كيف تتغلب على رهاب العناكب باستخدام العلاجات السلوكية المعرفية؟

رهاب العناكب
رهاب العناكب
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يسبب رهاب العناكب أعراضاً على غرار تسارع القلب وآلام المعدة والدوخة. فهل يمكننا التغلب على هذا الخوف؟ فيما يلي أجاب مؤيدو العلاجات المعرفية السلوكية عن فعالية هذا النوع من العلاجات ضد رهاب العناكب.

رهاب العناكب مثل جميع أنواع رهاب الحيوانات، فهو مصنف في خانة الرهاب البسيط. لكن اسم هذا الرهاب مضلل نوعاً ما فهو يعني أنه خوف من عامل واحد فقط؛ وهو المواجهة مع العنكبوت. وهذا لا يعني أنه من السهل تفسيره وتقبله والشفاء منه بل على العكس تماماً.

العودة إلى أصل رهاب العناكب

غالباً ما يظهر رهاب العناكب في مرحلة الطفولة المبكرة ونادراً ما نعرف أصله. لذا للتغلب عليه يدعو البعض إلى استخدام تحليل نفسي من شأنه أن يساعدنا على معرفة مصادر المشكلة. وربما التعرف على ما وراء هذا الخوف من العنكبوت. هذا هو الخيار الذي اتخذته ليلى التي أدلت بشهادتها في منتدىً خاص حيث تقول: “أنا أيضاً كنت أكره العناكب كثيراً لكنني فهمت من خلال التحليل أن خوفي من العناكب متجذّر في عقلي، فأمي مصابة بالذهان وأساءت والدتها معاملتها من قبل وكانت غير قادرة على حب أطفالها كما يجب أن يكون ذلك. اليوم وبعد فوات الأوان فهمت غريزياً العلاقة بين العنكبوت المخيف وأمي وجدتي، فالعلاقة بينهما كانت مخيفة جداً بالنسبة لي تماماً مثل نظرتي للعناكب”.

اقرأ أيضا:

إضفاء الطابع الدرامي على الذاكرة لتحرير المشاعر

يقتضي البحث عن أسباب بروز هذا الرهاب انتهاج مسارٍ طويلٍ وغير مؤكد ويمكن أن يعيق عملية البحث. من ناحية أخرى يقدم النهج السلوكي المعرفي حلولاً ملموسة وأسرع للتعامل مع الرهاب. وفي هذا المجال يبدو هذا النوع من العلاجات الموجزة الأنسب.

توضح الطبيبة والمعالجة النفسية مانويلا تومبا في هذا السياق: “هذه أطروحات عملية للغاية يمكننا من خلالها أن نتعلم أن نكون أقل خوفاً من الشيء. كل شيء يعتمد على عملية إعادة التعلم”.

وتقول: “إن المعالجين لديهم تقنيات مختلفة سيتم اختيارها قبل كل شيء وفقاً لتاريخ الشخص. إذا أعاد المريض اكتشاف عنصر الصدمة -المواجهة مع العنكبوت التي أدت إلى رهابه- على سبيل المثال؛ سنعمل على هذه الذاكرة باستخدام طريقة الانفجار الداخلي التي نستخدمها بشكل خاص لحالات الإجهاد ما بعد الصدمة. يتكون هذا من إعادة الشخص إلى ذكرى هذا الحدث من خلال القصة ذاتها”.

وتشرح: “سنطلب منه أن يرويها مرة أو مرتين أو أكثر للتخلص من المشاعر التي تسبب له الرهاب. على سبيل المثال: يمكن للمرء أن يتخيل أن المريض قد بكى في المرات الأولى ولكن في نهاية القصة سيكون قادراً على وضع حد لهذه المشاعر. سيساعده هذا لاحقاً على دمج الحدث بشكل مختلف، فمن خلال التحدث عنه مراراً وتكراراً سيقلل من أهمية التجربة تدريجياً ويتحرر من هذا الشعور. بالإضافة إلى أنه سيسمح له هذا بأن يكون في سلام مع الذاكرة”.

اقرأ أيضا:

تعريض نفسك للخوف لتتعلم كيفية إدارته

هناك طريقة أخرى خاصة بالتعامل المعرفي السلوكي تتمثل في تعريض نفسك لموضوع رهابك لتتعلم تدريجياً كيفية إدارة خوفك. لكن ليس هناك شك في أننا لن نطلب منك مواجهة عنكبوت وجهاً لوجه مباشرةً!

يتم التعرض لما يثير خوفك بطريقة تقدمية للغاية من خلال الاستكشاف العقلي أو المواجهة مع الصور أو الرموز التي تستحضر العنكبوت. سيأتي اللقاء مع العنكبوت في حد ذاته بعد مرحلة معينة.

تشرح المعالجة النفسية: “سيطور المعالج مع المريض تسلسلاً هرمياً للمواقف المثيرة للقلق بشكل ملموس؛ وهي سلسلة من المراحل مصنفة وفقاً للقلق الذي تسببه وتشبه إلى حد ما مقياس حرارة الخوف. من قراءة كتاب عن العناكب إلى التعامل مع جرة مغلقة تحتوي على عينة صغيرة؛ سيكشف الشخص نفسه تدريجياً بمفرده أو برفقة المعالج”.

وتضيف المعالجة: “في حين أن رد الفعل العفوي بمجرد مواجهة الحافز سيكون الهروب؛ سنعمل على هذه النقطة بمرور الوقت حتى تترسخ بعض العادات وينخفض التوتر شيئاً فشيئاً. يُعتبر التمرين ناجحاً عندما يختفي القلق تماماً ثم سيحين الوقت لاتخاذ الخطوة التالية”.

اقرأ أيضا:

إدارة التوتر

إذا كان التعرض موجهاً جيداً ومتقدماً ومتكرراً ( التمرين المثالي هو التمرين اليومي) فإن الخلايا العصبية سوف تدمج فكرة عدم خطورة العنكبوت في العقل تدريجياً.

وتتابع مانويلا تومبا قائلة: “لكنها تجربة تختلف من شخص لآخر. يجب أن يحترم المعالج حقاً إيقاع الجميع وألا يتعجّل كثيراً. في الواقع؛ تتركز أفضل تقنياتنا في هذه العملية في استخدام تمارين الاسترخاء والتنفس فهي تساعد كثيراً خلال الجلسة. طوال فترة المواجهة  يلعب التنفس دوراً أساسياً فالسّيطرة عليه تجعل من الممكن التحكم في ظهور الأعراض (التعرق وعدم انتظام دقات القلب والشعور بالقيء والضيق). بشكل عام هذه الأساليب مفيدة جداً عند مواجهة الخوف لتتمكن من إدارته والتغلب عليه”.

إذا كان مبدأ مواجهة الخوف يبدو بسيطاً، فإن إجبار نفسك على القيام بذلك بمفردك نهج لا ينصح بها أحد. كما تحذر مانويلا تومبا قائلةً: ” إن تعريض نفسك لخطر المواجهة بصفة فردية طريقة عنيفة وخطيرة للغاية. مع ذلك فإنه يمكن أن يكون مفيداً في بعض الأحيان. بشكل عام؛ من المهم أن يتم الإشراف على عملية المواجهة وإلا إذا شعرت بالذعر التام، فسيكون الخوف شديداً جداً”. 

قد تؤدي المواجهة الفردية للعناكب إلى تفاقم الرّهاب لأننا إذا فشلنا في مواجهة الخوف فستترسّخ لدينا فكرة الخوف والذعر من العناكب. باختصار؛ من المستحيل التعرض للرهاب بمفردنا لأن هذا يزيد من خوفنا.

اقرأ أيضا:

المحتوى محمي !!