كيف تدعم الوالدين بعد خسارة الطفل في الفترة المحيطة بالولادة؟

الفترة المحيطة بالولادة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

غالباً ما نشعر بالحيرة بشأن كيفية إيجاد الكلمات أو التصرفات المناسبة لدعم الوالدين اللذين فقدا طفلهما. توضح هيلين غيرين المختصة في فجيعة الفترة المحيطة بالولادة في كتابها “في هذه اللحظات” (Dans ces moments-là) العديد من سبل دعم أحبائنا من الآباء الثكالى.

ساعد الوالدين في إقامة مراسم الحزن

في خضمّ الشعور بالتعب والحيرة والصدمة في بعض الأحيان؛ لا يملك الوالدان دائماً الفكرة أو القوة اللازمة لتنظيم مراسم الحزن على طفلهما، فغالباً ما تكون هذه هي المرة الأولى التي يواجهان فيها موقفاً مماثلاً ولا يكاد يكون لديهما الوقت للتفكير فيه. إذا شعرتَ برغبة في مساعدتهما، وبدا لك أنهما متقبلان لهذه الفكرة فلا تتردد في اقتراح أفكار (شعائر معينة، ومسار الحفل ونصوص لقراءتها خلال الجنازة، واختيار موسيقى مناسبة، وغيرها) لمساعدتهما على تنظيم مراسم الحزن لتكريم طفلهما الراحل؛ إذ يشعر بعض الآباء بالارتياح لفكرة أن يكونوا قادرين على الاعتماد على أحبائهم أو حتى تكليفهم بالكامل بتنظيم هذه المراسم.

اترك رسائل حب تحسباً لعودة الوالدين إلى المنزل

توضح سوسن أن لحظة مغادرة المستشفى قد تكون لحظةً معقدةً للغاية بالنسبة للوالدين وتقول: “عندما غادرنا جناح الولادة شعرنا بالضياع وعدم القدرة على فهم ما نمر به. يمكن أن تُمثل مرافقة الوالدين في هذه اللحظات التي يحاولان خلالها العودة إلى الواقع دعماً كبيراً لهما، ويمكن أن يقوم الأحباء بذلك على سبيل المثال عبر ترك ملاحظات صغيرة لهما ليجداها عند عودتهما إلى المنزل. تتذكر منى والدة سارة لحظة وصولها إلى المنزل وتقول: “لقد فقدنا طفلتنا في نهاية شهر ديسمبر/ كانون الثاني، وفي أثناء غيابنا اجتمع أصدقاؤنا معاً وتعاونوا على تزيين الشجرة من أجلنا وعندما وصلنا إلى المنزل وجدنا 20 ظرفاً معلقاً على الشجرة وقد كُتب في داخل كل منها كلمة مواساة؛ لقد كانت لفتةً لا تنسى وأثرت في أعماق قلوبنا”. يتمكن الأحباء عبر الكتابة أحياناً من التعبير عن مشاعرهم ودعمهم للوالدين المفجوعين بأريحية أكبر، لذا لا تتردد في استخدام وسيلة التواصل هذه إذا كان يصعب عليك أن تعبر لهما عن مشاعرك وجهاً لوجه.

قدم للوالدين دفتراً لكتابة قصتهما

إن سرد القصة وإخراجها من النفس وتركها ثم إعادة قراءتها في الوقت المناسب هي أمور توفر راحةً كبيرةً لبعض الآباء؛ إذ يعينهم ذلك على تحليل ما مروا به والعودة إليه عدة مرات ومن ثم إدراكه ومنحه ترابطاً منطقياً ومعنىً في بعض الأحيان. إذا كنت تعتقد أنه يمكن للكتابة أن تجلب بعض الراحة للوالدين المفجوعين، فلا تتردد في تزويدهما بدفتر ملاحظات جميل سيقومان بتعبئته بمرور الوقت. استلمت سوزان وعائلتها دفتر ملاحظات من هذا النوع وظل موضوعاً لفترة طويلة على قطعة أثاث في غرفة المعيشة، وكان بإمكان أي شخص أن يكتب فيه وفق وتيرته الخاصة. وتوضح سوزان: “لم يكن هنالك ضغط أو التزام محدد، وقد تداولنا هذا الدفتر فيما بيننا بحرية تامة، فعبر بعضنا عن أحزانهم من خلاله، بينما شارك آخرون رسماً ما أو أرسلوا عناقاً لطفلنا الراحل. لقد ساعدنا هذا الدفتر كثيراً فقد سمح لنا بالاحتفاظ بتاريخنا العائلي”.

تنظيم مراسم طريق النعمة

مراسم “طريق النعمة” هي مراسم مستوحاة من تقاليد قبيلة نافاجو، وهم من الهنود الحمر في أميركا الشمالية. وهي تهدف إلى تسليط الضوء على مراحل الحياة المهمة بما فيها مرحلة الحداد. وعلى هذا النحو ينظم بعض الأقارب مراسم طريق النعمة للوالدين، وهي فرصة لتكريم طفلهما الراحل والتجربة التي مرا بها ودعمهما خلال مرحلة الحزن هذه. يمكن تنظيم هذه المراسم بصورة خاصة للآباء الذين يحبون الشعائر بصورة عامة.

سيقدر بعض الآباء الحصول على جلسة تدليك أو إضاءة شمعة صغيرة تخليداً لذكرى طفلهم أو مجرد الاستمتاع بتناول وجبة مع أحبائهم.  ويمكن للأحباء أيضاً دعم الوالدين المفجوعين بقراءة القصائد الملهمة أو غناء أغنية أو تمني الأمنيات الطيبة لهما، فسبل الاهتمام عديدة ويمكن الاختيار منها وفقاً لرغبات الوالدين.

مرافقة صديقك إلى المقبرة

يعرض كمال من وقت لآخر مرافقة صديقه جلال عند زيارة الأخير قبر ابنه الراحل ماجد، وهي فرصة لهذين الرجلين للقاء والاستمرار في إحياء رابطة جميلة مع هذا الطفل. سواء كنتَ معتاداً على الذهاب إلى المقبرة أو لا، فلا تتردد في أن تعرض على صديقك مرافقته إلى هناك إذا شعرت أن ذلك يمكن أن يكون مفيداً له؛ حيث يمكنك وضع الزهور، أو استحضار الذكريات مع صديقك، أو مشاركته ببساطة بحضور لطيف وهادئ.

رافقي الأم الثكلى إلى جلسات “الخيمة الحمراء”

الخيمة الحمراء هي مكان تجتمع فيه النساء معاً مرةً كل شهر بصورة عامة؛ حيث يمكن لكل منهن أن تتحدث بحرية عن نفسها كامرأة وتُعبر عن مشاعرها في الفترة الحالية وتشعر بدعم الأخريات لها عند استقبال المراحل الرئيسية في حياتها بما في ذلك الحمل والفجيعة. وتخوض الأمهات الثكالى من خلال المشاركة في هذه الجلسات تجربة شفاء حقيقية. وحتى لو لم تتعرض النساء الأخريات لفجيعة الفترة المحيطة بالولادة فإن قوة الرابطة التي تنشأ بينهن تخلق شعوراً بالتآخي بصورة تعزز قدرتهن على مشاركة تجاربهن دون الحكم عليهن. إنه مكان للدعم والتضامن والإحسان تفتقر المرأة إليه في حياتها اليومية.

شعرت منى على سبيل المثال بدعم عميق خلال هذه الاجتماعات، وتقول: “ينطوي الحوار في تلك الجلسات على الكثير من الدعم واحتواء النساء بعضهن بعضاً. إنها لحظات أنثوية تتميز بقيمة كبيرة وحضور رائع، لقد وجدت الكثير من اللطف والوداعة والحب هناك”.

قدمي هديةً للأم الثكلى

قد يصعب على البعض تقديم الهدايا للوالدين المفجوعين خاصة وأنهما قد يرفضان قبولها. ومع ذلك، فإن تجسيد الخسارة يمكن أن يساعد خلال مرحلة الحزن. يمكن أن يكون لتقديم الزهور أو البطاقات التذكارية أو الشموع أو حتى قطعة مجوهرات أثراً كبيراً في قلوب الأمهات اللواتي خسرن مولوداً للتو؛ إذ قد يساعدهن ذلك على الخروج من الشعور المحتمل بالفشل أو الصدمة ويكون بمثابة تكريم لمكانتهن كأمهات. تتذكر منى قائلةً: “في اليوم التالي للولادة؛ جاءت والدتي وحماتي لزيارتي في المستشفى، ثم حضرت صديقتي كوثر برفقة ابنها الصغير وأحضرا لي زهرة الأوركيد البيضاء الجميلة مع ملاحظة رائعة عليها تقول: “زهرة الأوركيد هذه لسارة التي ستبقى في قلوبنا إلى الأبد”. لقد تأثرتُ كثيراً بفكرة أن تدرك صديقتي وجود طفلتي إلى هذا الحد. إن زيارة أحبائي لي والاهتمام الذي أبدوه والهدايا التي أحضروها هي أمور جعلتني أشعر بالفخر كأم حقيقية”.

المحتوى محمي !!