5 نصائح للتواصل مع الآخرين بطريقة أفضل

التواصل بشكل أفضل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لم يسبق لنا تبادل الرسائل بقدر ما نفعل في هذا العصر الرقمي الذي نعيش فيه. لكن السؤال هنا، هل نحن نتواصل حقاً؟ سواء على مستوى العائلة أو الحياة الزوجية أو العمل، فإنه ليس من السهل أن ننشئ حواراً بنّاءً ضمن علاقاتنا. نقدم لكم فيما يلي بعض النصائح، لمساعدتكم على التواصل بشكل أفضل وإعادة التواصل إلى حياتكم مجدداً.

  1. كن واضحاً ومفهوماً
  2. كن مستمعاً جيداً
  3. تقبّل الاختلاف
  4. ضع هاتفك جانباً
  5. بعض الأمثلة العملية على التواصل بشكل أفضل

1. كن واضحاً ومفهوماً

هناك مثل يقول: “إن ما يُصوَّر بطريقة صحيحة، يمكن الإفصاح عنه بوضوح”. وليس أسلوب الكلام مهماً بقدر أهمية الكلمات المنتقاة للتعبير عن الفكرة أو الطلب أو الرغبة.

توضح مختصة علم النفس ماري آندرسن؛ مؤلفة كتاب: “كل شيء يُحل بالكلمات” (Tout s’arrange avec des mots): “نفترض خطأً -لا سيما في العلاقات الزوجية- أن المستمع يتلقى رسالتنا الشفوية كما نريد أن ننقلها إليه تماماً. وفي كثير من الأحيان؛ نتحدث دون التفكير فيما نقوله حقاً، وقد يكون ذلك مفيداً خلال حواراتنا اليومية؛ ولكن في حالة حدوث مشكلة ما، أو في أثناء مرور العلاقة الزوجية بحالة من التوتر، فمن الضروري أن نزن كلماتنا ونضاعف انتباهنا. ولذلك ترى مختصة علم النفس أنه من الضروري أن نُكيف خطابنا خلال التواصل بشكل أفضل مع الآخرين، وفقاً لثلاثة مستويات من الانتباه:

● المستوى صفر

وهو سياق المناقشات اليومية؛ حيث نترك كلماتنا تتدفق بحرية. ولا هدف من التواصل مع الآخرين في هذه الحالة، سوى إنشاء روابطَ اجتماعية.

● المستوى الأول

في مواجهة مشكلة ما، أو عند الحاجة إلى اتخاذ قرار مشترك، من المستحسن أن تسأل نفسك: “ماذا الذي أرمي إليه بالضبط؟”؛ “ما هي رغبتي بالضبط؟ “. يتيح لنا التفكير بهذه الطريقة تنظيم أفكارنا، وهو أمر ضروري في حوارات أكثر تعقيداً.

● المستوى الثاني

بعد أن حددنا ما نريد قوله بالضبط، يتعين علينا الآن أن نسأل أنفسنا: “كيف سننقل الرسالة إلى مُحاورنا؟” لذا يجب أن نُكيف خطابنا وفق ما نعرفه عن الآخر، وعن طريقته في التواصل. على سبيل المثال؛ إذا كنا نحاور شخصاً حساساً، فيجب أن نحرص على عدم إزعاجه بكلامنا، إذا أردنا منه أن يفهم رسالتنا.

2. كن مستمعاً جيداً

في حين أن انتباهك لما تقوله هو الخطوة الأولى نحو تواصل ناجح، فإن من الضروري معرفة كيفية الاستماع إلى الآخر أيضاً.

فبعدم وجود استماع متبادل بين الطرفين، سيتحول الحوار إلى مجرد مونولوغ (حديث النفس) من صوتين اثنين؛ حيث يبقى كل طرفٍ في مكانه دون أن يكون هناك نقاش فعلي بينهما.

تقول ماري آندرسن: “يمكن تشبيه التواصل بممارسة الرقص، فعندما تكون مستمعاً، تسترشد “بحركة” الآخر، وتتبع خطواته، دون محاولة تغيير سرعة الرقص أو إيقاعه بما يتناسب معك.

وتتابع: “هناك طريقة لممارسة الاستماع بأفضل ما يمكن؛ وهي أن تتخيل نفسك الراكب بجوار سائق السيارة، وتوضح ذلك قائلةَ: “الاستماع هو أولاً وقبل كل شيء اختيار مشاركة لحظة مع الآخر، بقصصه وخياراته وقراراته، داخل “سيارة الحياة”. وإذا لم تكن في وضع يسمح لك بفهم كل شيء حول تلك الأمور، فعليك الامتناع قدر الإمكان عن الحكم على الآخر، فعجلة القيادة ليست بين يديك، وليس هناك أسوأ للسائق من التعرض للانتقاد المستمر بسبب طريقة قيادته. وبالمثل؛ لا يمكنك الضغط على الفرامل، أو زيادة السرعة بدلاً عنه. لذلك يجب أن تتركه يتكلم وفق وتيرته الخاصة، وأن تتجنب استعجاله أو مقاطعته في أثناء كلامه، وتحافظ على دور المستمع، وجلّ ما يمكن أن تطلبه منه خلال حديثه هو أن يوضح أفكاره، وأن يتحدث بصراحة؛ وهو ما يرقى إلى تفعيل المصابيح الأمامية لإنارة الطريق له. إن الاستماع إلى الآخر بصمت تام، يخلق بيئةً مطمئنةً له تشجّعه على التحدث”.

3. تقبّل الاختلاف

يُعد التواصل لعبةً لشخصين (على الأقل)، وتتطلب معرفة كيفية التوصل إلى تفاهم وعدم نسيان أن الهدف الرئيسي من الحوار، هو إثراء هذا التواصل. لذلك فهي ليست معركة غرور، هدفها جعل الآخر يقبل رغباتنا أو آرائنا أو مطالبنا، طواعيةً أو بالقوة، فهذا يُعد أسلوب النزاعات؛ حيث يتلاشى البحث عن اتفاق متبادل؛ ما يفسح المجال أمام صراع لا يرحم لتحديد من هو على حق. ولتجنب هذا المأزق، فمن الضروري التحلي بالتواضع خلال عملية التواصل.

هناك طرق عديدة لممارسة الإرهاب العلائقي؛ كأن يعبر الشخص عن غضبه دون ضبط نفسه، أو أن يمنع الآخر من التعبير عن نفسه، ويجعله يشعر بالذنب، ويرفض الاستماع إليه.. وبهذا الأسلوب؛ ينحدر التواصل إلى مجرد محاولة للسيطرة على الآخر، وهو من الأساليب المفضلة لدى الأشخاص المتلاعبين! إن السبيل الأمثل لتجنب وضع كهذا، هو أن تقبل استجواب نفسك، لتكون قادراً على أن تقول للآخر: “أنا أفهم موقفك”، بأكبر قدر ممكن من الصدق. من المهم جداً -حتى خلال حوار يتسم بالتوتر- أن تعبر للآخر عن موقفك، وأن تستمع إلى وجهة نظره. وإذا كان من الصعب تحقيق التوافق، بسبب جو التوتر الذي يسود حتى في الأوقات العادية، فمن الضروري أن يكون لديك الذكاء لاتخاذ خطوة للوراء وتهدئة الأمور”.

4. ضع هاتفك جانباً

نتبادل يومياً، الكثير من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية. وينطوي أسلوب التواصل الجديد وشبه القهري هذا، على تناقض كبير، فبينما يؤدي إلى حالة “الإرهاق بسبب التواصل”، إنه يكشف أيضاً عن الحاجة إلى إعادة إنشاء حوار بنّاء ومُثرٍ حقيقي، في علاقة المرء مع أطفاله أو أصدقائه، ومن هنا تأتي الحاجة إلى تخصيص مساحات معينة تمتنع عن استخدام الهاتف المحمول فيها. على سبيل المثال؛ عندما تجلس على الشرفة أو تجلس إلى الطاولة مع الآخرين، اترك هاتفك في حقيبتك؛ إذ ستولي بذلك اهتماماً أكبر لما يقوله الآخر، والمشاعر التي سيثيرها كلامه في نفسك. وتشير ماري أندرسن إلى ضرورة عدم إعطاء الرسائل، أو رسائل البريد الإلكتروني، أولوية على المحادثة المباشرة؛ إذ تقول: “نحن لا نختار دائماً متى يرغب الآخر في التحدث إلينا، وينطبق ذلك بصورة خاصة على الأطفال، فإذا لم تضع هاتفك جانباً وتستمع إليهم عندما يبدون رغبة في التعبير عن أنفسهم، فهناك احتمال كبير ألا تتكرر هذه المناسبة مرةً أخرى. يمكنك تخزين الرسالة أو البريد الإلكتروني والعودة له لاحقاً. إن تخصيص وقت خالٍ من استخدام الهاتف المحمول، أو الاتصال الرقمي، يجعل من الممكن أيضاً إيجاد الطاقة المواتية لحوار ذي فائدة ومعنىً”.

5. بعض الأمثلة العملية على التواصل بطريقة أفضل

● التواصل الجيد مع الطفل

غالباً ما نتخيل الطفل كصفحة بيضاء، يجب أن نملأها بكلماتنا وتعليماتنا، ونصائحنا، وإرشاداتنا. لكن الطفل يحتاج إلى التعبير عن نفسه والاستماع إليه حقاً – كما توضح ماري أندرسن. لذا لا تتردد في دعوته ليشرح لك ما يشعر به بوضوح قدر الإمكان، وحاول فهم منطقه. على سبيل المثال؛ عندما لا يرغب الطفل في الذهاب إلى المدرسة، فإننا نميل إلى أن نجد ذلك أمراً طبيعياً، ونحاول التقليل من أهمية الموقف قائلين له: “ليس الأمر بهذا السوء، فالمدرسة إلزامية وما إلى ذلك”. بدلاً عن ذلك؛ يمكنك تخصيص 5 دقائق لتحديد سبب قلق الطفل بشأن المدرسة، هو أمر ضروري لتواصل جيد مع طفلك، واكتشاف صعوبات الاندماج التي قد يعاني منها، والعوائق التي تواجهه في المدرسة، ومخاوفه التي لم يتمكن من تحديدها بعد.

● بناء علاقات صحية مع الأصدقاء

“تقوم بعض علاقات الصداقة على سلوك النميمة. ويبدو أن التحدث بالسوء عن شخص ما في غيابه، يمنح الأشخاص الذين يتشاركون هذا الحديث شعوراً بالترابط بينهم؛ لكن هذا النوع من العلاقات لا يثير في النفس سوى الشك وعدم الثقة وأسئلة من قبيل: “إذا سمح هذا الشخص لنفسه أن يتحدث بالسوء عن أحدهم، فما الذي يمنعه من فعل الشيء نفسه معي؟”. ولتجنب الدخول في سجل النمامين؛ يكفي أن نمرر أفكارنا عبر ثلاثة مرشحات متتالية كما اقترح الفيلسوف سقراط وهي: “هل ما سأقوله صحيح؟ هل ما أريد قوله إيجابي؟ وأخيراً؛ هل كلماتي مفيدة للآخر، هل تجلب له شيئاً حقاً؟”.

● تحدثا مع بعضكما البعض تحت أغطية السرير

هناك دائماً مجال للتواصل حتى خلال الأجواء الحميمية! وبينما قد تنطوي العلاقة على مجرد تبادل للأوامر بين الطرفين، فإنه يمكن للكلمات، أن تحل الكثير من المشكلات المتعلقة بالنشاط الجنسي للزوجين. على سبيل المثال؛ عندما يشعر الزوج بانخفاض في رغبته الجنسية، وحتى لو لم يكن ذلك واضحاً دائماً، فإن عليكِ محاولة فهم السبب وراء ذلك، فهل يشعر بالتوتر مثلاً؟ أم هنالك سبب آخر؟ ويرتبط انخفاض الرغبة الجنسية لدى الذكور والإناث أحياناً، بأشياء مسكوت عنها تحدث في أثناء العلاقة، و نعتقد خطأ أنه لا ضرورة لمناقشتها.

أخيراً؛ من المهم أن نستغل أي فرصة متاحة لنتحدث إلى بعضنا البعض و”التواصل بشكل أفضل”، دون حواجز أو تعقيدات.

المحتوى محمي !!