الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

يتزوجون متأخرين ويخافون من المسؤولية: شباب اليوم ضحايا أم جناة؟

3 دقيقة
شباب اليوم
shutterstock.com/sergio victor vega

كنت أتصفح منصة تيك توك منذ عدة أيام وشاهدت مقطعاً قصيراً لمديرة الموارد البشرية في إحدى الشركات تشتكي فيه من أن الشباب حديثي التخرج الذين يتقدمون لشغل الوظائف بالشركة التي تعمل بها لا يتحلون بالقدر الكافي من المسؤولية وينهارون عند أول عقبة تقابلهم، إلى جانب انتشار تغيير وظائفهم باستمرار وعدم تطلعهم إلى الاستقرار وبناء حياة.

وفيما يبدو أن تلك الفكرة لا توجد في ذهن تلك المديرة فقط، فقد أجرينا في منصة نفسيتي استطلاعاً للرأي تضمّن سؤالاً محدداً، هو: هل أصبح شباب اليوم أقل نضجاً؟ وقد أجاب 88% من الأشخاص بالإيجاب بينما رأى 22% أن ذلك ليس صحيحاً، لذا سنحاول في هذا المقال السعي وراء الجذور في سبيل التحقق من مدى نضج شباب اليوم.

كيف يمكن رصد اتساع الفجوة بين الأجيال؟

يشير المعالج النفسي أسامة الجامع إلى أن حياة المدينة التي كانت في الماضي ليست مثلما هي عليه اليوم، ويتجلى ذلك في زيادة الضغوط والتنافسية ومتطلبات الحياة، ففي السابق على سبيل المثال كان يمكن العمل بالشهادة الابتدائية، أما اليوم فيجد الحاصل على البكالوريوس صعوبة في العثور على وظيفة مناسبة.

ويؤكد الجامع أن هذه الضغوط تجعل الشباب أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب والرهاب، متابعاً أن من الظلم في هذه الحالة وصف الجيل الحالي بأنه جيل هش نفسياً.

يظهر تأثير تلك الضغوط كذلك في تغير سن الزواج، فوفقاً لتقرير أصدرته الهيئة العامة السعودية للإحصاء عام 2020، بلغت نسبة الشبان والشابات الذين لم يسبق لهم الزواج في الفئة العمرية من 15- 34 سنة 66%، وعند سؤالهم عن أسباب تأخر سن زواجهم كان الرد الأكثر شيوعاً هو ارتفاع تكاليف المعيشة ومن بعده ارتفاع تكاليف الزواج.

اقرأ أيضاً: رسالة إلى شباب الجيل زد: حوّل ضعفك إلى قوة إذا كنت تعاني الهشاشة النفسية

ما الذي قد يجعل شباب اليوم أقل نضجاً؟

أحد الكتب المهمة التي يمكن من خلالها إلقاء نظرة على وجهة النظر الأخرى هو كتاب بعنوان: "الطفولية: كيف قتلت ثقافتنا مرحلة البلوغ؟"، (Infantilised: How Our Culture Killed Adulthood)، لمؤلفه أستاذ علم الجريمة في جامعة كوبنهاغن بالدانمارك (University of Copenhagen)، كيث هايوارد (Keith Hayward).

يضرب هايوارد مثالاً واضحاً يدلل من خلاله على ما يقصده بعدم نضج جيل الشباب الحالي بموقف حدث بين مدير كبير في السن وموظفة شابة عندما صحح لها خطأ لغوياً وقعت فيه، فما كان منها إلا أن اعترضت وأخبرته بأن هذه الطريقة التي تعتمدها لكتابة الكلمة ثم اتصلت بوالدتها وطلبت منها باكية أن تخبر مديرها ألا يتجاوز حدوده معها.

من وجهة نظر الكاتب فالأمر أعمق من موقف عابر؛ إذ يؤكد أن شباب اليوم هم أقل نضجاً من الأجيال السابقة، وهذا ما يراه خلال عمله الجامعي في حضور بعض الطلبة بملابس طفولية، وعندما يستفسر منهم عن سبب ارتدائها يخبرونه أنهم يحبون معاملتهم باعتبارهم أطفالاً لأن الانتقال إلى حياة الكبار أمر صعب.

يربط هايوارد بين الظاهرة السابقة وارتداء بعض الممثلين والإعلاميين ملابس عليها رسومات لشخصيات كرتونية، ويشير إلى مسؤولية المجتمع جزئياً عن واقع شباب اليوم نتيجة معاملتهم على أنهم أشخاص غير مسؤولين عن أفعالهم.

تشترك مع هايوارد في وجهة نظره أستاذة الطب النفسي بجامعة نيويورك (New York University) ياماليس دياز (Yamalis Diaz) التي تؤكد أن الطلاب الجامعيين اليوم قد يكونون أذكى من الناحية الأكاديمية، لكن لديهم مشكلات حقيقية في التخطيط وإدارة الوقت ومواجهة التحديات، وذلك نتيجة عدم امتلاكهم الخبرات الحياتية الكافية.

اقرأ أيضاً: "العمر مجرد رقم": دليلك لتجديد شبابك

الرأي الوسط: كل جيل له مشكلاته

يوضح المعالج النفسي كارل نصار (Carl Nassar) أن التسويق لفكرة عدم نضج جيل الشباب الحالي غير مطابق للواقع وفيه نوع من الظلم لهم، إذ إنهم يواجهون مشكلات لم تواجهها الأجيال السابقة لهم، مثل ارتفاع أسعار السكن وانخفاض الأجور وعدم استقرار العمل، وجميعها عوامل تجعل اختياراتهم محدودة إلى جانب تأثيرها في صحتهم النفسية بمعاناتهم اضطرابات مثل القلق والاكتئاب.

وهذا يوصلنا إلى استنتاج واضح مفاده أن سلوك كل جيل ونمط حياته نابعان بصورة أساسية من مشكلاته وتحدياته الفريدة من نوعها، لذا من غير المنطقي المقارنة بين جيل الشباب الحالي والأجيال التي سبقته دون الأخذ في الاعتبار التغيرات التي حدثت وتأثيرها فيهم.

اقرأ أيضاً: لماذا أصبح الشباب لا يردون على المكالمات الهاتفية؟ العلم يجيب

المحتوى محمي