هل تشارك الأموال والممتلكات يفيد الزوجين؟

قائمة المنقولات الزوجية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أثار هاشتاغ #حوار_القايمة الكثير من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية بعد الدعوة إلى إلغاء “قائمة المنقولات الزوجية”؛ وهي عبارة عن عرف شائع يتعلق بالزواج في المجتمع المصري.

ويتم إعداد القائمة بتدوين كل ما اشترته الزوجة أو عائلتها من تجهيزات لمنزل الزوجية، ثم يوقع الزوج قبل عقد القران على أنه ملزم بردها عند الطلب، وذلك يجعل القائمة قانوناً وعقداً من عقود الأمانة؛ ما يعني أنه عند الإخلال به سيكون الزوج معرضاً للسجن لمدة قد تصل إلى 3 سنوات بالإضافة إلى دفع الغرامة بتهمة “تبديد المنقولات الزوجية”.

وقد انقسم المتفاعلون مع الهاشتاغ إلى فريقين؛ الأول يرى أن القائمة هي نقطة عادلة لصالح المرأة تجعل الرجل لا يتساهل في أخذ قرار الطلاق، بينما ذهب الفريق الثاني إلى أنها تشكل عنصراً ضاغطاً على الرجل يؤدي إلى زيادة حالات الطلاق.

لكن البعد الخفي وراء هذا الهاشتاغ الذي سنطرحه للمناقشة، هو مدى تأثير الجانب المالي في استقرار الزواج ونفسية الزوجين، وإذا ما كانت قائمة المنقولات الزوجية بوصفها ممتلكات مشتركة تساهم في ترسيخ المودة بينهما أو تزيد الشقاق.

الخلافات المالية تعد سبباً قوياً للطلاق

ضع في اعتبارك أنه إذا بدأت علاقتك بشريك حياتك بالجدال المالي فستكون نسبة انفصالكما مرتفعة. ما سبق ليس تخميناً عشوائياً لكنه نتيجة دراسة علمية أجرتها جامعة ولاية كانساس الأميركية، وتوصلت إلى أن الخلافات المالية هي العلامة الأولى على حدوث الطلاق مستقبلاً.

تحلل الباحثة سونيا بريت (Sonya Britt) التي شاركت في الدراسة النتيجة السابقة، بتأكيدها أن الخلافات المالية غالباً ما تصاحبها لغة حوار حادة بين الشريكين وتترك أثراً نفسياً لا يُمحى بسهولة ويقلل معدل الرضا عن العلاقة.

من الجانب الآخر أشارت دراسة أجرتها جامعة جورجيا الأميركية إلى أن الأزواج الذين يتفقون بشكل متبادل على كيفية إنفاق أموالهم، سيكونون أقل عرضة لاتخاذ قرارات مالية مندفعة؛ ما يساهم في استقرار زواجهم.

لكن المثير للاهتمام أنه عند وقوع الخلافات المالية يكون تعامل الزوجين معها مختلفاً بحسب أستاذة علم النفس بجامعة بنسلفانيا الأميركية تيس ويلكنسون- ريان (Tess Wilkinson-Ryan)؛ حيث تركز النساء على التفاوض حول الجانب المتعلق بصميم العلاقة، بينما يهتم الرجل بالنواحي العملية دون أن يولي نفس الاهتمام للعلاقة، وذلك يجعل النساء أكثر ميلاً لتقديم تنازلات مالية من الرجال، بالإضافة إلى أنهن يحاولن قدر الإمكان الابتعاد عن المخاطرة، وتجنب اللجوء إلى المسار القانوني للحصول على حقوقهن.

الجانب الإيجابي: الأزواج الذين يتشاركون أموالهم ينجح زواجهم

بالعودة إلى قائمة المنقولات الزوجية، سنجد أنه ربما إذا كان متفقاً عليها بين الطرفين دون ضغط طرف على الآخر، ستكون عنصراً يساعد على استقرار الزواج، وذلك وفقاً لدراسة علمية أجرتها جامعة لندن وتوصلت إلى أن الأزواج الذين يتشاركون أموالهم وممتلكاتهم تكون نسبة استمرار زواجهم عالية.

وتوضح الباحثة إميلي غاربنسكي (Emily Garbinsky) المشاركة في الدراسة أنهم لاحظوا استقرار الحياة الزوجية عند الأزواج الذين جمعوا مواردهم المالية، على عكس الأزواج الذين فصلوها، فقد كانوا أكثر عرضة للانفصال، ومن اللافت للنظر أن التأثير الإيجابي الخاص بتشارك الأموال أعلى عند الأزواج أصحاب الدخل المنخفض.

ترجح المتخصصة في علم نفس المال سيبل سولومون (Syble Solomon) أن هذا التأثير يرتبط عموماً بعنصر محوري في العلاقة الزوجية هو الثقة، فالتخوف من مشاركة المال مع الشريك يشير إلى وجود مشكلات في الثقة المتبادلة بينك وبين شريكك؛ وهو ما يزعزع استقرار علاقتكما.

لكن ما ضوابط المشاركة المالية بين الزوجين؟

توجد العديد من الضوابط التي يجب الالتزام بها لضمان المشاركة المالية الناجحة بين الزوجين، يأتي في مقدمتها الاتفاق على نمط الإنفاق وفقاً للخبيرة المالية باترينا ديكسون (Patrina Dixon)؛ التي تؤكد أنه إذا كان هناك طرف ينفق بشكل مختلف عن الآخر، أو ينفق من الأموال المشتركة بشكل منفرد على أمور غير متفق عليها فهذا سيثير المشكلات بينهما.

وتمتد جذور نمط الإنفاق إلى التربية في الصغر، فالعائلة غالباً هي المسؤولة عن وضع بذرة العادات الأساسية للتعامل مع المال، وربما يثير الاختلاف في النشأة نزاعات زوجية كبيرة نتيجة أن أحد الزوجين أتى من عائلة ثرية تنفق المال بسهولة، بينما شريكه من عائلة دخلها منخفض تقدر المال وتنفقه بحرص.

هناك أيضاً عنصر مهم توضحه الخبيرة المالية ميشيل جونز (Michelle Jones) هو أنه إذا كان أحد الشريكين يعاني من تراكم الديون فيجب التفكير جيداً قبل تشارك الأموال معه، لأن ذلك سيؤدي بالتبعية إلى احتمالية تعثّر الشريك الذي لا يدين لأحد مالياً، وحينها ربما يكون من الأفضل فصل الأموال بين الزوجين.

ويجب الحذر إذا كان أحد الشريكين آتياً من تجربة زواج سابقة، فبحسب المخططة المالية كاثي باريتو (Cathy Pareto) سيؤثر ذلك في وجود التزامات تتعلق بإعالة الأطفال؛ ما سيجعل الزوج الآخر يشعر بالاستياء نتيجة اضطراره للمساهمة في نفقات ليس مسؤولاً عنها.

4 نصائح عملية لحياة زوجية ناجحة مالياً

يُعد الجانب المالي في الحياة الزوجية أحد أهم الجوانب التي يجب ألا تدار بعشوائية، لأنه إذا تسللت إليه الفوضى فستؤثر في علاقة الزوجين بشكل بالغ، لذا هذه نصائح عملية يمكن للزوجين العمل بها من أجل تنظيم حياتهما المالية:

1. افهم العقلية المالية لشريكك

يشير مؤلف كتاب المال والزواج (Money and Marriage)، مات بيل (Matt Bell) إلى عنصر خفي، هو أن معظم الخلافات حول المال تنبع من مشاعر القلق من الإفلاس، أو الغضب من نمط إنفاق الطرف الآخر، لذا سيكون مهماً بحسب الخبيرة المالية ميشيل هيغينز (Michelle Higgins) فهم كيفية تعامل شريكك مع المال والخلفية العائلية المالية التي أتى منها؛ حتى تستطيع التعامل معه بمرونة أكثر وتصلا إلى حلول مشتركة.

2. ضعا خطة مالية محكمة

يرى الخبير المالي كيلي لونغ (Kelley Long) أن العدل لا يعني بالضرورة المساواة، لذلك يجب أن تجلس مع شريكك لتضعا الخطة المالية وتحددا نسبة المشاركة الخاصة بكل طرف فيها وفقاً لراتبه، فإذا كان راتبك 6 آلاف وراتب شريكك 4 آلاف، فعليك دفع 60% من الميزانية.

ذلك مع الاتفاق على البنود الخاصة بكل طرف، فيمكن على سبيل المثال أن تدفع إيجار المنزل وفواتير الخدمات، وتترك له شراء المواد الغذائية وبقية المستلزمات المنزلية الشهرية.

3. حددا أهدافاً مالية مشتركة

ينسى الكثير من الأزواج وضع أهداف مالية مشتركة تزيد من تماسك علاقتهما، وبحسب الخبيرة القانونية المتخصصة في التمويل الشخصي، آن مارغريت كاروزا (Ann-Margaret Carrozza) يمكن أن ينفّذا ذلك بالجلوس مرة واحدة سنوياً والاتفاق على هدف مالي محدد للسنة التالية؛ مثل أن يدخرا المزيد من الأموال للتقاعد، أو يشتريا منزلاً جديداً يقضيان فيه العطلات السنوية.

4. اترك مساحة حرة لشريكك

رغم جهودك للتوافق المالي مع شريكك؛ غالباً ستكون هناك بعض البنود الخلافية البسيطة. ولحل هذه الإشكالية من وجهة نظر الخبيرة المالية بيري هيغينز (Perry Higgins)؛ يمكن أن تضعا بنداً مخصصاً لكل منكما يستطيع الإنفاق عليه بحرية تامة.

يُعد التقارب على جميع المستويات وتعميق الود بين الطرفين الهدف الأساسي للحياة الزوجية الناجحة، ويؤثر الاتفاق بوضوح على الجوانب المالية بين الشريكين في جعل حياتهما أكثر مرونة وسلاسة، لذا لا تهملاه قدر الإمكان لتسعدا بحياتكما.

اقرأ أيضا:

المحتوى محمي !!