5 نصائح لتوجه نقداً بنّاءً يتقبله الآخرون

انتقاد الآخرين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نحن نخشى انتقاد الآخرين لكننا مخطئون في ذلك، فالنقد يساعد الآخر على التقدم شرط أن نحسن صياغته ونقدمه بأسلوب مفهوم واضح. سنتناول خمس قواعد ذهبية يجب اتباعها حتى توصل فكرتك دون أن تؤذي الآخر.

لطالما لازمت السمعة السيئة النقد لما يرافقه من خشية الحكم على الآخرين وجرحهم وخسارة تقديرهم، فكنا نتجنبه إلى أن يأتي يوم -دون سابق إنذار- تشتد فيه نبرة الحديث ويحتدّ فيه النقاش ونجد أن توجيه النقد سيئ فنعود بذلك إلى نقطة البداية. ومع ذلك فإن النقد ضروري؛ إذ يعني عدم توجيه النقد الافتقار إلى وجود تواصل صادق وغض الطرف عن الخطأ وبالتالي عدم إحراز أي تقدم. يوضح “إريك ألبرت”؛ الطبيب النفسي والمدرب في مجال الأعمال: “ليس النقد بحد ذاته هو ما يمثل مشكلة بالنسبة لنا بقدر أسلوب صياغته وتلقي الطرف الآخر له. يتأرجح سلوكنا جميعاً في أثناء تواصلنا اليومي بين السلوك السلبي والسلوك العدواني ونفتقر إلى “الحزم”؛ والحزم يعني أن نشارك أفكارنا ومشاعرنا مع الآخر مع مراعاة أفكاره ومشاعره، وهذا دليل على الاحترام”. طبعاً في البداية يجب علينا أن نتدرب على ذلك.

كيف تكتب مراجعةً؟

1) إعدادها

قبل أن تصيغ النقد ابدأ بتوضيح أفكارك بسؤال نفسك ما هو موضع الخطأ في سلوك الآخر.

مثال: يشتكي أحمد؛ مدير مشروع، من تأخر سلام مصممة الرسوميات (الغرافيك)، وقد أعلمها بذلك فعلاً لكن دون جدوى فاضطر فارس للتدخل. لكن يجب عليه أولاً أن يعدّ النقد الذي سيوجهه: “كم مرةً تأخرت سلام وفي أي الحالات؟ ما مدى حجم عواقب سلوكها هذا؟ كيف سأصيغ مراجعتي له؟ ما هو أنسب وقت للتحدث معها؟”.

2) اشرح الوقائع

لا تتحدث بالعموم بل اذكر أمثلةً محددةً. الهدف من هذا ألا يضع المرء نفسه في موضع المتهِم بل أن يكون منفتحاً على الحوار.

مثال: قولك “أنت دائماً متأخرة” يضفي على الفور نبرةً عدوانيةً على النقد الذي توجهه، فتجازف بذلك بأن توحي إلى الذي تحاوره بأنك تعد تصرفه سلوكاً نمطياً “نواجه نفس المشكلة معك دائماً”؛ وهو ما يستطيع أن ينكره بقوله: “هذا ليس صحيحاً، لقد وصلت اليوم في الموعد المحدد”. من الأفضل أن تبقى واقعياً وتقول: “لاحظت هذا الأسبوع يا سلام أنك وصلتي متأخرةً نصف ساعة عن اجتماعاتنا الثلاثة التي عقدناها”.

3) تحديد العواقب

نوضح عواقب السلوك المخالِف للطرف الآخر ونسأله إذا ما كان يوافقنا الرأي.

مثال: “اضطرت راما إلى تأجيل اجتماع مهم بسبب تأخرك. هل تدركين عواقب تأخيراتك على الفريق؟”. إذا أجابت بالنفي نسألها عن السبب ونستمر في مساءلتها بإعادة صياغة إجاباتها لمساعدتها على إدراك آثار سلوكها.

4) حدد السلوك المطلوب تغييره

نذكر بوضوح ما الذي نتوقعه من الطرف الآخر ونحدد هدفاً واقعياً وقابلاً للتحقيق لتغيير سلوكه.

مثال: نتجنب هنا أيضاً التحدث بالعموم “ينبغي لك أن تتغير” ونذكر مقترحات محددة: “تعلمين يا سلام أننا نعقد ثلاثة اجتماعات مهمة كل أسبوع لذا أطلب منك حضور هذه الاجتماعات الثلاثة في موعدها المحدد”. إن تحدثك بضمير “المتكلم” بدلاً عن ضمير “المخاطب” سيسهل تبادل الأفكار. مثلاً قولك: “أنا أرى أنك لا توظف كل طاقتك في عملك” (هذه وجهة نظري وأنت حر في مخالفتي الرأي) سيكون أكثر إيجابيةً من قولك: “أنت لا توظف كل طاقتك” (تؤدي هنا دور المتهِم وبالتالي تكون النبرة عدوانية).

5) اعرض تقديم المساعدة

يمكننا في النهاية أن نعرض تقديم المساعدة على الآخر لإيجاد حل لسلوكه غير السليم.

مثال: “هل تأخيراتك ناجمة عن مشكلة في جدول مواعيد القطار؟ هل ستحضرين في الموعد المحدد إذا أجلنا اجتماعاتنا نصف ساعة؟”. تنبيه: لا ينبغي أن نتسرع في تقديم عرض المساعدة. بالتأكيد يمكننا أن نقدم للآخر نموذج تنظيم جديداً لكن لا ننسى أن المشكلة الحقيقية هنا هي تغيير سلوكه. بتعبير آخر؛ لن يحول تأجيل موعد عقد الاجتماعات دون تأخر سلام، خاصةً إذا قررت -دون وعي منها- أن تتخطى المستوى المطلوب.

كيف تتلقى النقد؟

1) أصغِ دون مقاطعة

لتحسِن تلقّي النقد الموجَّه إليك يجب أن تبدأ بالإصغاء إليه حتى نهايته دون أن تقاطع الناقد لتدافع عن نفسك “هل أخبرتك ماريا أنني لم أكن موجودةً لرؤية عميلها؟ هذا ليس صحيحاً فقد كنت أتحدث على الهاتف في المكتب المجاور”. أو لتبرر تصرفك “فاتني موعد اجتماع الثلاثاء لأنني اضطررت إلى اصطحاب ابني إلى المدرسة لأن مربيته كانت مريضةً”.

2) سل الطرف الآخر

بمجرد سماعك للنقد اطرح أسئلةً على الناقد لتستوضح أفكاره: “هل يعيق تأخري عمل بقية أعضاء الفريق؟ ماذا تقصد بذلك بالضبط؟ الهدف من هذا هو الضغط على المراجِع لدفعه إلى البوح بما يفكر فيه ويشعر به بالضبط.

3) أعد صياغة النقد

نعيد صياغة ما سمعناه من المحاور تواً لنتأكد أننا لم نسِئ فهمه ونتمكن من مواصلة النقاش: “إذاً فهمت منك أنك تجد أنني أتأخر كثيراً عن الاجتماعات وهذا يعرقل عمل بقية الفريق وتريدني من الآن فصاعداً أن أحضر في الموعد المحدد”.

4) حدد موقفك

بمجرد أن نحيط بجميع جوانب المسألة ونتأكد أننا فهمنا ما يفكر الناقد فيه ويشعر به يمكننا حينها إجابته واتخاذ موقف: “لم أكن أظن أن تأخري يعيق عمل الآخرين لهذه الدرجة. أصبح لدي علم الآن وسأحاول حضور الاجتماعات في موعدها المحدد”، أو: “موعد الاجتماعات مبكر جداً وأوافقك في فكرة تأجيل الاجتماعات مدة نصف ساعة حتى أستطيع ركوب القطار الذي يصل 7:32 صباحاً ويوصلني إلى المكتب الساعة 9 صباحاً.

تجنب الخلط بين النقد والتوبيخ

ليست الغاية من اللوم مساعدة الآخر على التغير بل جعله المتهم، فإننا بتركيزنا على الخطأ نحاول أن نجعله يدرك أنه مخطئ. ولتحقيق ذلك نتلاعب بعواطفه وخاصةً بإحساسه بالذنب؛ نحن لا نحاول فهمه أو دفعه ليتقدم: نحن نلومه فقط.

المحتوى محمي !!