كيف تتحرر من الداخل وتعيش في تصالح مع ذاتك؟

تحرير النفس
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يتطلب تحقيق التوازن النفسي والعاطفي من الإنسان أن يكون في حالة تآلف مع ذاته؛ لكن السؤال هو كيف يمكنه التعامل مع القيود التي قد تمنعه من ذلك؟ قد تكون أساليب العلاج النفسي فعالة في هذا الخصوص لكنها ليست السبيل الوحيد، فتحرير النفس من قيودها ممارسة تستمر طوال الحياة. ويقول تييري جانسن: “يتعامل المرء في كثير من الأحيان مع هذه الحالة بتقديم التنازلات والإنكار وإسكات حاجته الشديدة إلى الحرية الداخلية التي سأسميها أيضاً الحاجة إلى التلاحم مع الذات والتي لا بد ستظهر في النهاية كما العواطف المكبوتة كلها”، فكيف يؤثر إهمال هذه الحاجة في حياتنا؟
يتطلب تحقيق التوازن النفسي والعاطفي من الإنسان أن يكون في حالة تآلف مع ذاته لكن قيوداً كثيرة قد تمنعه من تحقيق ذلك، وعلى الرغم من أن أساليب العلاج النفسي فعالة في هذا الخصوص فإنها ليست السبيل الوحيد، فتحرير النفس من قيودها ممارسة تستمر طوال الحياة.

تحث الإنسان طوال حياته حاجة داخلية إلى البحث عن هويته، بدءاً بالتعبير عن اعتراضه على ما لا يعجبه في الطفولة ومروراً بسعيه إلى تأكيد ذاته في سن المراهقة وحتى اتخاذ القرارات المهمة في سن الرشد، ويقول مختص الطب والتحليل النفسي آلان براكونييه (Alain Braconnier): “إنه شعور المرء بأنه وحده القادر على تحقيق تطلعاته العميقة”.
ويتابع: “لا ترتبط الرغبة بتحقيق هذه التطلعات بعنصر خارجي بل بحاجة داخلية، وهي الحاجة إلى التحرر من خلال العثور على الهوية وهذا ما يتمكن من بلوغه عادة من يخضع للتحليل النفسي”، وبمعنىً آخر؛ نحن نتحدث عن إعطاء المرء نفسه الفرصة لاستعادة شخصيته التي يتآلف معها، وهذا ما يحب المعالج النفسي تييري جانسن (Thierry Janssen) أن يُطلق عليه “جوهر” النفس، أو ما يسميه المتخصص في الحكمة الشرقية دونيز ديجاردان (Denise Desjardins) “الطبيعة الأساسية” (التعريف من البوذية)، على عكس “الأنا” التي تمثل نصيب الإنسان من النرجسية؛ والتي لا شك في أنها ضرورية لكنها تسيطر عليه بطريقة عدوانية غالباً لأنها تمثل استجابة إلى حاجته لرأب جرح في نفسه.

ثمة قيود كثيرة تمنعنا من ممارسة الحرية الداخلية، ويقول آلان براكونييه: “تأتي هذه القيود من مصادر خارجية كالتربية أو القيم الأخلاقية أو الضغوط الاجتماعية، وداخلية كالمخاوف التي نحملها في داخلنا والعواطف التي نكبتها وغيرها”. عندما لا يعود المرء مرتاحاً مع شريك حياته أو متآلفاً مع القيم في حياته المهنية والشخصية فإن ذلك يرجع إلى خوفه من المخاطرة أو بذل الجهود الكافية للسعي خلف خياراته إلى النهاية، ويمثل هذا السعي مسألة حيوية لكل إنسان. ويقول تييري جانسن: “يتعامل المرء في كثير من الأحيان مع هذه الحالة بتقديم التنازلات والإنكار وإسكات حاجته الشديدة إلى الحرية الداخلية التي سأسميها أيضاً الحاجة إلى التلاحم مع الذات والتي لا بد ستظهر في النهاية كما العواطف المكبوتة كلها، سواء من خلال الأعراض النفسية الجسدية (السيكوسوماتية) أو الاضطرابات النفسية الأكثر شدة كالاكتئاب”.

مسار العمل على التحرر من القيود الداخلية

كيف يمكنك المضي قدماً إذاً؟ يمكنك ذلك حين تتخلص من قيودك أو على العكس تتقبلها ولكن بوعي تام، ويُعد العلاج طريقة فعالة لتحقيق ذلك، فهو لا يتيح تحديد هذه القيود فقط بل إمكانية فهمها ثم العمل على تغييرها أيضاً، وصولاً إلى حالة الاتساق مع الذات والقيم وهي الأساس في قدرة المرء على تحقيق ذاته والشعور بالسعادة. وتقول الفيلسوفة ليتا باسيت (Lytta Basset) حول عن ذلك: “المصالحة مع الذات، هذا العمل الشاق والخفي لإعادة لم شمل الإنسان مع نفسه”. إنها حالة من الرضا التي تخلق سكينة في النفس وتسمح لنا بسماع هذا الصوت الداخلي الذي يرشدنا إلى ما يناسبنا، ويختتم آلان باركونييه قائلاً: “الحرية الداخلية هي الخطوة الأولى نحو الحرية المطلقة”.

تمرين لتهدئة النفس وتحقيق السلام الداخلي

هذا التمرين مقترَح من خريج الطب الصيني ومدير مركز لي تومب دو كورب (Les Temps du corps) للثقافة الصينية في باريس ومؤلف كتاب “مدخل إلى ممارسة تشي كونغ” (Entrez dans la pratique du qi gong)، كي وين (Ke Wen).

يهدئ تمرين تشي كونغ التقليدي القلب ويجلب السلام الداخلي العميق من خلال تعزيز طاقة الرئتين؛ مركز العواطف، ويمكنك ممارسته كلما شعرت بحالة من الكبت العاطفي:

  1. اجلس على كرسي دون الانحناء للخلف وضع قدميك على الأرض وباعد بينهما بعرض الكتفين.
  2. ضع راحتيّ يديك على فخذيك.
  3. شدّ عمودك الفقري حتى يرتفع أعلى الرأس.
  4. أرخِ جسدك تدريجياً من رأسك إلى أصابع قدميك.
  5. ارفع ذراعيك بشكل جانبي ثم ضع يديك على كتفيك (اليد اليمنى على الكتف الأيسر واليد اليسرى على الكتف الأيمن).
  6. حافظ على هذا الوضع، وأغمضْ عينيك وأرخِ وجهك.
  7. أرخِ مرفقيك وكتفيك، واستمع إلى تنفسك الطبيعي واشعر بدفء يديك يملأ صدرك وينتقل إلى ظهرك.
  8. تنفسْ بعمق: عند الشهيق، اسحب معدتك ووسع صدرك قليلاً، ثم أرخِ معدتك عند الزفير ووسعها قليلاً.
  9. استمر لبضع دقائق: أبقِ ذراعيك متقاطعتين وارجع إلى تنفسك الطبيعي لمدة دقيقتين إلى ثلاث دقائق.

المحتوى محمي !!