7 خطوات فعالة لمواجهة الآثار النفسية للأمراض المزمنة

الآثار النفسية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لم يكن ذلك النشاط غير معهود لسارة من قبل، فهي على مدار سنوات كانت تواظب على تقسيم يومها بين عملها والذهاب لنادي للسباحة ثم لقاء صديقاتها لتمتد ساعات أحاديثهن طويلاً. إلا أنه ذات يوم، وبعد شعورها بإرهاق شديد وعطش لم تعهده من قبل استمر لأسابيع؛ لم تعد تستطيع أن تؤدي تلك المهام والأنشطة اليومية بنفس الطاقة. فبدأت في التغيّب عن العمل لبضع أيام، ولم تعد قادرة على ممارسة تمرينات السباحة، لتذهب للطبيب ذات يوم فيفحصها ويطلب منها عدداً من التحاليل ويخبرها أخيراً أنها مصابة بداء السكري.

ما بين البقاء في حالة من الإنكار لبعض الوقت؛ تلتها حالة من الحزن ثم الخوف والقلق من التعايش مع مرض مزمن كالسكري. كان عليها مواصلة حياتها التي أصبح المرض جزءاً منها؛ مواصلتها مع البحث حول كيفية حماية نفسها من خطر الوقوع ضحية للإحباط الذي يلازم في كثير من الأحيان التعايش مع المرض المزمن.

الآثار النفسية للأمراض المزمنة

وفقاً لموقع كليفلاند كلينيك؛ تستمر الأمراض المزمنة لفترة طويلة -غالباً لمدة عام أو أكثر- وقد يواجه المريض بسببها صعوبات مستمرة في أداء المهام والأنشطة اليومية؛ ما قد يجعله بحاجة إلى رعاية طبية مستمرة. تتعدد تلك الأمراض لتشمل السكري بنوعيه، والانسداد الرئوي المزمن، وألزهايمر، والسرطان، وأمراض القلب، وغيرها.

في حين أن لكل مرض أعراض ومضاعفات بعينها؛ إلا أن هناك بعض الأعراض غير المرئية التي قد تنتج عن طبيعة المرض المزمن، وتأثيره على نمط حياة الفرد بشكل عام. تشمل تلك الأعراض الألم، اضطرابات المزاج، القلق والاكتئاب، كما يمكن أن يصبح الإرهاق شيئاً متكرراً على مدار اليوم.

كما قد تنتج عن بعض الأمراض المزمنة تغيرات جسدية تؤثر على المظهر؛ مثل سقوط الشعر في بعض حالات السرطان. ويمكن لهذه التغيرات أن تحطّم الصورة الإيجابية للذات وتُضعف الشعور بالرضا؛ ما ينتج عنه الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية والابتعاد عن الدوائر الاجتماعية والأصدقاء.

بالإضافة إلى ذلك، فقد يؤثر المرض المزمن على القدرة على العمل؛ ما يدفع المريض إلى تغيير طريقة عمله، ومع ذلك التغيير قد يشعر بفقدان السيطرة على حياته وعدم اليقين بشأن المستقبل.

التعامل مع تشخيص المرض المزمن

إن الشعور بالضيق هو أمر شائع بعد تشخيص المرض المزمن. فمثاً تذكر “جين ناش” (Jen Nash)؛ الأخصائية النفسية، في كتابها “مرض السكري والعافية: إدارة التحديات النفسية والعاطفية لمرض السكري من النوعين 1 و2” (Diabetes and Wellbeing: Managing the Psychological and Emotional Challenges of Diabetes Types 1 and 2)، أن الضغط الناتج عن إدارة داء السكري يؤثر على قدرة الفرد على البقاء متحمساً ومشاركاً في مهام الرعاية الذاتية الأساسية التي تُعتبر حيوية لصحة جيدة، كما أن تشخيص ذلك المرض يرتبط بمشاعر الذنب والخزي لدى المريض.

هناك عدة مراحل قد يمر بها المريض أيضاً بعد تشخيص المرض؛ والتي قد تتمثل في الإنكار متبوعاً بعدم القدرة على التأقلم ومحاولة تعديل التطلعات وأسلوب الحياة الشخصية والعملية، فيحزن البعض على محنتهم قبل أن يتأقلموا معها، بينما قد يعاني البعض الآخر من ضائقة طويلة الأمد تكون لها عواقب سيئة على الصحة النفسية.

مثلاً في حالة الإصابة بمرض مزمن؛ قد يتظاهر المريض في بعض الأيام بأنه لم يتلقَ تشخيصاً بالمرض. لكن ذلك الأمر يكون دون جدوى؛ بل وقد يكون خطيراً عندما يتجاهل المريض أيضاً الأدوية المطلوبة. لذلك، فمواجهة التشخيص والاعتراف بالمرض هما أفضل طريقة للتعامل مع الأمر.

يتضح ذلك في دراسة من جامعة مانيتوبا بكندا؛ والتي أُجريت على النساء المصابات بسرطان الثدي، ووجدت أن النساء اللاتي شعرن بالاستسلام لمصيرهن كنّ أقل تكيُّفاً مع المرض من الناحية النفسية بعد ثلاث سنوات، مقارنة بالنساء اللاتي واجهن تشخيصهن.

كما وجدت دراسة أخرى من جامعة ولاية أوهايو الأميركية -أيضاً عن النساء المصابات بسرطان الثدي- أن المريضات اللاتي سعين للحصول على الدعم الاجتماعي واستخدمن استراتيجيات المواجهة النشطة مثل تطوير خطة للعمل، نعمن بمزيد من السلام الداخلي والرضا عن الحياة بعد عامين، مقارنة بالنساء اللاتي كن أكثر إنكاراً للتشخيص أو تجنبنه تماماً.

7 خطوات لمواجهة الآثار النفسية للمرض المزمن

بدايةً، فأفضل شيء للتغلُب على الآثار النفسية السلبية للمرض المزمن هو تدوين جميع الأسئلة حول التغيرات التي حدثت في نظام عملك أو عند ممارسة الأنشطة اليومية ومناقشتها مع الطبيب. وكذلك سؤاله عن الخطوات المحددة التي يمكنك اتخاذها لتحسين صحتك؛ حيث يمكن أن تساعدك المعرفة الدقيقة لطبيعة المرض وآثاره ومضاعفاته على الشعور بالقوة واستعادة السيطرة على حياتك.

حاول أيضاً إدارة العناصر الموجودة في حياتك والواقعة تحت سيطرتك. ففي حين قد لا تتمكن من التحكُّم في جوانب معينة من مرضك؛ يمكنك أن تقلل من التوتر عن طريق التخلي عن الالتزامات غير الضرورية.

وبحسب الموقع التابع لكلية الطب بجامعة هارفارد الأميركية؛ تتمثل الطريقة الأفضل للتعامل مع المرض المزمن في الخطوات التالية:

  1. استمع لجسدك وتتبَّع تغيراته: إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم، فتعلّم كيفية قياسه. يتيح لك هذا النوع من المراقبة المنزلية اكتشاف التغييرات التي يُحتمل أن تكون ضارة قبل أن تتطور إلى مشكلة حقيقية.
  2. كوِّن فريقاً: في حين أن استشارة الطبيب المختص أمر لا غنى عنه؛ يجب ألا يكون ذلك ملجأك الوحيد، فعليك أيضاً استشارة مختص التغذية لتحديد أفضل السلوكيات الغذائية المناسبة لك، وربما تحتاج لمدرّب لياقة بدنية في فريقك للمساعدة في الحصول على أفضل النتائج لصحتك الجسدية؛ حيث أن للرياضة دوراً مهماً في تحسين الحالة المزاجية.
  3. استثمر جيداً في نفسك: غالباً ما يتضمن علاج أي حالة مزمنة تغييرات في نمط الحياة؛ مثل الإقلاع عن التدخين، وفقدان الوزن، وممارسة الرياضة بشكل أكبر، والأكل الصحي. لذلك يتمكن الأشخاص الذين يجرون مثل هذه التغييرات من إدارة مرضهم بنجاح أكثر من أولئك الذين لا يفعلون ذلك. كما أن ذلك التغيير يعود بمكاسب جيدة على الصحة؛ مثل الشعور بتحسن عام في الصحة والعيش لفترة أطول.
  4. اجعله شأناً أسرياً: إن التغييرات في نمط الحياة التي تجريها للتخفيف من حالة مزمنة مثل ارتفاع الكوليسترول أو أمراض القلب، مفيدة للجميع تقريباً. بدلاً عن الذهاب للطبيب بمفردك، ادعُ أحد أفراد العائلة أو صديق للانضمام.
  5. تنظيم الأدوية الخاصة بك: قد يكون من السهل تذكُّر تناول حبة واحدة في اليوم؛ لكن إدارة عدد من الأدوية هي أمر شاق. إن معرفة الأدوية التي تتناولها، وأفضل ميعاد أو طريقة لتناولها، والمشكلات التي يجب الانتباه لها، لا يقل أهمية عن التعرُّف على حالتك.
  6. كن أكثر وعياً بالتقلبات المزاجية والاكتئاب: تصيب تقلبات المزاج والاكتئاب نحو ثلث الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة؛ ما قد ينتج عنه إهمال تناول الأدوية أو عدم زيارة الطبيب بانتظام. إذا شعرت بأي من تلك الأعراض الاكتئابية، فأخبر طبيبك فوراً.
  7. بناء شبكة دعم قوية: حاول أن تكوِّن شبكة دعم يمكنك الاعتماد عليها، والتواصل مع هؤلاء الأفراد حول أفضل السبل التي يمكنهم بها مساعدتك في إدارة مرضك.

كثيراً ما تتشابك خيوط الصحة الجسدية والنفسية. وفي حين قد يتوصّل البعض للأسباب الجذرية لتلك التغيرات ومحاولة علاجها، فقد يظل آخرون دون دراية بذلك؛ ما قد ينتج عنه تفاقم في مشكلات الصحة النفسية. لذلك، فالاستماع الجيد للجسد وتغيراته والمتابعة المستمرة مع الطبيب قد يكون حلاً مثالياً لتفادي تفاقم تلك المشكلات.

المحتوى محمي !!