشخص الوحيد الذي قال أنني لا أستحقها”. هذه هي متلازمة المحتال باختصار.

على عكس ما توصل إليه عالما النفس الأميركيان والباحثان في جامعة ولاية جورجيا، بولين روز كلانس وسوزان إيمز في عام 1978، واللذان عرّفا متلازمة المحتال آنذاك، فإن هذه المتلازمة تؤثر في ما يبدو في الرجال والنساء بالقدر ذاته، ووفقاً لدراسة أجراها باحثون ألمان وأميركيون، فإن الرجال الذين يعانون من هذه المتلازمة سيتأثر أداؤهم تحت الضغط بصورة أكبر مقارنةً بالنساء. باختصار؛ تؤثر هذه المتلازمة في الجميع وقد حان الوقت لوضع حد لها.

قد يظن المرء أنه من الصعب التخلص من حالة الشك هذه، وأنا أقول نعم قد يكون الأمر صعباً عندما يجلد ذاته لأيام بسبب فشله في أمر ما، بينما ينظر إلى نجاحاته على أنها عادية وطبيعية ولا شيء مميز فيها إلى درجة أنه من النادر أن يحتفل بها أو حتى قد ينساها بسرعة. علينا أن نتعلم من جديد كيف نحسن معاملة أنفسنا، وأن نهنئ أنفسنا عند كل نجاح نحققه، وأن نعترف بقوة بأننا لسنا عديمي الفائدة وأن نجاحاتنا لا ترجع إلى الصدفة بل إلى الجهود التي بذلناها.

أعلِم الآخرين بإنجازاتك

كم مرة أنجزنا شيئاً دون أن ينتبه إليه أحد؟ عندما تحقق إنجازاً ما، أعلِم الآخرين به. ونحن لا نقول إنه عليك أن ترسل رسائل بريد إلكتروني إلى 200 شخص لتُعلِمهم بأنك وقعت عقداً جديداً أو أنهيت العمل على ملف صعب؛ لكن كل ما عليك فعله هو أن توثّق إنجازك برسالة بريد إلكتروني بسيطة تشير فيها إلى أنك أنجزت عملاً ما. وليس الهدف من ذلك أن تؤكد هذا الإنجاز في ذهنك، فأنت حققت ما حققته نتيجة جهودك بالفعل؛ لكن إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى رئيسك في العمل ليكون على اطّلاع بعملك الجيد هو خطوة مهمة، وإذا كان إنساناً يقدر الجهد فهنيئاً لك.

إن إعلام الآخرين بما أنجزته من خلال الحديث عنه في الاجتماعات أو عبر رسائل البريد الإلكتروني هو أفضل الطرق للبدء؛ وقد لا يجرؤ الكثيرون على ذلك خوفاً من أن يظهروا بمظهر المتفاخرين أو ظناً منهم بأن ما أنجزوه كان يمكن لأي أحد إنجازه، لكن ما عليك معرفته هو أنه لا يمكن لأي أحد إنجاز عمل ما بالطريقة ذاتها التي أنجزته بها. إن تحسين الطريقة التي تنظر بها إلى نفسك من خلال إجراءات فعلية سيخفف تدريجياً من تأثير متلازمة المحتال فيك.

ما تحققه هو نتيجة جهودك لا الحظ

لا يوجد أسوأ من الأشخاص الذين يتفاخرون باستمرار بكل الأمور حتى أبسطها. ومع ذلك، فإننا قد نشعر بالغيرة من الثقة التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص.

لذلك، ومن دون مبالغة، يمكنك أن تقول لشريك حياتك أو أصدقائك: “أنا سعيد اليوم لأنني نجحت في كذا”، وسيخفف ذلك كثيراً من شكوكك حول مقدراتك، فالإنسان كائن اجتماعي بحاجة إلى تقدير الآخرين له. كثيراً ما أسمع أشخاصاً من المفترض أنهم مقربون مني يقولون لي: “أنت محظوظ جداً يا غايل، فوظيفتك رائعة”، إلى درجة أنني أصبحت أومِن في وقت من الأوقات بأن حظي هو المسؤول الوحيد عن النجاح الذي يمكن أن أحققه.

أما الآن فأنا أعلم أن الحظ ليس هو مصدر نجاحي؛ بل عملي الذي أتحدث عنه الآن إلى من حولي أكثر من قبل. أعمل لما يصل إلى 7 أيام في الأسبوع أحياناً (وأنا أعلم أن هذا ليس جيداً)؛ لكنه اختيار وأنا أعلم أنني أستحق النجاح الذي يأتي بالجهد، فأنا لست محتالاً ولا أسعد حظاً من أي شخص آخر.

ذكّر نفسك بالمشاعر الإيجابية دائماً

إن متلازمة المحتال هي مسألة شخصية قبل كل شيء. يتذكر المرء الأخبار السيئة أكثر بـ 3 مرات مقارنة بالأخبار الجيدة، لذا إذا طلبت منك تذكر أسوأ 3 لحظات في حياتك فيستغرق منك الأمر 10 ثوانٍ لتذكّرها؛

أما إذا طلبت منك أن تتذكر أفضل 3 لحظات في حياتك بخلاف زواجك أو ولادة طفلك، فسوف يستغرق الأمر الكثير من الوقت، فالأحداث السلبية تؤثر في دماغنا بصورة أكبر من الأحداث الإيجابية. لذا بمجرد أن تحقق إنجازاً تفتخر به، أو تقوم بعمل يجعلك سعيداً، اكتبه على ملصق وضعه في مزهرية في المنزل.

وافعل ذلك كل يوم إذا استطعت، وبعد بضعة أسابيع ستكون المزهرية مليئة بالملصقات ويمكنك أن تمد يدك بداخلها، وستعرف كمية المشاعر الإيجابية التي نسيتها والتي ستعينك في مواجهة المشاعر السلبية التي يمكن أن تفسد حياتنا في بعض الأحيان.

إن متلازمة المحتال ليست مصيبةً بل حالة إنسانية. لقد أصبح التواضع فضيلةً في مجتمعنا؛ لكن لسوء الحظ يمكن أن يؤدي الإفراط في التواضع إلى إحباطنا مهنياً. لذا فإن المفتاح هو إيجاد التوازن الصحيح وتحسين نظرتنا إلى أنفسنا لنفخر بعملنا ونؤكده. وأنا لا أقول إن هذا سيحدث بين عشية وضحاها؛ لكن جرّب البدء باتخاذ الخطوات المذكورة وسترى مدى تحسن حالتك المزاجية، ويوماً بعد يوم ستشعر بالبهجة وستسير حياتك المهنية بطريقة أكثر سلاسة.

ولاختتام هذا المقال اخترت اقتباساً يبدو مناسباً لي بصورة خاصة: “أنت، مثلك مثل أي شخص آخر في العالم، تستحق حبك وعاطفتك”. (بوذا).

المحتوى محمي !!