4 طرق تساعدك على التحرر من ماضيك الأليم

التحرر من ماضيك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تقول المعالجة النفسية المتخصصة في تحليل الأمراض النفسية عبر الأجيال، ومؤلفة كتاب “التحرر من الماضي الأُسري” (Guérir de sa famille)، جولييت ألايس (Juliette Allais): “تخيَّل أننا نحمل على كواهلنا صندوقاً مغلقاً ورثناه عن أجدادنا دون أن يجرؤ أحد على فتحه لمعرفة ما فيه من الأسرار”. علم الأنساب النفسي أحد الأساليب العلاجية التي تساعدك على التحرر من ماضيك الأليم. سنتناول في السطور التالية آخر ما توصّلت إليه دراساتنا للعثور على أنسب سبل المساعدة استناداً إلى خبراتنا العملية في هذا السياق.

هناك عدة طرائق علاجية تساعدك على التحرر من ماضيك الأليم. فكيف تختار بينها؟ هل تستخدم علم الأنساب النفسي أم التحليل النفسي أم العلاج بالقبول والالتزام أم إزالة الحساسية وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين؟ سنتناول في السطور التالية آخر ما توصّلت إليه دراساتنا للعثور على أنسب سبل المساعدة استناداً إلى خبراتنا العملية في هذا السياق.

1. حرِّر نفسك من عبء أسلافك

التحرر من ماضيك باستخدام علم الأنساب النفسي

تقول المعالجة النفسية المتخصصة في تحليل الأمراض النفسية عبر الأجيال، ومؤلفة كتاب “التحرر من الماضي الأُسري” (Guérir de sa famille)، جولييت ألايس (Juliette Allais): “تخيَّل أننا نحمل على كواهلنا صندوقاً مغلقاً ورثناه عن أجدادنا دون أن يجرؤ أحد على فتحه لمعرفة ما فيه من الأسرار”. 

يرمز هذا الصندوق إلى الأحداث التي وقعت في تاريخنا الأُسري ولم يستطع أسلافنا فهمها أو قبولها، وقد يجد بعض أحفادهم صعوبة في التعايش معها. وسواءً ظهرت آثار حمل هذا الصندوق في أفراد الأسرة في شكل أعراض جسدية أو نفسية، أو انتابهم شعور بأن كواهلهم تنوء بمعاناة شخص آخر، فإنهم يجدون أنفسهم أسرى الماضي الأليم لأُسرهم أو معتقداتها المغلوطة أو محظوراتها التي تمنعهم من صناعة حاضرهم بأنفسهم. 

ولكي تكتب قصتك دون وصاية من أحد؛ تنصح جولييت ألايس أولاً وقبل كل شيء، بتحديد ما لا يعنيك والوقوف على الأشياء التي تسلبك القدرة على بناء هويتك الحقيقية. ويقتضي الأمر عندئذٍ رسم شجرة العائلة دون محاولة حذف شيء منها أو إغفاله. 

قد لا يعرف البعض موقعهم على شجرة عائلاتهم أو يخترعون لأنفسهم نسباً وهمياً؛ ولكن هذا خطأ غير مقبول فنحن أبناء والدينا فقط، وهذا هو نسبنا الوحيد”! ولكن للعثور على أعباء ماضينا الأُسري وتحرير أنفسنا منها، ما يزال يتعين علينا التخلُّص من النسخة الزائفة من تاريخنا، وإعادة أسلافنا إلى مكانهم الحقيقي واحترام تاريخهم.

2. حرِّر نفسك من التكرارات التي تسبّب لك المعاناة

التحرر من ماضيك باستخدام التحليل النفسي

تؤكد مؤلفة كتاب “أثر الأريكة” (L’Effet divan)، فاليري بلانكو (Valérie Blanco) إن: “التحليل النفسي تجربة مرهقة ومكلفة تأخذنا في رحلة طويلة للتعرُّف إلى ما نود أن نواصل تجاهله وقمعه من خلال كبت مشاعرنا”. 

ويرى المؤمنون بنظرية التحليل النفسي اللاكاني (Lacanianism) أننا: “عالقون في منهج لا واعٍ يرتكز على القرارات والأحداث والمواجهات الأُسرية؛ وهو ما يقودنا إلى تكرار الوقوع في المآزق نفسها، والغريب في الأمر أننا قد نجد فيها أيضاً إحساساً بالمتعة”. 

على سبيل المثال؛ إذا تم رفضك باستمرار من قبل شركائك، فذلك لأنك تكرر ماضيك دون أن تدرك ذلك، وأيضاً لأنك تجد فيه شعوراً غريباً بالرضا واللذة؛ مثل إعادة إحياء النمط نفسه من العلاقات التي كان أحد والديك يرفضها. 

وتضيف فاليري بلانكو قائلة: “من المؤكد أن التحليل النفسي يستغرق عدة سنوات ولكنه يرمي إلى استخدام أسلوب السرد القصصي لتتبع المشكلة وصولاً إلى جذورها، ومن ثم التوصُّل إلى إطار عمل هذا المنهج اللاواعي والجوهر الحقيقي للإنسان الذي يجعله متفرداً عن غيره؛ حيث نتعرَّف إلى تلك اللحظة الصعبة للغاية من “الوجود” والأسباب الجذرية للشعور بخيبة الأمل، لندرك أن السبب الأساسي لعدم ارتياحنا مرتبط بشعورنا بالنقص وبعدم قدرتنا على إخبار أنفسنا بالقصة الكاملة من خلال الأسلوب السردي. وندرك عندئذٍ أنه لا يوجد شيء آخر يمكن قوله، ويفقد الكلام قيمته. وعند حافة الهاوية، يمكننا المراهنة بعد ذلك على خيارات مستنيرة والاكتفاء بالاستمتاع الدائم مكوّنين علاقة جديدة بالعالم، ويتحول التحليل النفسي في نهاية المطاف إلى تجربة حية مفعمة بالحيوية والحرية تتيح للمرء الاستمتاع بحياته”.

3. حرِّر نفسك من السلوكيات التي باتت غير ملائمة

التحرر من ماضيك باستخدام العلاج بالقبول والالتزام

يقول مؤلف كتاب “العلاج بالقبول والالتزام: التطبيقات العلاجية” (ACT: applications thérapeutiques)، الطبيب النفسي جون كريستوف سيزنك (Jean-Christophe Seznec): “يمكن تشبيه أحداث الحياة والعواطف بالأمواج، فإذا عانى البعض آلاماً نفسية يتقوقع على نفسه، وإذا حاول أن يفهم طبيعة الموجة التي تشهدها حياته في اللحظة الحالية يزيد الأمور تعقيداً! وبدلاً من ذلك، فإن العلاج بالقبول والالتزام يقتضي الترحيب بما تحمله لنا الحياة وركوب الموجة من أجل العيش وفقاً لقيمنا، وهكذا فإننا نعزز حدسنا ومرونتنا النفسية وقدرتنا على اتخاذ الخيارات”. 

وتنطوي هذه الطريقة التي تُعد جزءاً من “الموجة الثالثة” من العلاج السلوكي المعرفي، على 4 مراحل: المراقبة والترحيب والتفاوض والمعايشة. مثال: قد تلتقي شخصاً في أثناء اجتماع العمل كنتَ على خلاف معه. ربما تُكنَّ نحوه مشاعر عدوانية من قبل (“يا له من شخص مزعج!”) أو ربما كنتَ تقلل من قيمة نفسك (“أنا مقرف، كان هذا خطئي!”). 

وينصح الطبيب النفسي الذي يعلِّم تأمل اليقظة الذهنية لهذا الغرض: “بدلاً من أن تدع مشاعرك تتحكّم فيك (كالارتعاش وصعوبة التنفس، إلخ) وبدلاً من الاستسلام لعواطفك (كالغضب والقلق، إلخ) وأفكارك، راقب ما تمر به وتقبَّله”. 

تقوم فكرة هذه الاستراتيجية على أن تستبدل بالعبارات التي تبدأ بكلمة “يجب عليّ” أو “ينبغي لي” عبارة “أختار أن” وفقاً للسياق، ثم تفاوض وتفكر في السلوك الأنسب لقيمك، وأخيراً تلتزم: “لسنا مسؤولين عن عواطفنا بالتأكيد لكننا مسؤولون عن استخدام طاقة الغضب للتشاحن أو لمحاولة فرض آرائنا في الاجتماعات أو إثبات مكانتنا”.

4. حرِّر نفسك من الصدمات التي تعرقل حياتك

التحرر من ماضيك باستخدام أسلوب إزالة الحساسية وإعادة المعالجة عن طريق حركة العي

تقول مدرِّبة إزالة الحساسية وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين في أوروبا، إيزابيل مينانت (Isabelle Meignant): “تشكّل الصدمة النفسية حدثاً وقع في الماضي لكنه يعرقل حياتنا في الحاضر. وسواء كانت هذه الصدمة بسيطة؛ أي خللاً نفسياً عاناه المرء عدة مرات مثل إهمال الوالدين لطفلهما في صغره، فينشأ معتقداً أنه كائن غير ذي أهمية، أو صدمة كبيرة؛ أي لحظة محددة تتميز بخوف شديد (كما يحدث للإنسان إثر تعرُّضه لحادث أو هجوم مباغت أو وقوعه ضحية للعنف الجنسي أو تعرُّض امرأة لولادة متعثرة، إلخ)، فإنها تترك آثاراً فيزيولوجية، ويحاول المرء حينها إخفاء المعلومات المؤلمة لهذا الحادث في الجهاز الحوفي؛ ما قد يؤدي إلى إعادة تنشيطها عند أدنى إشارة (كسماع صوت أو اشتمام رائحة أو الشعور بعاطفة أو رؤية صورة، إلخ) تستدعي الحدث في ذهنه”. 

ويؤدي تحريك أعيننا من خلال أسلوب “إزالة الحساسية وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين” إلى تحفيز عملية طبيعية للتكامل العصبي العاطفي. تضيف إيزابيل مينانت: “تحقق هذه الحركة نتائج فورية، فبمجرد إعادة معالجة الحدث نتذكره ولكن دون أن نعانيه مجدداً”.

وتؤكد إنه ليس من الضروري إخبار الحقائق، وتوضح هذه النقطة قائلة: “إذا كان لدينا شخص يعاني القلق المزمن، فإننا نكتفي بأن نطلب منه تحديد أقدم ذكرى تجيش في نفسه (كان عمري 5 سنوات، إلخ)، ثم نلتقط الاعتقاد المكتسَب في هذه اللحظة (أعيش سجين كذا، أشعر بخطر، أشعر بأنني غير محبوب، إلخ)، والعواطف ذات الصلة (الخوف، الشعور بالخزي، الحزن، إلخ) والذاكرة الدلالية (الإحساس بالجمود والوخز، إلخ) قبل تنشيط حركات العين الثنائية، ثم ندع عملية الشفاء تحدث دون تدخل أو تفسير ولكن مع دعم المريض”. وتخلُص إلى أن بعض الإصابات يتطلب عدة جلسات، والبعض الآخر يتم علاجه بسرعة كبيرة.

اقرأ أيضاً: ما الذي جعل علم الأنساب النفسي يزدهر مؤخراً؟

المحتوى محمي !!