ما هي طريقة أحلام اليقظة الحرة؟

أحلام اليقظة حرة
أحلام اليقظة الحرة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

باستخدام طريقة أحلام اليقظة الحرة؛ تبني مخيلتنا سيناريوهات رمزية تشير إلى العوائق التي نواجهها، وتساعدنا على تجاوزها دون أن ننام.

ما هي طريقة أحلام اليقظة الحرة؟

هل تحصي الأغنام قبل النوم؟ إذا لم تكن قد اتخذت هذه العادة، فاعلم أن هذا الحيوان لا يزال يدخل -دون علمك- في 6% من أحلامك! هذه هي النتيجة الإحصائية التي حصل عليها جورج رومي الذي فك رموز أكثر من 6000 حلم، وصنف حوالي 500 رمز على مدار 20 عاماً. 

بالإضافة إلى كونه خبيراً متخصصاً في أمراض الأنف والأذن والحنجرة؛ كان جورج رومي معالجاً نفسياً أيضاً، وطور طريقته العلاجية الخاصة؛ ألا وهي طريقة أحلام اليقظة الحرة.

ما الهدف من هذه الطريقة؟

تهدف طريقة أحلام اليقظة الحرة إلى اكتشاف العوائق النفسية وبدء عملية التحول النفسي استناداً إلى رموز الأحلام. ولا علاقة لهذه الطريقة بالمقاربات التقليدية -الفرويدية أو اليونغية – التي تفسر أحلامنا خلال النوم؛ إذ تتيح لنا أحلام اليقظة أن نحلم (أو نعيش الحلم) دون أن ننام.

يقول حسام؛ وهو مستشار تكنولوجيا المعلومات: “لأول مرة أُدهش بهذه الطريقة. بعد فترة من الاسترخاء؛ طلب مني المعالج أن أصف أول صورة تتبادر إلى ذهني، وكانت صورة حصان، ثم بدأت أشهد تدريجياً تكشف فيلم حقيقي؛ لم أكن أصدق أن خيالنا يمكن أن يجعلنا نرى مثل هذه الصور الدقيقة”.

نظرة على تاريخ طريقة أحلام اليقظة الحرة

وُلد روبرت ديسويل عام 1890 في بيزانسون بفرنسا، وترسخ شغفه بأسرار العقل البشري في سن مبكرة من خلال حدثين اثنين؛ إذ حضر جلسة تنويم مغناطيسي في سن الـ 7، كما اختبر في سن الـ 12 ظاهرة انتقال الأفكار مع فتاة في مثل سنه، وبعد دراسة الهندسة أصبح مهتماً بالبحث في علم النفس وعلم التخاطر خلال سعيه لتطوير قدرات خارقة.

خلال تجارب التخاطر اكتشف روبرت ديسويل إمكانية السماح للصور العقلية بالظهور بطريقة عفوية ضمن حالة من الاسترخاء. ومنذ عشرينيات القرن الماضي؛ كرس ديسويل نفسه لعلم النفس وابتكر طريقة “حلم اليقظة الموجه” التي لم تكن تقنية علاجية في الأصل؛ إنما عملية تهدف إلى تطوير الإمكانات الداخلية للإنسان. 

وتدريجياً؛ صقل المعالج النفسي نظريته وأكد من خلالها أهمية التعاون بين المريض والمعالج، وهكذا كان يفرض على المريض وبطريقة موجهة تخيل موضوع معين يعتقد أن من الحكمة اكتشاف ما وراءه؛ كتخيل ثعبان، أو قلعة، أو ساحرة، إلخ، ثم يتدخل باستمرار طول الجلسة، ويوجه المريض عبر طلبات مختلفة؛ كالبحث عن قلعة الساحرة على سبيل المثال. 

وكان ديسويل يقترح على المريض في الكثير من الأحيان التحرك داخل الحلم؛ صعوداً أو هبوطاً، لأنه لاحظ أن الحركة العمودية تنتج تأثيرات مميزة؛ إذ يحفز الصعود ديناميكية التسامي لدى المريض، بينما يتيح له الهبوط إمكانية مواجهة صور مزعجة والبحث عن مصدر مخاوفه.

علاوةً على ذلك؛ غالباً ما كان ديسويل يقترح استبدال الصور السلبية بالصور الإيجابية (الصور البديلة) لبدء عملية التحول النفسي. منذ سبعينيات القرن الماضي؛ تخلى جورج رومي -الذي كان أحد طلاب ديسويل- عن هذا النهج، ليتيح للمريض التعبير عن نفسه، ومن هنا جاء اسم “حلم اليقظة الحرة”.

ويوضح جورج رومي قائلاً: “وجدت من خلال تجربتي أن عدم توجيه المريض قد أعطى نتائج مذهلة وأكثر دقةً مقارنةً بنتائج طريقة الحلم الموجه. في الواقع؛ إن حاجتنا لأمر ما هي التي تدفعنا لنجده، وهو ما يحدث دائماً وفقاً للمنطق التطوري”.

قواعد أحلام اليقظة

يعمل المعالج مع المريض على تحليل أهم الرموز التي تتضمنها هذه السيناريوهات العفوية؛ ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك. بالنسبة لجورج رومي، فإن لغة أحلامنا ليست عبارة عن مفردات يكون لكل صورة فيها معنًى فريدٌ عند النظر إليها بصورة منفصلة؛ إذ تمثل هذه اللغة قواعد حقيقيةً ومتكاملةً، وهو الاختلاف الأول مع أسلوب التحليل التقليدي للأحلام.

على سبيل المثال لنأخذ “حلم” سامية التي رأت فيه ثلاثة أشياء؛ وهي دراجة، وبومة ونظارات، فما العلاقة بين هذه الكلمات الثلاث؟ ليس المعنى هو ما يربط بين هذه الكلمات؛ بل الشكل، فهناك دائرتان في الأشكال الثلاثة هما عينا البومة، وإطار النظارات، وعجلتا الدراجة. 

يقول رومي: “إنها سلسلة من الصور، وهي روائع يستمتع اللاوعي بتكوينها، وتُشكل قواعد أحلامنا”. ويتابع: “ليس للرمز دلالة خاصة به، كما أن وجود قيمة عالمية له لا يعني أن له معنىً فريداً؛ إنه مجرد وسيط يكشف عن توقعاتنا من خلال تأثيره في دينامياتنا النفسية”.

دور النماذج الأصلية في حلم اليقظة

من خلال أبحاث كارل غوستاف يونغ مؤسس علم نفس الأعماق؛ تمكنا من اكتشاف دور هذه الصور؛ إذ إنها تمثل ما سماه “النماذج الأصلية”. 

يقسم يونغ اللاوعي عند كل إنسان إلى “منطقتين” هما منطقة اللاوعي الشخصي، ومنطقة اللاوعي الجمعي. ويصف يونغ اللاوعي الشخصي بـ “النفس الذاتية”، وهو نتاج التجارب الخاصة بكل شخص. 

أما اللاوعي الجمعي، فهو يتكون وفقاً له من “الترسبات التي شكلتها جميع تجارب أسلافنا على مدى ملايين السنين، وأثر أحداث ما قبل التاريخ، فمع مرور كل قرن من الزمن تُضاف المزيد من الاختلافات متناهية الصغر إلى اللاوعي الجمعي”.

من الواضح أن محيط المعلومات هذا قد تشكل من جميع التجارب البشرية منذ فجر التاريخ، وتبلورت فيه الرموز العالمية، وهي هذه النماذج الأصلية مثل التنين، والجدة، والبطل، والشيخ الحكيم، والسمك، والرمل، إلخ. 

علاوةً على ذلك، فإن المسألة ليست مجرد صور؛ ولكنها “المراكز المشحونة بالطاقة” التي تظهر في أحلامنا نتيجة التعرض لمشكلة داخلية أو خارجية، وعندما تكون هناك حاجة لاستبدال وضع نفسي غير مقبول بآخر أكثر إرضاءً، وبالتالي فإن النماذج الأصلية هي ذات وظيفية تحويلية؛ ولكن كيف؟

النبضات العصبية

هذا هو بالضبط الاختلاف الثاني مع نهج التحليل النفسي، فعندما تظهر هذه الرموز يكون لها تأثير فوري في النفس؛ لكن هذا التأثير يطال الخلايا العصبية أيضاً. 

ووفقاً لجورج رومي، فإن الأمر يتعلق بالنبضات العصبية؛ الصعوبة النفسية تُترجم في الدماغ في صورة عوائق بين الخلايا العصبية، وبدلاً عن تحرير هذه الخلايا في أثناء النوم، فإنها “تتجمد” على الحالة نفسها. 

تعمل النبضات العصبية التي تنتقل عبر مليارات الخلايا العصبية على إزالة هذه العوائق؛ ما يؤدي إلى ظهور هذه الصور المتسلسلة التي يعود أمر فهم معانيها إلى المعالج ومريضه.

يقول عاطف؛ وهو طبيب بيطري: “لقد أُصبت بالإحباط المهني في سن الـ 36، ولم أعد مهتماً بأي شيء، وكنت على وشك أن أفقد وظيفتي. في الجلسة الأولى، رويت قصةً حدثت على جبل مزين بالتماثيل والدروع والمومياوات، والتوابيت، وبعد تحليلها اكتشفت أن كل رمز من هذه الرموز يمثل النهاية؛ “تجميد الروح”. خلال الجلسة الرابعة حلمت برموز تستحضر “المركز” وهو يعني الخلاص، ومنذ تلك اللحظة بدأت في اكتشاف متعة الحياة مرةً أخرى”.

مسار جلسة العلاج بأحلام اليقظة الحرة 

تنطوي جلسة طريقة أحلام اليقظة الحرة على 3 خطوات:

استقبال المريض

تتضمن هذه الخطوة إعطاء المريض الفرصة للتحدث عن مخاوفه، والاستماع إليها وتحديد مشكلته والبدء في الاسترخاء.

الحلم

يستلقي المريض على الأريكة مغمضاً عينيه، ومنغمساً في حالة وسيطة من الوعي -بين النوم والحلم– وهي تساعد على الدخول في مرحلة الهلوسة النومية (hypnagogic) -التي تسبق النوم وتسببه- ثم يقول المريض كل ما يتبادر إلى ذهنه حتى لو كان ذكرى ما.

ثم يتكشف السيناريو ويكشف عن الرموز الموجودة في اللاوعي. ورغم أن النوم يُعتبر حالةً أعمق من حالة الاسترخاء؛ لكن الأيض ينخفض ​​إلى عتبة معينة بنفس الطريقة، إضافةً إلى انخفاض نشاط القلب والجهاز التنفسي، وضغط الدم، وترددات الدماغ.

لهذا السبب؛ يمكن للنبضات العصبية في حالة حلم اليقظة أن تحدد مواضع الخلايا العصبية “المتجمدة” في الدماغ. وسواء كنا نحلم خلال النوم أو اليقظة، فإن معنى الرموز يظل كما هو.

على سبيل المثال؛ يمثل رمز الفيل الاحتمالات ذاتها، دائماً ويكمن كل الاختلاف في حقيقة أننا نظل واعين طوال الوقت؛ ما يمكّننا من حضور أو “عيش” هذه المشاهد.

تفسير الحلم

يفسر المريض حلمه بنفسه، ثم يناقشه مع المعالج الذي يسلط الضوء على معنى رموز معينة، ويبرز التشابه بين أشكال الصور، ويساعد على ربطها بمشكلة المريض.

من يستخدم العلاج بطريقة أحلام اليقظة الحرة؟

سواء كان الأمر يتعلق بالتنمية الشخصية (على سبيل المثال؛ تحفيز الإبداع)، أو مشكلات العلاقات، أو عوائق التواصل مع الآخرين، أو القلق، أو الرهاب، أو حالات الاكتئاب حتى الشديدة منها، فإن طريقة أحلام اليقظة الحرة تغطي مجموعةً واسعةً من المطالب. 

يؤكد الممارسون أيضاً أنه من النادر جداً العجز عن حل المشكلة باستخدام هذه التقنية العلاجية، ومن من ناحية أخرى، فإنه لا يُنصح باستخدامها في حالات الفصام أو الذُهان الحاد.

تقول كوثر؛ 32 عاماً: “ضللت في متاهة واقترب مني نمر أسود”

“كنت في خضمّ أزمة؛ إذ أثر عملي كمندوبة مبيعات لعلامة تجارية كبرى للعطور في حياتي الشخصية والزوجية، لم أكن أبداً على ما يرام. خلال جلستي الأولى؛ شعرت وكأنني أتحدث عن ترهات؛ لكن المعالج أوضح لي أن الرموز التي ظهرت كشفت أن مشكلتي متجذرة في علاقتي مع أمي، وفجأةً؛ بدا الأمر واضحاً بالنسبة لي ومن خلال التركيز على هذه الناحية فهمت تدريجياً التأثير الخانق “لصورة الأم” في حياتي”.

سأتذكر دائماً الجلسة الثامنة: “كنت قد ضللت داخل متاهة عندما اقترب مني النمر الأسود، ووجهني بلطف نحو باب يؤدي إلى مساحة شاسعة من الرمال. كانت هناك بقعة سوداء من الأرض أضاءها نور الهلال، ثم جلست وحفرت حفرةً، وأخرجت بلورات صخرية جميلة”.

وتتابع: “وفقاً لجورج رومي؛ تشير المتاهة إلى “نفسي التي جمدها العقل”؛ والتي خرجت منها أخيراً. أما رموز النمر، والرمل، والبلورات الشفافة، فقد كانت مؤشرات على إمكانية التحول النفسي، وبشرى بدورة حياة جديدة. أخيراً؛ يرمز الهلال إلى صورة الأم المستعادة. بالطبع هذا مجرد ملخص؛ لكن يمكنني أن أؤكد لكم أن ذلك اليوم كان بداية حياة جديدة بالنسبة لي”.

اقرأ أيضاً: 3 نصائح لتبدأ العمل على فهم أحلامك

المحتوى محمي !!