شارك
الرئيسية
شائعة عن إفلاس البنك الفلاني، وأخرى تطال أخلاق شخصية مرموقة دون أدلة، وغيرها الكثير من الشائعات التي أصبح تداولها سمةً من سمات مجتمعاتنا اليوم، معززةً بسهولة التواصل وتبادل المعلومات عبر شبكة الإنترنت. لكن كيف ولمَ تنتشر الشائعات؟ وما دلالاتها؟ وكيف تحمي نفسك منها؟ نجيب عن هذه الأسئلة من خلال المقال التالي.
الشائعة ظاهرة بشرية
لطالما انتشرت الشائعات و”القيل والقال” بيننا على الدوام. في عام 1947، درس عالما اجتماع أميركيان ظاهرة الشائعات من خلال نشر قصة ضمن مجموعة تتألف من 100 متطوع، وكان على كل منهم نقل القصة التي سمعها للشخص التالي وخلص العالمان إلى 3 نتائج رئيسية للتجربة وهي:
- مع كل مرة انتقلت فيها القصة اختُزل جزء من تفاصيلها: فمن أصل 100 تفصيل تضمنتهم في البداية، تبقى 36 تفصيلاً فقط في نهاية الأمر.
- مع كل مرة انتقلت فيها القصة كانت تُضاف إليها تأكيدات جديدة: احتفظ كل شخص بتفاصيل معينة وأبرزَها وأضاف إليها تفسيرات لجعل قصته أكثر تماسكاً؛ أي أن كل شخص أضاف تفسيراته الخاصة إلى القصة الرئيسية.
- غيّر كل شخص القصة الرئيسية بما يتلاءم مع قيَمه: ما أدى إلى تشويه الحقائق الأولية.
مصدر غير معروف
كيف تنشأ الشائعة؟ إنه سؤال نتغاضى عنه غالباً. إن أبرز ما تتميز به الشائعة هو عدم قدرتنا على تحديد مصدر المعلومة التي تتضمنها، وعندما نحاول ذلك نجد الأمر مستحيلاً فهي تنتقل بسرعة بين كثير من الأشخاص الذين لا يعرف بعضهم بعضاً.
ما دلالات الشائعات؟
في أغلب الأحيان تكمن خلف الشائعات دوافع معينة، وحتى لو كانت غالباً نتاج خيال جماعي فإنها ترتبط دائماً بمصادر قلقنا وخوفنا ونوازعنا، وهو ما حلله إدغار موران (Edgard Morin) وفريق من الباحثين في كتاب بعنوان “شائعة اورليانز” (La Rumor d’Orléans)؛ إذ تحدّث عن شائعة انتشرت في وقت ما وكان مفادها أن غرف القياس في بعض المتاجر في مدينة أورليانز هي بمثابة فخاخ لاختطاف العديد من العملاء وتسليمهم لتجار الأعضاء البشرية؛ لكن ماذا كان وراء هذه الشائعة؟ في الحقيقة كان سببها اختلاف المعتقدات الدينية لا أكثر!
لمَ نهتم بالشائعات؟
ما تفسير اهتمامنا الشديد بالشائعات؟ إن جو السرية الذي يحيط بالشائعة يمنح متلقيها شعوراً زائفاً بأنه يتمتع بأفضلية ما وبأنه يحتفظ بجزء خفي من الحقيقة التي ستتكشف فجأة، ومن جهة أخرى فإن الشعور بالاطلاع على خفايا الأمور بهذه الطريقة يعزز تبني نظرية المؤامرة؛ إذ تدعم الشائعات ظن الأفراد بأن ثمة ما يتم إخفاؤه عنهم.
من الأمثلة المشهورة على الشائعات انتشار أخبار على الإنترنت بُعيد وقوع كارثة مفاعل فوكوشيما النووي باليابان، مفادها أن قلب المفاعل سوف يغوص بعمق هائل في الأرض ولكن العلماء أنكروا الأمر. تُعد مسائل الطاقة النووية مادةً دسمةً للشائعات بسبب القلق الذي تثيره ونقص المعرفة في هذا المجال؛
وهذا ما يفسر سبب اعتبار الشائعات أيضاً وسيلةً للدعاية أو زعزعة الاستقرار الاقتصادي أو السياسي ومثالها تلك التي طالت سمعة أحد البنوك الكبيرة منذ عدة أعوام.
فكّر بروية لتتجنب الوقوع في فخ الشائعات
لتتجنب الوقوع في فخ الشائعات احذر من أي معلومات ليس لها مصدر موثوق ومن خلال طرح بعض الأسئلة ستدرك على الفور أن المعلومة المتناقلة لا أساس لها.