كنت زوجاً عنيفاً ولم أكن أعرف ذلك

العنف المنزلي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد 20 عاماً من العيش معاً، طردته زوجته بسبب ممارسته العنف المنزلي لقد طردته بسبب “عنفه”، بالرغم من أنه لم يضربها أبداً. وافق جبران على مشاركة قصته معنا.

  • اعتقدت أني كنت أحترمها
  • أحبّ والداي بعضهما البعض؛ لكنهما كانا يصرخان في بعضهما البعض طوال الوقت
  • هذه هي قصتي مع العنف المنزلي

لقد ذُهلت عندما نعتتني زوجتي بالعنيف. أنا متهور قليلاً، ولدي تقلبات مزاجية؛ لكن من المستحيل أن أمارس العنف المنزلي أو أصف نفسي بالرجل العنيف! لكني غادرت دون تردد، لأني إذا بقيت؛ ستغادر هي، فأردت حماية أطفالي. كان ذلك قبل 5 سنوات وما زلت أجد صعوبة في تقبّل الأمر. في الواقع؛ عندما طُلب مني الإدلاء بشهادتي حول ماضيي العنيف، صُدمت؛ ولكني أعرف أنها الحقيقة.

اعتقدت أني كنت أحترمها

كنت رجلاً صالحاً؛ كنت أعمل بجدّ كي لا تحتاج أسرتي أي شيء، وهذه هي الحقيقة، فلم يكن ينقصهم أي شيء؛ وذلك ما يجعلني أباً صالحاً كما أعتقد. كنت أصفع الأطفال أحياناً، أوبخهم؛ ولكن لتعليمهم، إنه دور الأب؛ لكنني كنت زوجاً يحترم زوجته؛ فعلت كل شيء لإسعادها، ولم أضربها أو أجبرها يوماً على ممارسة الجنس دون رغبتها، كنت أعتقد أن ذلك يعني أني احترم زوجتي. كنت أيضاً مواطناً صالحاً لا يشرب الخمر ولا يغش ويحترم القانون، كما كنت رجلاً متديناً مؤمناً. باختصار؛ كنت بعيداً كل البعد عن الرجل السيء الذي يضرب زوجته وأولاده.

أحبّ والداي بعضهما البعض؛ لكنهما كانا يصرخان في بعضهما البعض طوال الوقت

ذات يوم؛ بعد فترة من مغادرتي للمنزل، رأيت ملصقاً كان مكتوباً عليه بأحرف كبيرة “ضد العنف المنزلي”. كان هناك رقم هاتف وقررت الاتصال بهم. عندما قالوا لي أنه يمكنني الانضمام إلى جلساتهم العلاجية، شعرت بالذهول، فأنا ليس لدي ما أقوله لهم -وهي الحقيقة- ليعتقدوا أني رجلٌ عنيف يحتاج إلى المساعدة. مع ذلك؛ بدأت باتباع الدورة العلاجية. في الجلسة الأولى، كان لدي رغبةٌ وحيدة؛ أن أهرب فقط. كنت جالساً وسط رجالٍ يروون كيف دخلت زوجاتهم المستشفى بسبب عنفهم معهن، وكيف جعلهم إدمانهم على الكحول يعاملون أطفالهم بقسوةٍ كبيرة، وكيف انتهى بهم المطاف في السجن بسبب ذلك. لا علاقة لي بما يجري هنا! بقيت على أي حال.

كان أفراد عائلتي يتعاملون مع بعضهم بقسوة. لم يكن أحد منهم يستطيع التعبير عن مشاعره إلا بالصراخ والغضب. أحب والداي بعضهما البعض؛ لكنهما كانا يصرخان دائماً. أتذكر ذات يوم حين قتل أبي الكلب بالمطرقة لأنه استمر بالنباح بالرغم من أنه كان يحبه؛ ولكن يحب أن تُطاع أوامره في المنزل. كنت أكبر إخوتي، طفلاً صغيراً حساساً أبكي لأتفه الأسباب؛ ولكنني توقفت عن البكاء بعد أن أدركت أنه ليس من شيم الرجال الذين كنت أحبهم وكانوا قدوةً لي، ثم توفيت أمي عندما كان عمري 18 عاماً بسبب سرطان العظام.

في ذلك الوقت، لم يكن هناك دواء يخفف من آلامها. قضت حياتها وهي تصرخ فينا، وماتت وهي تصرخ من الألم. كانت تتوسل إلي كي أقتلها، وكنت أهرب حتى لا أضطر إلى سماعها بعد ذلك. توفيت أمي، وتشتتت أسرتي، ولم أستطع أن أحزن عليها لأني توقفت عن البكاء. التقيت بزوجتي في قداس جنازتها، كانت صدفةً غريبة، أليس كذلك؟ كان حباً من النظرة الأولى. كانت تبلغ من العمر 15 عاماً ونصف، جميلةً ومفعمةً بالحيوية… بعد عامين، تزوجنا. أنجبنا خمسة أطفال، وكل ما كنت أفعله، كان من أجلهم.

كنت ربّ الأسرة؛ الشخص الذي يقرر ويأمر، القوي والمحترم وذو السلطة المطلقة في العائلة. كنت رب عمل سيئاً أيضاً، لقد عملت إلى درجة الإرهاق، وطالبت أن يفعل الجميع الشيء نفسه. لم يحبني أحد لكني لم أهتم. إذا مرض أحد العمال؛ كنت أطرده على الفور. كان أطفالي يصغون إلى صوت سيارتي عندما أعود إلى المنزل من العمل، ينتبهون لصوت الفرملة، كيف أغلق باب السيارة والطريقة التي أفتح بها باب المنزل وأغلقه عند دخولي، كانوا يعرفون ما إذا كانوا سيقضون ليلةً سيئة. اعتقدت أنهم يحترمونني؛ لكنني كنت أرعبهم فقط.

كانت علاقتي معقدةً مع زوجتي؛ ولكني كنت أعتقد أن الأمر كان كذلك بين أي زوجين بسبب مشاكل الحياة اليومية وتقلب المزاج والعمل. لقد مرضت وفقدت الكثير من الوزن، تغير جسدها، وكانت دائماً منهكةً ومرهقة. لم تعد تسمح لي بالاقتراب منها؛ الأمر الذي دفعني إلى الجنون. لم أرغب في سماع أي شيء منها، ولم أعلم ما تعاني منه. ظلت تقول إنها تريد المغادرة، هددتها في البداية وطالبتها بالبقاء، ثم بعد ذلك توسلت إليها أن تبقى… وعندما أدركت أن الأمور وصلت إلى حدّ لا يُطاق، بعت شركتي واشتريت لها المنزل الذي كانت تحلم به لترضى؛ لكن عندما أبلغتها بذلك، وبدلاً عن أن تطير من الفرح كما كنت أتوقع، قالت لي فقط “سنرى”. بعد ستة أشهر، طردتني. 

هذه هي قصتي مع العنف المنزلي

اليوم فقط؛ عندما أروي قصتي باختصار، أدرك أنني عشت مع هذه المرأة لأكثر من عشرين عاماً دون أسمح لها بأن تشاركني في اتخاذ أي قرار. كنت الوحيد المسؤول، ولم أعرف كيف أناقشها بأمورنا. كنت أتخذ قراراتي وحسب، وأبلغها بها فقط، هذا كل شيء. كنت أصغي لردة فعلها أحياناً؛ ولكني كنت أدير حياتي وحياتها لوحدي، وكان الأمر نفسه مع أطفالنا. الشيء الآخر الذي أتعلمه هو أنه يمكنك التحكم في غضبك. كنت أغضب كثيراً، لا أعلم من أين يأتي الغضب؛ لكني أشعر متى سأنفجر غضباً، وما إذا كنت سأبقى كذلك لساعتين أو أكثر… لم يكن باستطاعتي إيقافه؛ لكني كنت قادراً على الخروج من المنزل كي لا أؤذي أحداً. هذه هي قصتي مع العنف المنزلي، مع الغضب الجارف الذي يدمر كل شيء في طريقه؛ لقد دمر حياتي وحياة زوجتي وأطفالي لأكثر من عشرين عاماً؛ ولكن ذلك كله انتهى الآن. لن ألمسهم مرةً أخرى، وبات بإمكانهم الخروج من الجحيم الذي كانوا يعيشون فيه.

إلى المرأة التي تقرأ هذه الشهادة، والتي بدأت تخاف من العنف المنزلي أو عنف زوجها، أقول لها: “عليك أن تتركيه أو تطرديه. إنها الفرصة الوحيدة لك وله كي تخرجا من هذه الدوامة التي لا تنتهي”. أما بالنسبة للرجل الذي يجد نفسه في قصتي، فأنا أريده أن يعرف أن هناك طريقة لوقف كل هذا، حتى لو كان الطريق نحو ذلك صعباً وطويلاً، “عليك الحصول على المساعدة من أشخاصٍ أكفّاء. إذا كنت تحب عائلتك كما كنت أحب عائلتي، فهذا هو الحل الوحيد”.

المحتوى محمي !!