6 خطوات لتهيئ نفسك ذهنياً للعمل العميق

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ترد إلى هاتفك الكثير من التنبيهات، والمكالمات، ورسائل البريد الإلكتروني، وآخر نشرات الأخبار، كما أنك لا تجد ضيراً في مشاهدة التلفاز لبعض الوقت. أصبحت وسائل الإلهاء الرقمية منتشرةً بصورة كبيرة في مجتمعنا؛ ما يجعلها تحد بالفعل من العمل بتركيز وكفاءة. وفي هذا الصدد؛ ابتكر الأستاذ الأميركي كال نيوبورت أسلوبَ عمل “ثورياً”، وهو أسلوب “العمل العميق”، أو “التعمق في العمل”؛ إذ يَعدُك من خلاله باستعادة التركيز والكفاءة اللازمَين في العمل.

بينما أنت جالس في مكتبك، تحاول جاهداً أن تركز في عملك، تغمر رسائل البريد الإلكتروني صندوق الوارد الخاص بك، وتنظر إلى قائمة المهام التي تطول باستمرار، ويجب عليك إنجازها، وتشعر بالحيرة ولا تعرف ما الذي يمكنك فعله.. “حسناً سألقي نظرةً سريعةً على الإنستغرام أو الفيسبوك، نعم بضع دقائق فقط. والآن هيا لنعد إلى العمل”، وقبل أن تبدأ يهتز هاتفك، إنها رسالة، تحاول التركيز مجدداً لكن ذهنك في مكان آخر، ثم تتصل بك والدتك؛ يبدو أنه يوم آخر من صعوبة التركيز في العمل!

تبدو قدرة السمكة الذهبية على التركيز في هذه الأيام أفضل من قدرتنا على ذلك!

في مواجهة هذه الملاحظة؛ وضع الأستاذ الأميركي كال نيوبورت نظريته حول طريقة عمل جديدة، وهي حالة العمل العميق أو “التعمق في العمل” من خلال كتابه الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة “العمل العميق: قواعد لتحقيق نجاح مركّز في زمن التشتت” (Deep Work: Rules for Focused Success in a Distracted World).

ويَعِد كال نيوبورت في كتابه، بتطوير قدرتك على التركيز والتعلم بفعالية، وتمكينك من التوقف عن العمل في وقت مبكر كل يوم. يمكن لذلك أن يكون ثورةً حقيقيةً في مجتمعنا؛ حيث نمسك هواتفنا ​​23 مرة في اليوم في المتوسط ولمدة تصل إلى ساعة و42 دقيقة. أما بالنسبة لجيل الألفية، فتصل هذه المدة إلى ساعتين و16 دقيقة بواقع 33 مرة في المتوسط.

قسّم عملك

وفقاً لكال نيوبورت؛ يمنح الانفصال التام عن المحيط والاستقلال الذهني، فرصةً للدماغ ليضاعف من إبداعه، ولذلك فإن نصيحته الأولى هي تجزئة العمل؛ إذ لا يمكن أن يكون العمل على مهمة ما لمدة 8 ساعات متواصلة طريقةً صحيحةً لإنهائها، لذلك عليك أن تمنح نفسك فترات محددة من الراحة وأن تلتزم بها.

“يؤدي التحول المستمر من الأنشطة عالية القيمة ذات المحفزات القليلة، إلى الأنشطة منخفضة القيمة ذات المحفزات العالية، عند أدنى علامة على الملل أو التعرض لصعوبة معرفية في أثناء العمل، إلى إضعاف قدرة الدماغ على التعامل مع نقص الإبداع. ويوضح كال نيوبورت أن هذا التحول المستمر، يُضعف العضلات العقلية المسؤولة عن تنظيم العديد من المصادر التي تتنافس على جذب انتباهك، ومن خلال قطع اتصال الإنترنت (وبالتالي عزل عوامل التشتيت)، فإنك تقلل عدد المرات التي تستسلم فيها للإلهاء. وبذلك؛ تقوي العضلات المسؤولة عن اختيار ما يحتاج إلى اهتمامك.

تخلّص من المهام غير المجدية

هذه هي فلسفة العمل الأولى التي يقترحها كال نيوبورت في كتابه الأكثر مبيعاً. وتتلخص هذه الفلسفة في التخلص من المهام غير المجدية، أو التوقف عن القيام بها لعدة أشهر أو فصول أو أرباع سنوية.

على سبيل المثال؛ إذا كنت كاتباً، فركز على الكتاب الذي تكتبه فقط، وفوّض المهمات التي ستحد من إنتاجيتك؛ كمسك الدفاتر أو تنظيم المواعيد، إلى أشخاص آخرين. إذا كنت ترغب في تطبيق هذه الطريقة؛ يُنصح بشدة بعدم امتلاك عنوان بريد إلكتروني مهني حتى لا تشتت ذهنك بعشرات الرسائل يومياً.

حدد فترة العمل العميق

الفلسفة الثانية؛ والتي تسمى الفلسفة “ثنائية النسق”، لا تتمثل في القضاء على المشتتات؛ ولكن في تحديد فترة زمنية كافية لجلسة العمل العميق لتعكس الأثر المرغوب منها. ويوضح كال نيوبورت أن المدة التي تصل فيها كفاءة الفرد إلى ذروتها لا تتجاوز 3 أو 4 ساعات يومياً، لذا ركز على مهمتك لمدة 4 ساعات وليس أكثر، وستجد أن أداءك سيكون أكثر كفاءة من خلال التركيز الكامل. “في بداية كل يوم عمل، خذ صفحةً جديدةً من دفتر الملاحظات، وحدد في بداية كل سطر من الصفحة وقتاً من اليوم، وهكذا حتى تنتهي من تغطية كل ساعات عملك ليوم عادي، من ثم يأتي الجزء المهم؛ وهو تحديد فترة زمنية من العمل العميق”.

اجعل أسلوب العمل العميق عادةً راسخةً

أما الفلسفة الثالثة؛ والتي تسمى الفلسفة “الإيقاعية”، فتنطوي على تحويل جلسة العمل العميق إلى عادة راسخة. ولا يهم ما إذا كانت الجلسة في الصباح أو في منتصف فترة ما بعد الظهر، طالما أن هذه الفترة الزمنية المحددة تظل كما هي دائماً، أما الوقت المتبقي من اليوم فسيتم استخدامه لإنجاز بعض المهام الثانوية. ضع هذه الخطة يومياً لتلتزم بأوقات جلسة العمل العميق؛ إذ إنها ستكون طريقةً مثاليةً للبدء، لأنه من الأسهل الالتزام بما خُطط له مسبقاً.

اعمل وتوقف عن العمل عند الحاجة

أما الفلسفة الأخيرة لأسلوب العمل العميق فتسمى “الفلسفة الصحفية”. ويوضح كال نيوبورت، أنها الطريقة الأصعب من ناحية التطبيق، لأنها تنطوي على تنشيط وإلغاء تنشيط حالة العمل العميق بسرعة كبيرة؛ وهو ما يفعله الصحفيون عندما لا يكون لديهم متسع من الوقت لكتابة مقال -على سبيل المثال- ويحتاجون إلى استحضار تركيزهم.

تقنية العلامات الكبيرة

ينصح كال نيوبورت بهذه التقنية إذا كانت عوامل التشتيت الرقمية قوية جداً، وحالت دون دخولك في حالة العمل العميق.

ما هو مبدأ هذه التقنية؟

تعتمد هذه التقنية على تغيير البيئة التي تعمل فيها كلياً؛ إذ يمارس ذلك ضغطاً على الدماغ، فيدرك أن لديه مهمة أكثر أهمية من أي أمر آخر فيضاعف جهوده للتركيز عليها. وهذا ما فعلته جي كي رولينغ لكتابة المجلدات الأخيرة من سلسلة هاري بوتر؛ حيث ذهبت إلى الفندق لأنها لم تعد قادرةً على الكتابة في المنزل. ويمكن للذهاب إلى مكتبة أو مقهى أو حديقة أن يفي بالغرض.

أما الأسلوب الآخر فهو ببساطة الابتعاد عن العمل وأخذ قسط من الراحة. خذ كتاباً، واذهب في نزهة على الأقدام، أو اذهب لرؤية عائلتك، والشيء الرئيسي هو ترك عقلك يرتاح لفترة من الوقت قبل استئناف العمل مرةً أخرى.

كيف تنخرط في أسلوب العمل العميق انخراطاً فعلياً؟

بغض النظر عن الطريقة المختارة، فإن أهم “عمل عميق” يجب أن تبدأ به هو ترك هاتفك بعيداً عنك وإيقاف تشغيل التلفزيون ووضع نفسك في “فقاعة”. احسب وقت العمل، ساعتين أو ثلاث ساعات أو أربع ساعات كحد أقصى، ثم حدد فترةً زمنية -على سبيل المثال من الساعة 10 صباحاً حتى الساعة 1 ظهراً- وركز خلال هذه الساعات الثلاث على مهمتك تركيزاً كاملاً. يمكنك عندما تنتهي من عملك، أن تأخذ قسطاً من الراحة. وإذا كنت تعتقد أن مهمتك تتطلب مزيداً من العمل، فقم بتعيين فترة زمنية مرةً أخرى – على سبيل المثال بدءاً من الساعة 3 مساءً حتى الساعة 5 مساءً. وفي نهاية اليوم لا تنسَ أن تضع خطة اليوم التالي لتتأكد من بدء يومك بها.

المحتوى محمي !!