كيف تحسن الأم والبنت علاقتهما بعد خصام وتوتر؟

الأم والبنت
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تقول إحدى الأمهات: “أثق بابنتي وبحصافتها، ونحرص دائماً على تبادل الرأي والمشورة دون أن يحاول أحدنا فرض رأيه على الآخر”. وتقول إحدى البنات “أمي امرأة رائعة، فهي طيبة ولطيفة المعشر. أثق فيها ثقة تامة، وأعلم أنه يمكنني دائماً الاعتماد عليها على الرغم من أنني لا أخبرها بالضرورة بكل شيء، فهذا ليس شأن الآباء والأمهات في نهاية المطاف”. ليس شرطاً أن يقع حدث كبير في حياة الأم والبنت حتى تنهار العلاقة بينهما تماماً أو لكي تكونا على وفاق تام. تعرف في السطور التالية إلى قصص بعض الأمهات والبنات حول علاقتهم ببعضهم.
ليس شرطاً أن يقع حدث كبير في حياة الأم والبنت حتى تنهار العلاقة بينهما تماماً أو لكي تكونا على وفاق تام، فقد تفرقهما الحياة أو تجمعهما لأتفه الأسباب وأبسطها، وتتحدث الأمهات وبناتهن في السطور التالية عن الأسباب التي أدت إلى حدوث الوفاق بينهما.

“تلاشى شعوري بالذنب؛ ما أدى إلى إحساسنا بالراحة النفسية”

كاميليا، 56 عاماً

“وُلدت أسمهان قبل شهرين من الموعد المحدَّد لولادتها، وظللتُ لفترة طويلة جداً من الزمن أسيرة الشعور بالعجز عن تقديم الدعم المناسب لها كأم، حتى إنني كنتُ أشعر أحياناً بأنني قد خذلتها؛ ما دفعني إلى الشعور بأنني لستُ أهلاً لمسؤولية تربيتها منذ ولادتها، وظل هذه الشعور يلازمني لسنوات عديدة، وأحسستُ في كثير من الأحيان بأنني أمٌ خرقاء؛ بل ومُتعِبَة في بعض الأحيان. لكن هذا كله تغير الآن، فقد شبَّت أسمهان وأصبحت فتاة طويلة القامة، قوية وصلبة، وجميلة! باتت أسمهان الآن تتحكم في مقاليد علاقتنا، ولم أمانع في ذلك. ومن أهم ما يميز أسمهان صراحتها، فهي تعرف كيف تعبّر عن احتياجاتها، ولا تتردد في السعي إلى الحصول على ما تريد خارج محيطنا الأُسري إذا لزم الأمر. ربما كان سلوكها صادماً لي في البداية؛ لكنه يجعلني اليوم أشعر بالطمأنينة. في الواقع، هي مختلفة جداً عني ولكنني معجبة غاية الإعجاب باختلافها ذاك، فمن الجيد ألا تبدو مشابهة لي. وقد تأثرتُ كثيراً حينما طلبت مني المساعدة في الاستعداد لامتحانات شهادة الثانوية، وهكذا أصبحت حياتنا معاً تسير على خير ما يرام. كما أنني أحب التسوق بصحبتها لأنني أكره التسوق وحدي، أثق بها وبحصافتها، ونحرص دائماً على تبادل الرأي والمشورة دون أن يحاول أحدنا فرض رأيه على الآخر. وتحنو كل منا على الأخرى، والعجيب أن إحدانا أمست تحضن الأخرى أمام التلفزيون كما كان يحدث حينما كانت طفلة صغيرة، وأحرص دائماً على تلبية طلبها، حتى إذا كنت أريد اختيار برنامج آخر! لقد تلاشى شعوري بالذنب تدريجياً، وهو ما يمنحنا الحرية لنتقرّب من بعضنا أكثر وأكثر، نفسياً وجسدياً. ولأن هذه الفتاة الشابة عاقلة وتتصرّف بحكمة، فإن علاقتنا تتصف بالنضج والمودة. لقد جعلتني أثق في نفسي وبأنني أصلح لأداء دوري كأم”.

“بدأتُ أتعرف إلى شخصيتها الحقيقية”

نجوى، 18 عاماً

“أمي امرأة رائعة، فهي طيبة ولطيفة المعشر. أثق فيها ثقة تامة، وأعلم أنه يمكنني دائماً الاعتماد عليها على الرغم من أنني لا أخبرها بالضرورة بكل شيء، فهذا ليس شأن الآباء والأمهات في نهاية المطاف. ويتميز أفراد أسرتي بالحياء والخجل الشديدَين، وعلاقتي معها ليست استثناءً من هذه القاعدة؛ ولكن عندما نمنح أنفسنا الفرصة لنكون معاً فإننا نشعر بأننا قريبتان من بعضنا جداً، وأحب أن تسير علاقتنا على هذا النحو. ونتناول الغداء معاً في أغلب الأحيان، وقد اعتدنا في الأشهر الأخيرة قضاء الكثير من الوقت في التفكير في مستقبلي التعليمي والاستعداد لامتحانات شهادة الثانوية. وإن أردت مساعدتها، فما عليّ إلا أن أسألها العون فتهرع إلى تلبية النداء، ومن ثم فقد ترسّخ لديّ انطباع بأنني أتعرف إليها من جديد وأكتشف شخصيتها الحقيقية. وأنا الآن في سن المراهقة، وأحاول التعرف على الحياة والناس من حولي؛ بمن في ذلك أمي. حتى ذلك الحين، كنتُ على رأس أولوياتها؛ لكن يبدو أن هذا الوضع يتغير وأنا حريصة جداً على تغييره. لقد صرتُ أكثر استقلالية وقل وجودي في المنزل شيئاً فشيئاً؛ لكن علاقتنا تعود إلى التوازن من جديد بصورة تدريجية. أعلم أنني أستطيع اللجوء إليها في أي وقت وحين، وأنني كلما كبرت زادت قوة العلاقة بيننا”.

“هذا المشروع وطّد علاقتنا”

سمر، 57 عاماً

“لم تكن علاقتي بأمي سوية على الإطلاق، لذا لا أعرف كيف يجب أن تكون العلاقة السوية بين الأم وابنتها؛ لكن حينما صرتُ أماً لابنتيّ الاثنتين، شعرتُ بأن تلك أجمل التجارب وأهمها في حياتي. ولطالما كانتا قريبتين مني، حتى انفصالي عن أبيهما قبل 8 سنوات؛ ما أدى إلى شعورنا بأننا بعيدات عن بعضنا لكن بشكل مؤقت. كان علينا أن نتعلم الحفاظ على قوة الروابط التي تجمع بيننا، والانتقال من العلاقة بين أم وطفلتيها الصغيرتين إلى أخرى أكثر نضجاً بين أم وابنتيها الشابتين المستقلتين، وتمكنا من بناء علاقة تقوم على الحب المتبادل والندّية بيني وبينهما بوصفهما شابتين راشدتين. وعندما بدأت هند تحلم بتنفيذ مشروع يمكننا أن نعمل من خلاله معاً ولكن دون الانتقاص من استقلالية أيٍّ منا، ودون أن تحاول إحدانا ممارسة التسلُّط من أي نوع؛ بحيث نستطيع توطيد العلاقات مع عملائنا وبيننا، لم أتردد في الموافقة على تنفيذه، وتحمّست مريم للمشروع كثيراً. وقد ساعدنا إرث والدتي على افتتاح مطعم أطلقنا عليه اسم “الديار”، وقد عملنا معاً لبضع أشهر. لم يكن الأمر سهلاً ولكنه كان مثيراً، وتطلب اليقظة والانتباه الدائمَين. لقد أحببنا العمل فيه؛ ما أدى إلى توطيد أواصر العلاقة بيننا. وكان الحب أساس نجاحنا، فنحن نثق في بعضنا وقد تعلمنا منه أن نهتم ببعضنا بعضاً ونعتمد على تنوُّع المواهب التي تحظى بها كل منا. لقد جعلني مطعم “الديار” أقرب إلى ابنتيَّ ولكنه قرّبني أيضاً من أمي؛ لقد كان أول مشروع مشترك لنا، وأول “شركة عائلية” نتشارك فيها؛ هي وأنا”.

“إنها فرصة لمواجهة أنفسنا بما يفرق بيننا”

مريم، 30 عاماً

علاقتي بأمي جميلة للغاية لكنها علاقة شديدة التعقيد أيضاً؛ أحد أكثر الأشياء تعقيداً التي واجهتها في حياتي حتى الآن، فأنا أحبها حباً لا حدود له لكنني غالباً أشعر بأنها تطلق الأحكام عليّ وبأنني أخيّب أملها، مع العلم أن هذا ليس صحيحاً. لقد أنهيتُ دراستي منذ فترة طويلة، واكتسبتُ خبرات مهنية لا بأس بها، ووافقتُ على المشاركة في هذا المشروع الرائع معها ومع شقيقتي لأنني أؤمن بأن إنشاء مشروع مشترك مع الأشخاص الذين تحبهم أمر منطقي. وأستمد الشعور بالطاقة والحيوية من عملي في المطعم؛ كما أنه يجعلني أسرح بذهني في محاولة للتعرُّف إلى طبيعة العلاقة التي تربطني بأمي. وعلى الرغم من صعوبة أن أكون تحت نظرها طوال اليوم وروعة ذلك في الوقت نفسه، فإنني أقول لنفسي إنه قد حان الوقت الآن لمواجهة ما يفرق بيننا وتغييره وإلا فإن الفرصة ستضيع منّا إلى الأبد. لا أريد أن أهرب من الموقف، وهذا مهم جداً بالنسبة إليّ، وآمل أن يسمح لي قضاء كل هذا الوقت معها وعملنا معاً بأن نفهم بعضنا ونتعرّف إلى الأسباب التي تحول دون مرونة العلاقة القوية التي تربطنا معاً واستمراريتها. أريد أن تقرّبنا هذه التجربة حقاً”.

“العمل معاً نزع فتيل الخلافات بيننا”

هند، 28 عاماً

“كنت أشعر بالبعد عن شقيقتي وأمي حينما كانت كلٌ منا تنشغل بحياتها الزوجية وشؤونها الخاصة فلا نجد وقتاً لرؤية بعضنا بعضاً؛ لكن لم يستمر هذا الوضع طويلاً، فقد جاء مشروع مطعم “الديار” في وقت أرادت فيه كل منّا شيئاً يقرّبنا من بعضنا؛ لكن حبنا لبعضنا كأسرة لا يعني بالضرورة أننا نحب بعضنا في العمل! لقد أدى العمل معاً إلى دخولنا في بعض المشاحنات دون أن يقلقني هذا الأمر حقاً، فقد أكد لي ما أعرفه عنهما. كانت الأسابيع القليلة الأولى مشحونة بالتوتر لكن هذا لم يستمر طويلاً، فقد اقتربنا من بعضنا مجدداً وبدأنا نضحك مرة أخرى ونستمتع بوجودنا معاً. لقد وجدت كلٌ منا نفسها، فأنا أحب الاستقلالية بطبعي لكنني كنتُ أهتم أيضاً بمعرفة رأي أمي ولا أريد أن أحبطها. لقد أضفيت نوعاً من الحيوية على المكان؛ لكنها هي التي تمول المشروع ولم تكن لتنفّذ مشروعاً كهذا دوننا، ونحن حريصات على الحفاظ على رباطنا الوثيق والمهم لنا للغاية. وأنا مقتنعة بأن السبب في ذلك يرجع إلى أننا نحب بعضنا بعضاً؛ وهو ما يهيئ لنا سبل النجاح”.

المحتوى محمي !!