كيف يمكننا معرفة أن الشريك هذه المرة هو الشخص المناسب؟

الشريك المثالي
shutterstock.com/ Sasin Paraksa
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل يمكنني التأكد أن هذه المرة قد ظفرتُ بـ “الشريك المثالي”؟ وأنني وجدتُ أخيراً الحب الحقيقي؟ تدحض الطبيبة النفسية جولييت ألي القرائن التي تسهم في تعزيز الشعور الهش والضعيف أحياناً، بأن هذه المرة ستكون الجيدة.

  • المسألة ليست مجرد خيال
  • ليس له (لها) مثيل
  • الكلمة تنتقل بيننا بسلاسة
  • مِن الممكن أن يظهر الشخص نفسه كما هو دون تصنع
  • إنه/ إنها تعتني بي

المسألة ليست مجرد خيال

لا وجود لما يسمى الشريك المثالي في الحياة. يمكن أن تكون لديك علاقات رومانسية جميلة ومستنيرة طوال حياتك؛ لكنك لم تظفر بأميرة الأحلام، الشخص الأوحد الذي يناسبك. هذا أمر غير موجود في حياة الناس، فإنه لمِن الخطأ، وضربٌ من الخيال، أن ننتظر ذلك الشخص الذي سيحقق لنا كل رغباتنا قبل حتى أن نتلفظ بها. في الواقع؛ سنلتقي بإنسان حقيقي من شحم ولحم، سنجد فيه حتماً مواصفات تروق لنا وأخرى قد تكون أقل جاذبيةً، بالإضافة إلى ماضيه الذي يتوّجب علينا التعايش معه. ومن ثمّ، فلا بد من تقبل الفكرة بأنه لن يستطيع أن يمنحنا كل ما ننتظره من سعادة وهناء، وتقبل الفكرة بأن هذه العلاقة ستنطوي على نقائص وفجوات، وأن تلك علامة تدل على علاقة بين شخصين بالغين، فالرجل المثالي أو المرأة المثالية لا وجود لهما إلا في مخيلتنا.

ليس له (لها) مثيل

غالباً ما نعتقد أننا أصبنا هذه المرة الخيار الصحيح، بمجرد أن نتخلص من الصورة المؤلمة للعلاقات السابقة. يترسخ شيءٌ جديدٌ بداخلنا ويتطور، وفجأةً نتوقف عن إنتاج التوقعات نفسها التي تتكرر دون انقطاع، وفجأةً لا يبدو الشخص الآخر يشبه شركاء الماضي على الإطلاق؛ لكنه أقرب إلى شيء له قيمة ومعنى عميق بالنسبة لنا. وبوسعنا عندئذ أن نشارك معه/ معها الأمور الشخصية جداً، وننفذ المشاريع الغالية على قلوبنا؛ التي طالما حلمنا بتحقيقها، دون أن نشعر بها من قبل. يأتي الشريك(ة) لينضم إلينا، ليبحث عنا في جزء فريد جداً من أنفسنا: في إبداعنا، في أعمق أمنياتنا… ليساعدنا على بلورة وتنوير ذواتنا.

الكلمة تنتقل بيننا بسلاسة

يمكننا مع هذا الشريك التعبير عن أنفسنا بحرية، وأن نخبر بعضنا البعض بما يزعجنا دون خشية ردود الفعل المتشنجة، ودون خوف من الإساءة للطرف الآخر. بالطبع لا يتعلق الأمر هنا بتوجيه الاتهامات أو تعمد الإساءة الجارحة أو العنف اللفظي؛ لكن لا بد أن تسمح هذه العلاقة وتوّفر الجو المناسب للتطرق إلى جميع الموضوعات بصراحة: الجنس، السياسة، تربية الأطفال… والآخر يصغي إلينا دون إصدار أحكام، دون انتقاد، دون كبت، دون ممارسة التلاعب بالألفاظ، دون نقد ولا ازدراء ولا تلاعب. إن الفروق التي تميزنا عن بعضنا البعض ليست عامل خشية ولا عامل خطر؛ بل إنها تنمي قدراتنا.

مِن الممكن أن يظهر الشخص نفسه كما هو دون تصنع

لا داعي للخشية من التصرف بشكل طبيعي دون تصنع، أو الخوف من أن نُظهِر أنفسنا كما نحن، دون مساحيق. يمكننا أن نتصرف طبيعياً بكل حرية، في جو من المحبة والتفاهم المتبادل. نقبل بعضنا البعض كما نحن، بعيوبنا الصغيرة ونقاط ضعفنا، وهذا لا يعني الاستسلام لحالة من التسيب، وإنما يعني القدرة على العيش طبيعياً دون الشعور بالذنب، دون الخوف من فقدان الحب. كما يمكننا أن نُظهر تعبنا وكللنا بعد يوم شاق من العمل.

نشعر بأننا في أمان، ولا نشعر بضرورة تحويل أنفسنا إلى شخص آخر لإرضاء شريكنا، أو تطويع أنفسنا للتوافق مع التوقعات التي نتخيل أننا مجبرون على تلبيتها، أو أن الشريك قد يعبر عنها، من قبيل “أنت لست… بما يكفي”، “يجب أن تكون أكثر… فيما يخص…”.

أن يكون المرءُ هو نفسه، صادقاً وفياً طبيعياً، وأن يُظهر جميع جوانبه، هذا بالتحديد هو ما ينمي الحب ويوّطد العلاقة بين الشريكين.

إنه/ إنها تعتني بي

العلاقة ليست مكاناً ليُدلل الواحد منا الآخر، ولا المكان الذي يتعيّن على أحد الشريكين أن يعوّض مكان أحد والديّ الآخر الذي لم يفِ بواجبه إزاءه في طفولته، بحيث نتحوّل إلى طفل أو والد لبعضنا البعض؛ بل نحن في إطار علاقة بين شخصين بالغين؛ لكن هذه العلاقة تنمينا معاً. يريد الآخر لي أفضل ما أتمنى أن أصير إليه، والعكس صحيح. نعيش في فضاء الترحيب والازدهار؛ حيث يستمتع كل واحد منا بوجود الآخر، ويشعر بلذة الحياة، ويشعر بالرغبات المختلفة بداخله، ونسعى جاهدين لمساعدة بعضنا البعض لتحقيق تطلعاتنا. هذا الموقف لا يحدث بسهولة وليس مسلماً به بالضرورة؛ بل يتطلب من الشريك المثالي التخلي أحياناً عن أشياء وبذل التضحيات، وعدم محاولة منح النفس الأسبقية على الآخر، وعدم نسيان الآخر والتفكير في النفس فقط، وعدم محاولة “ترويض الشريك(ة)”، فنحن حلفاء وهذا التحالف يجعلنا نشع معاً نوراً”.

المحتوى محمي !!