دليلك للتعرف إلى الأجساد الأربعة المرتبطة بوجود الإنسان

حياة الإنسان
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تقول التقاليد الروحانية العظيمة جميعها إن الحياة تنطوي على عدة مستويات من الوجود، وإن حياة الإنسان على الأرض ترتبط بالمستويات الأربعة الأولى منها. ومن ثم فإن كل إنسان يمتلك 4 أجساد وهي: الجسد المادي والطاقة أو الجسد الأثيري والجسد النجمي والجسد الحسي. ويرى كلٌّ من فرويد والمفكّرين الحالمين من أمثال رودلف شتاينر أن هدف الحياة البشرية كلها هو بناء “جسد المعنى” وتعتمد بنيوية هذا الجسد في الأساس وبكل بساطة على ثنائية السعادة وعدم السعادة. تعرف مع المحلل النفسي ديدييه دوماس (Didier Dumas) في هذه المقالة إلى هذه الأنواع بشكل مفصل.

يستعرض المحلل النفسي ديدييه دوماس في هذه المقالة رؤيته التي تقوم على أهمية وجود معنىً للحياة وأثره في تحسين صحتنا.

نفسيتي: بصفتك محللاً نفسياً مُدرَّباً على العلاج بالإبر الصينية، ما العلاقة بين الجسم والعقل من واقع رؤيتك ثنائية الأبعاد التي تجمع بين العلوم الغربية والشرقية على حد سواء؟

ديدييه دوماس: تقول التقاليد الروحانية العظيمة جميعها إن الحياة تنطوي على عدة مستويات من الوجود، وإن حياة الإنسان على الأرض ترتبط بالمستويات الأربعة الأولى منها. ومن ثم فإن كل إنسان يمتلك 4 أجساد:

الجسد الأول: يُطلق عليه اسم “الجسد المادي” ويتكوَّن من جزيئات، ويمكن أن نسميه “الجسد الجزيئي”، وهو الجسد الوحيد الذي يتميّز بوجود حدود مرئية ومعترَف بها من قِبَل العلم.

الجسد الثاني: ويتكوَّن من “الطاقة” الخاصة جداً التي تميّز الكائن الحي عن علبة اللحم، وقد عُرِف في القرن التاسع عشر باسم “الجسد الأثيري” لأن هذه الكلمة بدت ذات صبغة علمية في ذلك الحين؛ إذ كان يُعتقَد آنذاك أن الفراغ مشبَّع بالأثير الكونيّ. وأرى من وجهة نظري إنه يجب أن يُطلَق عليه ببساطة “جسد الفراغ”؛ إذ لا يمكن للكائنات أن تحيا دون وجود فراغ في المادة. ويستند العلاج بالإبر الصينية إلى هذه الفكرة من واقع عمله على هذا الجسم، ذلك أن الإيديوغرام (أو ما يُعرَف بالرسم الفكري) الذي يُعيِّن نقطة الوخز بالإبر يعني الفراغ أو التجويف.

الجسد الثالث: ويُطلق عليه اسم “الجسد النجمي“، لأن هذا الغلاف الذهني يتيح للإنسان القدرة على تخيُّل نفسه في أي مكان “حتى على النجوم” عن طريق التفكير. ويتألّف هذا الجسد من كل الأدوات المرتبطة بقدرة الإنسان على تمثيل الأشياء ذهنياً من خلال الصور المرئية والمسموعة والمحسوسة التي طورناها لتمثيل الأشياء في صور تعبيرية نستطيع إدراكها حسياً. ويُطلق عليه أيضاً “الجسد العاطفي” لأنه مقر العاطفة، وتجب مقارنة هذا الجسد بـ “الصورة اللاواعية” الواردة في كتاب فرانسواز دولتو الذي جاء تحت عنوان “صورة الجسد اللاواعي” (The Unconscious Body Image)؛ إذ ننطلق من هذا الجسد لنحلّق في عالم الأحلام، أو نعيش تجربة عصيبة كتجربة الاقتراب من الموت.

لكن التمثيل الذهني وحده قد يكون منافياً للعقل وإلا لما كان الجنون موجوداً، ومن أغرب الألغاز العقلية أننا نستطيع التوصل إلى استيعاب حياتنا والعالم والأشياء من حولنا بتمثيلها ذهنياً.

الجسد الرابع: ودعونا نطلق عليه “الجسد الحسي“. يتوافق هذا الجسد مع ما يسميه المحللون النفسيون “بنيوية الأنا”، وقد يطلق عليه الآخرون “الجسد العقلي” على الرغم من إدراكهم أنه ليس جسداً حقيقياً بل ما يكوّن بنيوية الأجساد الثلاثة الأخرى.

هل تلد هذه “الأجساد” بعضها بعضاً؟

إن محاولة شرح العلاقة التي تربط بين هذه الأجساد المختلفة هي الهدف الذي تحقَّق بطريقة ما من خلال هذا الشكل الحديث لعملية التوليد القائمة على التحليل النفسي. ويرى كلٌّ من فرويد والمفكّرين الحالمين من أمثال رودلف شتاينر أن هدف الحياة البشرية كلها هو بناء “جسد المعنى”. وتعتمد بنيوية هذا الجسد في الأساس وبكل بساطة على ثنائية السعادة وعدم السعادة، لذا حينما يسير الطفل الرضيع في الاتجاه الصحيح فإن هذا يمثّل له معنىً مهماً ويُسعِده غاية السعادة. وعلى العكس من ذلك، فإن ما يسبب عدم السعادة يشير إلى أن شيئاً ما يسير في الاتجاه المعاكس لاتجاه الحياة وبالتالي يعرّض حياة الإنسان لخطر الانقلاب رأساً على عقب. قد نتساءل كيف ينظر المحلل النفسي إلى طريقة عمل أجسادنا غير المرئية:

يتكوّن “الغلاف الذهني” الأول عند الولادة، ويختص بتنظيم الأحاسيس التي تدير العلاقة بأبعادنا الأكثر حميميةً داخلياً، ومن ثم يؤدي دوراً كبيراً في النشاط الجنسي. وعلى العكس من ذلك، فمن خلاله يتم تصُّور البعد الاجتماعي لوجودنا.

وبين الاثنين، أي الغلاف الذهني الذي يُرسي أسس العلاقة بين عالم الأحاسيس وعالم الكلام، هناك الصور المرئية المرتبطة أيضاً بحاسة الشم والصور المسموعة والمحسوسة.

هل يتحدث الجسد والعقل كل منهما مع الآخر بلغة الصور؟

تشير بنيوية أجهزتنا النفسية إلى أن الأحاسيس التي تهيمن على الطفل يمكن أن ترتبط وتتواصل تدريجياً مع تطور اللغة، وهو ما تفعله من خلال الصور. وعند الولادة، تكون جذور الطفل الرضيع ما تزال منغرسة في بنيوية جسد أمه بحيث لا يستطيع تمييز جسده عن جسدها، وتؤدي العيون في هذه السن دوراً مهماً للغاية في تمييز الذات عن الآخرين. ومن خلال ربط الأحاسيس بالصور المرئية، فإنها تسمح لك بالتعامل مع ذاتك شيئاً فشيئاً ككيان منفصل، وتستمر هذه العملية البنائية للعقل طوال الحياة وتترسّخ في فكر البالغين، وهكذا يحق لأينشتاين أن يدعي أن اكتشافاته قد خطرت له أولاً على شكل صور وأحاسيس حركية.

المحتوى محمي !!